عن العنف الأسري أيضاً
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

عن العنف الأسري أيضاً

 فلسطين اليوم -

عن العنف الأسري أيضاً

ريما كتانة نزال
بقلم : ريما كتانة نزال

نورة السعيِّد وآمال الجمالي وعبد الكريم عويصي، ثلاثة أسماء لثلاثة قتلى، امرأة وطفل وطفلة، قُتِلوا جميعاً على يد الأب مصدر الحنان والأمان والمسؤولية. قبل مقتلهم بأيام ألقيت سيدة مسنة في حاوية مخصصة للزبالة من قبل أبنائها. أربع قضايا تم كشف النقاب عنهم في أقل من شهر، هزت مملكة «فيسبوك».

أصدر النائب العام قراراً بعدم تداول المعلومات في قضية مقتل «نورة السعيّد» على وجه الخصوص، لأن نشر المعلومات الشخصية وتفاصيل الجرائم المذهلة يسبب الأذى لذوي الضحايا. لا اعتراض على قرار النائب العام بل أطلب الالتزام والتقيد به، كونه لا يندرج في إطار حرية التعبير بل يصب في خدمة المصلحة العامة وسلامة التحقيق وكرامة المتأثرين بالجريمة ممن لا ذنب لهم كأقارب الضحية.

ولكل قاعدة استثناء، سأستثني من دعوتي الالتزام بقرار النائب العام، الجماعات التي شنّت الحملة الشعواء والهجوم الكاسح على المؤسسات النسوية وعلى مطالبها التشريعية، الجماعات المتطرفة التي استهدفت جميع المسودات المتعلقة بقانون حماية الأسرة من العنف، واتهموه بالسعي إلى تدمير الأسرة وتفكيكها من قبل المؤسسات النسوية، ووجهوا لها تهمة التبعية للخارج واستيراد الثقافة الغريبة وتغريبها، اتهام باطل ماضوي لا يملون من تكراره، كل هذا الجهد المستمر من أجل شيطنة المؤسسات النسوية والقائمات عليها، ورفع الشرعية عن أعمالها على طريق منعها وحظرها، كما فعل تحالف الإسلام السياسي والعشائر في الخليل. بقي الاتهام كسلاح مشهر في وجه إحقاق العدالة والمساواة، وبقيت المؤسسات النسوية تعمل لأهدافها الحقوقية المشروعة.

هؤلاء جميعاً يتحملون المسؤولية عن إعاقة صدور القانون وتشويه نصوصه من أجل القضاء عليه بالضربة القاضية، وافتعال الصدام بين القانون والدين. على أصحاب الهجمة أن يكسروا صمتهم اليوم بالاعتراف أولاً بأنهم أخطؤوا في فهم المجتمع واحتياجاته ومتطلباته، وعن إدارة ظهورهم لجميع المؤشرات العلمية التي ظهرت ليس في المسوحات والاستطلاعات الخاصة بالمرأة فقط، بل ما ظهر في الارتفاع الملحوظ للعنف المجتمعي، في الشارع والمدرسة وأماكن العمل.

مسؤوليتهم الاجتماعية تقتضي منهم مراقبة الانزياحات الجارية في المجتمع نحو العنف، وانعكاسات الانزياح على العلاقات في المجتمع وتحليل واقتفاء آثارها، من قبل المختصين في علم الاجتماع وغيرهم، أثرها البائن على هزّ وضعضعة وحدة النسيج الاجتماعي وتغيير طبيعة المجتمع وسلوكيات أفراده، فكانت من نتيجة علاجهم وتوجهاتهم العدمية مأسسة العنف الاجتماعي.

وقبل ذلك، عليهم الاعتذار من الضحايا، الأطفال والنساء والمسنين وذوي الإعاقة، جميع الفئات والقطاعات المشمولة في قانون حماية الأسرة، عليهم طلب الرحمة لقتيلة بئر «الشعابة» في الخليل وقبلها قتيلة بئر صوريف «آيات برادعية»، آمال وآيات قُتِلتا في الفترة ذاتها زمانياً ومكانياً، بعد عشر سنوات في صدفة سانحة خرجت عظام الأولى من بئرها، بينما خرجت آيات في صدفة نادرة من بئرها في العام 2011 بعد ثلاثة عشر شهراً على قتلها.

عليهم الاعتذار عن نشر ثقافة الإفلات من العقاب بوقوفهم ضد إلغاء مواد من قانون العقوبات التي تعطي منحة جزية في إيجاد العذر لقتلة النساء باسم الشرف، والدليل على ما أذهب إليه أن 63% من الرجال الفلسطينيين يوافقون أن على المرأة التسامح مع العنف من أجل الحفاظ على أسرتها، حسب دراسة معدة من قبل هيئة المرأة في الأمم المتحدة!

والأسئلة هي: كيف ساهم التمسك بالقوانين الأردنية والمصرية والعثمانية المتقادمة في تكريس ثقافة الإفلات من العقاب؟ ومن المسؤول عن مأسسة ثقافة تبرير قتل النساء في ضوء رفض تغيير قانون العقوبات على هذا الصعيد، وهو حالياً في حكم المجمد بفعل الترهيب الممارس ضد تحديثه وتغييره بالاستناد للواقع الاجتماعي الجديد؟ من المسؤول عن استمرار التمسك بقوانين متقادمة كقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات وإسباغ القداسة عليهما في وجه التغيير؟!  

على الجماعات المحافظة صاحبة المصالح السياسية الإقرار بأن على الدولة واجبات تجاه جميع مواطنيها، المواطنين المواطنات، مسؤولية الدولة عن المجتمع لا تُجزأ، الدولة لا تزيح عن ظهرها مسؤولية قطاع المرأة وتتخلى عن مسؤوليتها تجاهه لتضعها في حجر العائلة القائمة على مراكز القوة، ليمارس أقوياؤها على مستضعفيها، من الأطفال والإناث والمسنين وأصحاب الإعاقة، ما يريدون من ممارسة العنف والحجز والتزويج المبكر، وغير ذلك من الانتهاكات المختلفة الأبعاد والأشكال.

المشهد الفلسطيني السياسي شديد القتامة، مصاب بالأوبئة، الاحتلال و»كورونا» والتطرف، نحن كمن يحافظ على بقاء أنفه على مستوى الماء، لا يحتاج سوى إلى دفعة حتى يختنق تماماً. يزيد من قتامة المشهد أن المجتمع صامت إزاء مظاهر سلبية وفوضى تعبر عن اللامبالاة بالشأن العام. كيف يمكن فهم أن يضرب الأطفال حتى الموت؟ وكيف تختفي آثار النساء دون أن يتحرك الشهود من الأقارب والجيران للتبليغ أو الحجز بين المُعَنِّف وضحاياه، بينما يستكمل الجناة حياتهم الطبيعية، ينامون ويستيقظون ويأكلون ويحتسون الشاي في المساء؟

قد يهمك أيضا : 

 نحو مقاضاة المتنمرين على المدافعات والمدافعين

عن اليوم المفتوح مع منسق عملية السلام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن العنف الأسري أيضاً عن العنف الأسري أيضاً



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday