ego نكبوية
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

EGO نكبوية!

 فلسطين اليوم -

ego نكبوية

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

أنا ابن نكبة .. عندما ضرب آخر الرمادي إلى أول السواد. وأنا ابن عودة عندما يضرب آخر الرمادي إلى أول البياض. هل سأكون ابن موت عندما يزدهر البياض؟ هل للعودة لون الأرجوان؟
سفر البر؟ سفر البحر؟ سفر الجو .. وأخيراً سفر الجسر. أهذا مشوار ابن نكبة؟ أو هذا مشوار ابن عودة؟ أو أن المشوارين محاولة أخرى لـ «جيب تمام» في الرياضيات الأولى. في أول «الجبر» غير التعسفي؟
لم أحب الرياضيات المدرسية لأنها تبدأ بالعد والعدد والمعدود، وأحببت الفيزياء - الكيميائية لأنها علم تحويل العناصر الخاملة إلى عناصر نشيطة. كنت عدداً في سفر المنفى وصرت عنصراً في سفر العودة.
*      *      *
ضربتني النكبة في المفصل القاتل بين آخر الوعي الغريزي وأول الوعي المكتسب. كنت بين الثالثة والرابعة من عمري. الذاكرة نقاط بيض تسبح في محيط أسود.
مستني العودة، مثل شرارة كهربائية تحوّل عناصر الفيزياء إلى عناصر الكيمياء، في المفصل الزمني المناسب .. آخر زمن النبوة الأربعيني وأول زمن الكهولة الخمسيني.
على سفوح جبل الكرمل، خريف العام ١٩٩٥، سأرى شيئاً آخر غير ما رآه الرسول بولس الذي رأى رؤياه «في الطريق الى دمشق». كان هناك غبش واحد على سفح الجبل وشاطئ البحر. كانت هناك «زغللة» في عيني. كانت هناك رؤيا:
هذه رؤياي التي تفسر الحنين الأبدي إلى «مسقط الرأس». حديد الدم فيزياء يسبح في الكيمياء. عندما يسقط رأسك (تلدك أمك من رحمها) يسجل حديد الدم إحداثيات المكان المغناطيسية. بعض الطيور تهتدي بإحداثيات المكان. بعض الأسماك تهتدي .. والإنسان لا يهتدي .. إلا إذا عاد إلى مسقط رأسه بعد خمسين عاماً.
سأقول: لذاكرة المكان في حديد الدم جناحا طائر النورس وزعانف سمكة السولومون. سأقول إن الذاكرة ليست نفقاً تحت الأرض. ليست جسراً فوق الأرض. كما يحاولون وصل أوصال فلسطين.
سأقول: كيف حصل أن شعب كنعان هو شعب عرق النعنع وشعب أوراق الصبر؟ «نحن ما نأكل» كما يقول الأميركيون. ونحن شعب كنعان أكلنا من نبات الأرض ترابها، ومن تراب الأرض حديدها، ومن حديد الأرض إحداثيات المكان!
*      *      *
كيف حصل أن يتبعثر مليون فلسطيني في سبعين مخيماً في المنفى؟ وكيف حصل أن ينتشر ربع مليون مستوطن في ٤٥٠ مستوطنة؟ القطيع يلتم على نفسه إذا ضربته عاصفة، والسرطان ينتشر. حالتان مختلفتان للعد والعدد والمعدود. حالتان مختلفتان لشعب الزيتون المعمر وشعب غابات الكينا سريعة النمو.
*      *      *
في خمسينية النكبة تواجدت في مكاني المكان في يومين متتاليين. كنت في حيفا في ١٤ أيار ١٩٩٨، وعدت إلى رام الله في ظهيرة ١٥ أيار ١٩٩٨.
في تلك الخمسينية شربت القهوة على شاطئ البحر في حيفا، وعدت لأتشرب خطاب أبو عمار الحماسي في ساحة المنارة، ولأرتوي من خطاب محمود درويش القلبي: ها نحن هنا، خريجو النكبة.
*      *      *
كنت أحب الفلسفة قليلاً لأنني كنت عدداً ومعدوداً .. وكان على ضمير المتكلم الذي هو «أنا» أن يتحول فيزيائياً وكيمياويا ليصير الضمير «نحن».
في منفاي الإغريقي، صرت أحب الأساطير والفلسفة. الأساطير لأن سفر البر لا يكتمل بلا سفر البحر. وأحب الفلسفة لأن ضمير المتكلم صار «ايغو Ego».
«الأنا» في المنفى مجرد عدد ومعدود يطمح إلى الـ «نحن» وأما في البلاد فإن «الأنا» تعني: لقد ولدت .. ولقد نفيت.. ولقد عدت .. ولقد شربت القهوة في حيفا، وأكلت ثمار الصبير في مقبرة طيرة حيفا، وأعدت إحياء الخارطة المغناطيسية لحديد الدم. نحن وما نأكل. نحن وما نعيش. نحن وما نريد.. وعندما أموت سوف أُبعث حياً.
*   *  *
سيخطبون خطاب العودة للمرة الـ ٥٠. أمس كانوا، عشرات آلاف الفلسطينيين، يجوسون حقولهم في القرى المدمرة والمهجورة.. هم ونحن فيزياء الزمان وكيمياء المكان.

قد يهمك أيضا : 

عودتي للطيرة

ترشيحا «الامبراطورية»، وترشيحا «القلعة»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ego نكبوية ego نكبوية



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 13:39 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن بعض الوصوليين المستفيدين من أوضاعك

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 07:42 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحتاج إلى الانتهاء من العديد من الأمور اليوم

GMT 05:35 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الملكة رانيا وبيلا حديد بسترة واحدة على "إنستغرام"

GMT 21:07 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شوارع بيروت تغرق في النفايات بسبب الامطار الغزيرة

GMT 07:21 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

زينة تلجأ إلى تحليل "DNA" لإثبات النسب لأحمد عز

GMT 09:17 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday