بقيت آخر أولاد مصباح
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

بقيت آخر أولاد مصباح؟

 فلسطين اليوم -

بقيت آخر أولاد مصباح

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

«أرى المنايا خبط عشواء» كما قيل شعراً (زهير بن ابي سلمى). ماذا قيل في القصف المدفعي: لا تسقط دانتان في المكان نفسه (لذا يتقدم الجنود من حفرة دانة إلى أخرى). ماذا قيل في الحزن الصريح والحزن الدفين؟ بين شقي رحى (الشق الأول متحرك، والثاني ثابت).سأذهب، مساء اليوم، لمجلس عزاء، بعد أن اخترمت يدُ المنون، في يومين متعاقبين، ابنة الأخت إنعام، وأخي الكبير عبد الرحمن البطل.. عميد العائلة.«هي المنسوبة للبطولة» هذا عنوان رثاء ابنة الأخت إنعام البطل، وهي معروفة ومعرّفة في البلاد وسورية. ماذا أُعنون رثاء عن رحيل عميد آل البطل، وهو المعروف والمعرّف في سورية. وفي موسوعة «من هو» who is who كواحد من 10 آلاف شخصية شهيرة في العالم.

لا أدري، هل هو آخر الأحياء من رجال الدفاع عن طيرة – حيفا، لكن أعرف أنه كان أصغر المقاتلين، والوحيد الذي يرمي على رشاش «مترليوز»، والوحيد من أولاد والدي مصباح الذي آمن بالفكرة السورية القومية (سأتجوّل لاحقاً في سائر بلاد الشام).تقول ريما نزال، صديقة ورفيقة إنعام في عزائها لي: ضربتان على الرأس تؤلمان. أنا صرخت في الضربة الأولى «هي المنسوبة للبطولة» وخرست أسبوعاً عن الضربة الثانية. لماذا؟ في البلاد قد يعرفون حسن البطل، لكن شقيقه عبد الرحمن (أبو غسان) معروف ومعرّف في سورية (وشهادات الدكتوراه من الجامعات الأجنبية في إدارة المطارات).

تلقيت صغيراً، في الحادية عشرة، خبطتين متتاليتين من يد أخي على رأسي، ولكن بمجلة «لايف» الملفوفة كعصا. الأولى فتحت مداركي على الكون الرحيب، والثانية أكدت عنادي الطيراوي.كنت في ساحة الدار، أتأمّل القمر بدراً، وقلت لأبي: ما هذه اللطخة على خدّ القمر، فضربني أخي على رأسي، وفتح المجلة وقال: شوف.. هذه هي مجرة في السماء؟ أين الأرض يا حمار؟ في الخبطة الثانية من مجلة «نيوزويك»، بعد حرب السويس 1956، أراني خارطة سيناء. قال: «شوف.. مساحة سيناء ثلاثة أضعاف مساحة فلسطين.. يا حمار يا حبيب عبد الناصر»!

لكنني لم أكن حماراً، فقد تعلّمت من مكتبة السجال والجدال بين عقيدة وأخرى، فكرة وفكرة، بين «نشوء الأمم» لأنطون سعادة، ونقاش المربي العروبي ساطع الحصري لأفكار زعيم ومؤسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي.
في السنوية الخمسين للنكبة كتب أخي في «الأيام» شهادته عن معركة صمود الطيرة (سقطت ثلاثة أشهر بعد سقوط حيفا، وشهرين بعد إقامة إسرائيل) وأرفقها بخريطة «كروكية» بخط يده..لأخي قصة طريفة في كمب الحديد قرب الطيرة (أكبر معسكر بريطاني في فلسطين) فقد احتاج قائد المعسكر لمن يجيد الإنجليزية، وكان أخي في الـ 14 من عمره ويجيدها، فعيّنوه مترجماً بين قيادة وضباط المعسكر والعمال المحليين العرب، ومعظمهم مصريون.. ثم طردوه «لو كنت أكبر لقدمتك إلى محاكمة عسكرية» لماذا؟ رق قلب أخي للعمال المصريين، وزور توقيع قائد المعسكر على توظيفهم.

هو واحد من جيل شهد المعركة والنكبة فتياً، وهو واحد من «الجيل القاسي» الفلسطيني، الذي رفع شعار العلم و»المناقبية»، وهو واحد من أوائل العاملين الفلسطينيين في «أرامكو» ممرضاً للأمراض المتوطنة، ثم طريداً لانتمائه للحزب السوري، ولعلّه أكثر المتابعين لإصدارات «دار بنجوين PENGUIN» الإنكليزية.رئيساً لـ «نقابة النقل الجوي والبري» في سورية ثم جليس سمر على طاولة في حانة دمشقية، وكان وزير الدفاع حافظ الأسد يتردد عليها. لكن لما صار رئيساً عرض على أخي حقيبة الداخلية، فاشترط أخي أن توضع «سرايا الدفاع» تحت إمرته. هذا جيش قال الأسد. كلّا، هذه شرطة قال أخي.. ثم سخر لاحقاً من الرئيس علناً. فأوقفوه حتى «يضبّ لسانه» كان يقول «العقيدة لا تموت» قلت: ماذا لو فشل مشروع الوحدة السورية – العراقية؟ قال: ينتهي حزب البعث.

كان فتى شجاعاً، ورجلاً عماد الأسرة، وإدارياً ونقابياً كفؤاً استحق شهادات دكتوراه فخرية من أشهر الجامعات الأجنبية.كان لأبي المحارب مصباح أربعة أولاد.. اثنان حاربا معه دفاعاً عن الطيرة، والأصغر كان أول من يموت في مطلع الحركة الفدائية.. وبعد موت أخي حسين ثم أخي عبد الرحمن، صرت آخر أبناء مصباح الأحياء.هل أتلاعب بشعر عمرو بن معد يكرب «.. وبقيت مثل السيف فردا» أو أضع كلمة «القلم» مكان السيف؟ أنا غير المحارب الوحيد بين أولاد مصباح.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

رام الله في قائمة «المدن المبدعة»

لبنان وسؤال بالنسبة للانتفاضة شو؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بقيت آخر أولاد مصباح بقيت آخر أولاد مصباح



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيدة

GMT 12:35 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 10:08 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 10:00 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس فتتأثر بمشاعر المحيطين بك

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 07:23 2020 السبت ,25 تموز / يوليو

الصحف.. و"كورونا" في زمن "حماس"

GMT 04:20 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

معاوية محمد نور رائد الحداثة الأدبية الفكرية في السودان

GMT 14:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

ابرزي جمالك بالتوربان مع هذه اللفات العصرية الأنيقة

GMT 08:43 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تويتر تطلق سياسة جديدة بشأن التغريدات المخالفة المحذوفة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday