أطراف النهار
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

أطراف النهار

 فلسطين اليوم -

أطراف النهار

بقلم حسن البطل

1 ـ رومر
رأيتُ صورة عن مرور مئوية، لا بل مئويتين: بسكليت 1816 وإلى جانبه بسكليت 2016. هل تتعلق الفوارق بين الاثنتين بلعبة: جد الفوارق الخمسة بين رسمتين؟
قبل مئويتين اخترعوا الدراجة الهوائية، التي امتطاها أبو جدّك أو جدّ جدّك؛ وامتطاها والدك، وسيمتطيها حفيدك.

دراجة العام 1816 كانت مزيجاً مضحكاً من الخشب والمعدن. متى اخترعوا الكاوتشوك للدواليب؟ لأن دواليب تلك البسكليت من خشب، وإطاراتها من معدن، وهي من العلو، كدابة الكديش أو الحصان، بحيث إذا سقط راكبها عنها «تعوّر» أو شجّ رأسه، أو انكسرت ساقه أو كوع يده.

في صباي المبكر، قبل فتوّتي وشبوبيّتي، كنت أحلم بدراجة، وليس أي دراجة، بل من ماركة رومر Romer الألمانية على الأغلب. كانت هذه الماركة مثل سيارات «فيراري» الإيطالية، ملكة سباقات السيارات الآن.

كان ابن عمّي، الذي نلقّبه «السامبو» أي ذا سحنة الوجه الهندية السمراء القاتمة، يتغزّل بها، كأنها زوجته الثانية، فإذا بلغت سن «الكلال»، أي نهاية العمر الافتراضي، ذهب أيام الجمع في قرية دوما، قرب دمشق، ليصطاد بسكليت Romer مستعملة لكن أصلية، لأن تلك السوق كانت مليئة بدراجات من ماركات أخرى، يجري الغش فيها.

أصعد، يومياً، من بيتي في رام الله ـ التحتا إلى مقهاي الصباح، وأمّر بذلك الفرن الشهير، حيث يحمّل ويوزّع أولاد الفرن أكياساً من الخبز، وعند «الطلعات» يجرّونها جرّاً أي يدفعونها دفعاً.

صارت البسكليتات الحديثة ذات تكنولوجيا حديثة، و»مهجّنة» بتزويدها ببطاريات قابلة للشحن لصعود الطلعات الحادة، التي لا تقوى على تطويعها حتى عضلات سيقان أكثر الفتيان فتوّة وقوّة.

2 ـ سنجر
كنت في عالم الغيب عندما أخذ أبي أمي إلى فراشه، ولعلّه ألبس اصبع يدها خاتم زواج من الفضّة لا من الذهب الغالي!
لكن، كنت في عالم الحضور عندما اعترى وجه أمي زهو الفرح، لما اشترى والدي ماكينة خياطة يدوية من نوع Singer الألماني بالتأكيد، لأن اسم er ماركة أسماء ألمانية (الفرهرر مثلاً).

بيسراها تدير أمي الآلة، وبيمناها تخيط من القماش لباساً، وأتذكرها ولداً تضلم الخيط بالإبرة بسهولة، ثم أتذكرها شاباً، تسألني (وقد كلّ بصرها، أو امتدت رؤياها للأشياء البعيدة، وضمرت للأشياء القريبة) أن أضلم لها الخيط بالإبرة.

كانت هذه الآلة تحفة ميكانيكية ـ يدوية (أو نصف آلية) ولا أذكر مرّة أن والدي حملها إلى دكانة تصليحات، كما كان يحمل، أحياناً، بابور الكاز لنفض رأسه أو تركيب رأس جديدة (نسيت اسم بابور الكاز الأحسن في حينه ولعلّه بريموس).

.. وكانت هذه الآلة المعدنية السوداء تحفة في طلائها بعروقٍ من ألوان ذهبية ترسم أشكالاً بيانية، وصورة امرأة حسناء.
مع الزمان الغادر، صارت حلّتها الزاهية تتقشّر من هنا أو هناك، لكن جسمها المعدني، بلون الرماد، كان يرسم مع طلائها الزاهي الباقي أشكالاً فنية سريالية.

3 ـ «غرونديك»
في طفولتي المبكرة، تحدث الأولاد عن شيء عجيب: سيصبح «الراديو» في حجم علبة الدخان، ولما كنت في عمر الطفولة كنا نعتقد أن هذه «الراديو» محشوة بإنسان قزم نأمره أن يحكي وأن يخرس!
اشترى أخي راديو ألمانياً من نوع «غرونديك» ذي العين الخضراء التي «تدوزن» رخاوة الصوت، وكنت أتسلل لغرفة أخي لسماع تجويد المقرئ أبو العينين شعيشع للقرآن الكريم، أو منافسه (لا أذكر الآن) ولما كبرت قليلاً، صرت أسمع أغاني العشق، وأخبار الحروب.

وين راح هذا المستطيل الحاكي؟ وين راح هذا الترانزستور، حيث كان يلزم الأول شريطاً من نحاس بين خشبتين على سقف البيت، لالتقاط الصوت، ولا يلزم الثاني أي شيء سوى البطاريات الجافة. حاولت صناعة راديو من قطع مستعملة.

هذا عصر تكنولوجيا سمّاعات «التوكي» ثم عصر الهاتف المحمول: صوتاً وصورة ملوّنة بالألوان الطبيعية. راح عصر «الغرامفون» وبوقه، وعصر الأسطوانات يكاد يغرب.
***
يموت «عميد/ عميدة البشرية» ليخلفه عميد آخر، والسلف والخلف قد يطعنان في السن قرناً من السنوات، وفوقه عقد أو نصف العقد.. لكن ليس لمخلوق من صنف الإنسان أن يحلم بالعيش مئويتين، أي قرنين.. وخلالهما صارت البسكليت مخلوقة محسنة عن بسكليت 1816، وصارت وسائل الاتصال ما صارت عليه، وجودة التلفزيونات الملوّنة صارت ما صارت. الصورة صارت تسبق الخبر أحياناً.

كانت، قبل مئوية ونصف المئوية، جمعية بريطانية للعلوم الملكية، وفي فيلم قديم قال عالمها الأشهر: بعد اختراع المحرك الانفجاري، والكاوتشوك، والراديو، والسكك الحديدية، وصل العلم إلى قمة لن تعلوها أخرى. يا له من أحمق.

.. وهذا قبل تفليق الذرة، والطائرة الأسرع من الصوت، وعلوم الخلية.. وسبوتنيك وهبوط نيل ارمسترونغ على أرض القمر.
.. والآن، هذا «الذكاء الصناعي» الذي يتطور أسرع من استيعاب عقل الإنسان البشري.. وهي حكمة أن يموت الإنسان قبل أن «يزهمر» ويقرّن ويخرف أو بعد أن يقرن بقليل، لأنه غير قادر على مجاراة التكنولوجيا، فيصير الجدّ يتعلم أشياء من الأب، والوالد يتعلم أشياء من النجل.. إلخ!

لكن هذه البسكليت ستبقى قروناً، حتى بعد اختراع سيارات تطير في الهواء، وتحطّ على أرض الشارع!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطراف النهار أطراف النهار



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 14:19 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 08:30 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"العقرب" في كانون الأول 2019

GMT 11:41 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 11:54 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

حقائق مثيرة عن العضلة الأهم في جسم الإنسان

GMT 21:54 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

"خريف" يحصد جائزة أفضل عمل في مهرجان "المسرح العربي"

GMT 14:18 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

روسيا توصلنا لاتفاق يرضي جميع الأطراف

GMT 11:52 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

صلاح يصارع من أجل الفوز بالحذاء الذهبي

GMT 17:07 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

تامر حسني يبدأ تصوير الملصق الدعائي لبرنامج "ذا فويس كيدز"

GMT 13:49 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

كشف حقيقة صور هيفاء وهبي المفبركة على مواقع التواصل

GMT 06:09 2016 الجمعة ,02 كانون الأول / ديسمبر

مركبة "UFO 2.0" يخت مستقبلي بمثابة فيلا إنيقة

GMT 18:51 2016 السبت ,18 حزيران / يونيو

أسباب وفوائد كثيرة للشروع في الدراسات العليا
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday