نوارة أينعت وذوت
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

نوارة أينعت وذوت

 فلسطين اليوم -

نوارة أينعت وذوت

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

هكذا يكفيني من حياته: صفحة تاريخه وصفحة وجهه.. والصفحتان ناصعتان.
هذا يكفيني من موته: نوّارة في تابوت. سأقول: نوارة بيضاء تشبه شعره الحليبي، وتابوت بازلتي، لأن لون تابوته كان من لون البازلت.
.. او سأقول: نوارة تشبه زهرة الفليفلة في قوارة على شرفة بيتي. الوردة تتبرعم، تتفتح ثم تذبل. النوارة تتبرعم، تتفتح .. ثم تحبل ثمرة صغيرة.
لماذا ليس لوجه سليمان النجاب نوارة البندورة، مثلاً، أو نوارة الباذنجان والكوسا؟ لأن ضحكته بيضاء مثل نوارة الفليفلة، ولأن ضحكة نوارات الباذنجان والكوسا والبندورة ملونة .. ووقحة بعض الشيء.
لماذا لتابوت سليمان النجاب لون البازلت: أسمر داكن، أقل درجة واحدة او درجتين من السواد؟
فجأة، رأيت سمرة سحنة وجهه الداكنة (تابوته)، وشعره الأبيض الناصع (ضحكته) في مشهد شتوي جولاني. لم أر الجولان مكللاً بالبياض الثلجي منذ النكسة الحزيرانية. بالضبط، على حافات وادي الرقاد (أو ان اسم الوادي تحوّر فيَّ قليلاً على لساني):
"طيور صنين تشتاق إليك / وعندما يغرق الوطن في السواد / ستكون أنت الاشارة والطريق".
هكذا رثت شاعرة رفيقها الفنان هاني جوهرية، الذي سقط في عينطورة، على جبال صنين، إبان الحرب الأهلية اللبنانية.
البلاد غرقت في السواد منذ النكبة، أو غرق جيل النكبة في السواد منذ النكسة. غير أن رجلاً، مثل سليمان النجاب، عرف النكبة والنكسة، الحرب الأهلية اللبنانية والانتفاضة الفلسطينية، الخروج من لبنان .. والدخول الى الوطن.
رجل من قرية جيبيا لم يغرق، يوماً، في السواد. أغرق حديقة بيته بالورود من كل لون وصنف.
.. ولم أزر حديقة داره. أخلفت دعوتين حاسمتين لسببين طارئين، واعتذرت عن عشرات الدعوات بعد كل مصافحة .. حارة دائماً؛ بعد لقاء .. عابر دائماً.
لعلني، في قرارتي، خفت إن لبيتُ دعوته حديثاً يجرنا الى الرفاق من "فصيل الأنصار". كانوا رفاقه او تلامذته.. وكانوا أصدقائي في السمر الطويل، او زملائي في العمل الطويل .. وكان يرد ذكرُه قطعاً: الرفيق سليمان النجاب.
.. وكانوا مقاتلين، وكانوا قتلى .. وكانوا شباباً يموتون شباباً، وكانوا مثل رضيع عملاق نقمطهم في توابيت خشبية، وكانت زينة موتهم واحدة: علماً صريحاً، علماً رباعي الألوان.
صار الموتى يسافرون، في زمن الانتفاضة، على محفات مكشوفة. يقولون: هكذا العرس في الحياة صاخب؛ هكذا الموت في النضال صاخب.
صاحب الضحكة البيضاء (جعفر صدقة يقول: صاحب القلب الأبيض). صاحب الشعر الأبيض، والوجه البازلتي تقريباً.. سافر في تابوت عابس؛ عابس لأن لون التابوت عابس.
نوارة هشة أينعت وذوت، ذوت سريعاً نسبياً، في تابوت يخرج من مقر حزبه. هكذا، تقاليد نقل الموتى في بلد بالطائرات الى بلد آخر.
علَم صريح واحد رباعي الألوان، لا يكشف الا القليل من تابوت بلون البازلت. الوقت يسمح ومنصب الميت يسمح .. بالعودة قليلاً الى تقاليد التشييع الصامت: لا هتاف. لا نحيب .. ولا رصاص. بل تمشي الجنازة بخطوات جنائزية، والمشيعون يمشون بخطوات جنائزية. دون صوت تسقط نوارة الخضراوات، دون صوت تنمو ثمرة الفليفلة، البندورة، الخيار .. والكوسا.
في زمن النكبة كان في سن أولاد الانتفاضة، وفي زمن النكسة كان في شرخ الشباب، وفي زمن العودة .. كان في سن الأطفال الصغار. كلما كبر الرجل الثوري عاد الى طفولة الروح.
وكان يكفيني أنه لا يحاسبني على ما اقترف قلمي من شطحات، وكان يكفيني منه أن صفحة تاريخه هي صفحة التحالفات الوطنية.. وأن ضحكته تملأ صفحة وجهه، وأن الشيوعيين الفلسطينيين كانوا رواد الاستقلالية الوطنية، والكيانية الوطنية.. وكانوا وما زالوا يضعون البرنامج الواقعي جداً، قاعدة صلبة من أجل الحلم العريض جداً. خلافاتهم رفاقية .. وتحالفاتهم رفاقية .. وانشقاقاتهم، ايضاً، رفاقية.
كان الرفاق خير الأصدقاء، فلا تجد في لحمة الرفيق والصديق مكاناً لتزرع وردة "المواطن".
.. كان سليمان النجاب رفيقاً قبلي، ومات مواطناً قبلي. شابَ شعرُه قبلي .. ربما ليليق شعرُه الأبيض بضحكته البيضاء جداً.
نعرف ان الغياب غروب، وان بعض الغياب كسوف.. وأن الليل الطويل في آخره .. وان سليمان النجاب كان "نوارة" عادت الى تراب الأرض، تراب أرض - أرض بتابوت عابس جداً .. وانه مات كهلاً، وكان طفلاً.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نوارة أينعت وذوت نوارة أينعت وذوت



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:05 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 13:10 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 13:40 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 23:29 2020 الأربعاء ,06 أيار / مايو

كيف تصنع عطراً من الفواكه

GMT 05:54 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهرفي يستقبل ممثلين عن حركة التضامن الفرنسية

GMT 19:07 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

غروس يُعرب عن رضاه بتعادل "الزمالك"

GMT 01:07 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

عريقات يؤكد لا ننتظر شكرًا من "حماس" بل تنفيذ اتفاق 2017

GMT 21:26 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلان الفائزة بجائزة "نساء المستقبل" في العاصمة البريطانية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday