عـن عـلاج الـزوجـة الـمـريـضـة
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

عـن عـلاج الـزوجـة الـمـريـضـة

 فلسطين اليوم -

عـن عـلاج الـزوجـة الـمـريـضـة

عبد الغني سلامة
بقلم : عبد الغني سلامة

في دراسة فقهية أعدها الباحث جاسر العاصي، ونال بموجبها شهادة الماجستير من الجامعة الإسلامية بغزة (2007)، وحملت عنوان «نفقة الزوجة في الفقه الإسلامي»، خلُص الباحث بموجبها إلى استنتاجات خطيرة ومثيرة يؤكد أنها موثقة ومستقاة من أمهات الكتب المتخصصة في الفقه الإسلامي. سأقتبس من الرسالة النصوص التالية كما جاءت بالضبط: «اتفق الفقهاء الأربعة على أن نفقة الزوجة تشمل المأكل والملبس والسكن، ولا تشمل أجرة الطبيب، وأجرة الحجامة، وغير ذلك من مستلزمات إصلاح البدن». (ص6). «عدم وجوب النفقة على الزوجة الطفلة». (ص9).

«المرأة بطبيعتها الشرعية والعُرفية محبوسة لمصلحة الزوج بعقد النكاح، ولتربية الأولاد ورعايتهم». (ص11). «الزوج عندما ينفق على زوجته وأبنائه يكون من المحسنين، وتحتسب عند الله صدقة». (ص12). «النفقة جاءت لرعاية ضَعف المرأة واحتباسها لمصلحة الزوج؛ فالرجل يعمل خارج البيت، والمرأة في البيت: توفر له الراحة، وتكفيه تربية الأولاد وتجهيز الطعام، وغيرها من الحاجات، فيكون بذلك التكافل.

والنفقة حق مالي للزوجة في مقابل التمكين من الاستمتاع، ولا يُعلم منها التمكين من عدمه إلا بدعوتها زوجها للوطء». (ص72). «المحتضِر غير قادر على الاستمتاع بزوجته من شدة المرض، فلا يُفرض عليه نفقة دون مقابل». (ص 73). «عدم فرض نفقة مواد الزينة للزوجة، والاكتفاء بمواد التنظيف». (ص102). «عدم وجوب العلاج للزوجة المريضة». (ص118). «أجرة القابلة على الزوجة، وتكون على الزوج إذا كان هو من استدعاها».

(ص121). «عدم وجوب النفقة لها إذا بلغ بها المرض إلى الحد الذي لا ينتفع بها زوجها بوجه من الوجوه». (ص180). «سقوط نفقة الزوجة المحبوسة، ولو ظُلما». «سقوط نفقة الزوجة بسبب سفرها إلى الحج». «سقوط نفقة الزوجة بخروجها للعمل». «سقوط نفقة الزوجة بامتناعها عن السفر مع زوجها». (ص193). الدراسة تتضمن الكثير من التفصيلات والمسائل الفقهية، وقال الباحث: إنه حرص على توثيق مصادره بدقة من كتب الأئمة الأربعة، وخلاصة الدراسة أن قانون الأحوال الشخصية الفلسطيني يتماشى مع معظم المسائل الفقهية التي فصّلها الكاتب في رسالته، وأهمها:
الزوج غير ملزَم بدفع نفقة لزوجته إذا مرضت، أو إذا اشتد عليها (أو عليه) المرض للدرجة التي لا يعود بمقدور الزوج ممارسة الجنس مع زوجته، وإذا سافرت للحج، أو خرجت للعمل، أو امتنعت عن السفر مع زوجها. وأيضاً: عدم وجوب النفقة على الزوجة الطفلة. والنفقة لا تشمل مواد الزينة، ولا أجرة القابلة.

كنتُ أرغب بالتعليق على كل بند، ولكن، لأن المقال لا يتسع للشرح المستفيض، سأكتفي ببعض الملاحظات: من الواضح أن بعض الفقهاء فهموا الزواج على أنه «عقد»، مثل عقود البيع والشراء، بل هو عقد «نكاح»، يدفع الزوج ما عليه من مهر ونفقة مقابل استمتاعه «جنسياً» بزوجته، ومقابل منحِهِ الأولاد وتربيتهم، وتوفير الراحة والطعام له، وتلبية حاجاته... فإذا ما عجزت الزوجة لأي سبب من الأسباب عن القيام بهذه المهام، فإن الزوج حينها يكون معفياً من النفقة عليها، وطبعاً بوسعه اللجوء للطلاق، أو الزواج من أخرى... هنا نجد العلاقة قائمة على المصلحة والمنفعة، فإذا انتفت المنفعة اختل العقد، وبذلك يتم تفريغ العلاقة الزوجية من البعد العاطفي والإنساني.

ويعلّق الداعية الإسلامي عمرو خالد  على هذا الموضوع على صفحته الرسمية، قائلاً: «اتفق الفقهاء على وجوب النفقة للزوجة، إلا أنهم اختلفوا في تعيين صفاتها؛ وقد حَصَرَها جمهور الفقهاء في الطعام، والشراب، والكسوة، والسكن، والخادم، ولم يجعلوا منها نفقة العلاج من دواءٍ وأجرة الطبيب ونحوها». يقول الفقهاء شيئاً لا علاقة له بالآية الكريمة «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً». (الروم21). فسبحانه عرَّف لنا الزواج بأنه اقتران وسُكنى قائم على المودة والرحمة، أي على الحُب والعطف.. وهو حُب مشترك متبادَل (بَيْنَكُمْ). كما أنّ الرسول الكريم ضرب أروع الأمثلة في حب زوجاته وتعامله معهن.. لكن الفقهاء فسروا الأمر انطلاقاً من موروثهم الثقافي، ومن البيئة الصحراوية التي أنتجته.

قديماً، كانت العرب تنظر للمرأة نظرة دونية، لا ترى فيها سوى أنها إناءٌ للمتعة الجنسية، وأنها مجرد وَلود ومرضع ومربية وخادمة للذكر (الزوج والأب والأخ).. وهي امتداد للثقافات الأقدم (الفارسية والرومانية واليهودية والكنسية)، وكل المحاولات الإصلاحية التي جاء بها الإسلام محاها هؤلاء الفقهاء، واستبدلوها بمنظومة تشريعات متزمتة، تضع المرأة في مكانة دونية (جارية وسبيّة وملحقة بالذكر)، فجاءت تشريعاتهم المتعلقة بالزواج منسجمة تماماً مع هذه النظرة.

وقديماً أيضاً، كانت المرأة محجوبة في منزلها، فإذا مرضت عليها أن تتحمل أوجاعها بمفردها، فإما أن تشفى من تلقاء نفسها، وإما أن تموت، حيث كان يُحرَّم على الطبيب أن يكشف عليها، أو يلمس جسدها، وقد برر الرجال فعلتهم هذه بذريعة الشرف، لكن تبين أن الموضوع أبعد من ذلك؛ فالمرأة نفسها كان ممنوعاً عليها أن تعمل بالطب، وإذا عملت به، اتُهِمت بالسحر والشعوذة، وفي أوروبا (القروسطية) كانت الكنيسة تعدم النساء بتهمة التداوي بالأعشاب.

وحتى نفهم الموضوع بصورة واقعية، لنتخيل امرأة أصيبت بمرض معين، أقعدها الفراش، فصارت عاجزة عن القيام بخدمة زوجها، أو أصيبت بالكورونا مثلاً، ولزم حجرها، وهنا نجد الزوج يتخلى عنها، ويرفض علاجها، لأنه غير ملزم بنفقتها، (والفقهاء لن يلوموه على ذلك)!! وهذا الموقف السلبي يتناقض مع القرآن، الذي يقول «وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً»؟ فأين ذهب الفقهاء بالمودة والرحمة؟ ويتعارض مع منهج النبي القائم على المحبة والتعاضد؛ بل هو موقف في منتهى القسوة، ويتناقض مع الإنسانية والحس الإنساني، فالوحوش نفسها لا تفعل ذلك.

هذا الفهم المغلوط للزواج يختزل المرأة ببُعدها الجسدي فقط، وينفي عنها (وعن العلاقة الزوجية) أي بُعد روحي، أو عاطفي، أو إنساني، ويجعل من الزواج مجرد عقد إذعاني يستمتع فيه الرجل بكل امتيازاته، وتُحرم فيه المرأة من أبسط حقوقها (العلاج)، وتنزع عنها صفتها الإنسانية. بل يهبط بها إلى مرتبة أدنى من الحيوانات؛ لأن الحيوانات تعطف على بعضها.
هذا ما يحدث حين  نلغي إنسانيتنا.

قد يهمك أيضا :  

 سأتخلص من كل من لا يشبهني

عن الراحل محمد عمارة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عـن عـلاج الـزوجـة الـمـريـضـة عـن عـلاج الـزوجـة الـمـريـضـة



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 04:50 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

"كورونا" يضرب بمتحوره الجديد وزيادة كبيرة في الإصابات

GMT 01:15 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

ثلاثة فنانيين قدموا الأخرس في السينما المصرية

GMT 00:08 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

صناع فيلم " خلاويص" يهنئون الفنانة أيتن عامر بعيد ميلاد

GMT 01:57 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تحذيرات من نشوب حرب جديدة تقضي على وحدة العراق

GMT 07:52 2016 الثلاثاء ,27 أيلول / سبتمبر

"فورد" تطلق "إكسبلورر XLT" للقيادة على الطرق الوعرة

GMT 00:32 2016 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

روسيا تنشر مئات المدرعات والدبابات في إستونيا

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 13:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصميمات مذهلة لحمامات أنيقة لمحبي التجديد والتميز

GMT 10:44 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح هامة للقيادة بأمان في الخريف

GMT 11:21 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

المشروم يحد من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday