تريز هلسة، رحيل يشبهها
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

تريز هلسة، رحيل يشبهها

 فلسطين اليوم -

تريز هلسة، رحيل يشبهها

ريما كتانة نزال
بقلم : ريما كتانة نزال

مضت تيريز هلسة بكامل بهائها، رحيل نبيل ومتواضع، يشبهانها. بهدوء تجمع أشياءها للرحيل وهي مغرقة في التفكير ببعض الأعمال غير المنجزة، بعض الاستمارات والمعلومات عن جرحى فلسطين وحقوقهم.. تزيح جميع الأفكار جانباً، بعد اتخاذ أحد قراراتها الحاسمة، كما كانت دائما تفعل. تقرر أن تعطي ظهرها للأرض والتوجه نحو السماء، حيث العدالة الأبدية.. حملت صليبها لا تلوي على شيء، كأحد المصلوبات على جدار التاريخ والرواية، واثقة «أن الله لا ينسى تعب المحبة، لأن كلاً سيأخذ أجرته حسب تعبه».

تعرفت على الراحلة تيريز في عمان، جمعتني بها هيئة تنظيمية واحدة في منظمة الجبهة الديمقراطية في الأردن. كانت تتولى مسؤولية الطالبات الثانويات، وبدوري كنت مسؤولة الطالبات الجامعيات المجاور للمدارس. من هنا بدأت الصلة والتواصل بيننا، ننسق لمهمتين متجاورتين. كنت قد عدت من «دمشق» أجرُّ جبلاً من الحزن، لأجد تيريز وقد عادت إلى وطنها بعد تحريرها من سجون الاحتلال بواسطة عملية تبادل أسرى عقدها تنظيمها في حركة «فتح».

لمن يعرف «تيريز هلسة» يدرك على الفوْر أن الموْت لا يليق بها، ولمن لا يعرفها يدرك أنها لا يمكن أن تضع نفسها في منازلة لا توفر لها فرصة التكافؤ. هذه حقيقة معروفة منذ المبارزة التي خاضتها في مطار اللد، فكانت الشرارة الحارقة كما ينبغي أن تكون عليه حارسات النار، لتصبح بطلة فلسطين النبيلة، بلا أوسمة أو أضواء، نظيفة اليد ومنتصبة القامة ومرفوعة الرأس.

لم تسع الشهيدة إلى أي منصب، لم تكترث لها من حيث المبدأ ولم تكن معنية بها. لم يُعْرَف عنها خوْض صراعات تافهة، جانبية، مصلحية أو فاشلة، ومع ذلك لم تكن محايدة في مواقفها، كالسيف في غمده. انها تعرف الصراع الثانوي الذي ينبغي عليها أن لا تخوضه، كما تعرف ماهية الصراعات التي ينبغي عليها خوضها..تنطلق من قناعة أن الحياة واحدة على الأرض، لا تملك فرصة أخرى لتصرفها على معارك ثانوية. وهو ما طبقته في صراعها مع مرضها، السرطان.

مع السرطان، قدمت نموذجاً مختلفاً. لم تقبل لنفسها، وهي الإنسانة الواضحة، الصراع مع خصم خبيث تسلل إلى جسدها أثناء انشغالها بالصمت...لم تقبل على نفسها أن يقبض المتسلل على روحها بقبضته، وهي التي رضيت بالوجع والحزن رفيقاً لها طيلة حياتها، فلم لا تُبقِ عليهما في لحظة مؤقتة، اعتبرت أن المسافة عن الموت واحدة في كل الحالات، بالكيماوي وبدونه سيان.

لطالما قبلت العيش بالاعتماد على مُسكنات الأوجاع من جميع الأشكال، وهذه المرة لن تغير في أسلوبها والعضّ على جروحها، رفضت تسجيل أي تنازل للمرض وتلقّي الكيماويات الحارقة، على أن تسجل رحيلاً ضعيفاً عن الدنيا.. لم تَلِن أمام جبروته ولم تستسلم، تعب المرض منها ولم تتعب عن مقارعته ومقاومته، ولم تستسلم حتى اللحظة الأخيرة، حين غزا الخبيث الجسد..ودقت الصافرة معلنةً الوصول للمحطة الأخيرة.

تيريز هلسة، المزيج الاردني الفلسطيني، ثراء المزيج التنظيمي. انها القوة التي تمتشق روح امرأة مناضلة. من البداية وحتى النهاية، استمرت في الوقوف على خط الواجب.

قد يهمك أيضا : 

 إلى متى انتظار قانون حماية الأسرة من العنف؟

تحديات الحركة النسائية في مواجهة الـ«كورونا»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تريز هلسة، رحيل يشبهها تريز هلسة، رحيل يشبهها



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday