رُعْبٌ
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

رُعْبٌ

 فلسطين اليوم -

رُعْبٌ

حسن البطل

١- جِلدُ «الكُرّ» 
بيننا وبين القاتل نُهَيْر صغير، وبين القاتل وضحيّته طول باع. «إنّ أنكرَ الأصواتِ لصوتُ الحمير»، لكن الكرّ الصغير لا ينهق، وهو لم ينهق نهقته الأخيرة.
رأينا القاتل الغجري يقتاد الكرّ الصغير إلى موته تحت شجرة الجوز الوارفة. قال الأولاد الكبار منا: يصنع الغجر من جلد الكرّ «دربكّة»، وترقص بناتهم وزوجاتهم على نقرِ الطبلة، ويجمع رجاله المال في الأعراس.
صغيرُ الحمارِ يُدعى «الكرّ»، وصغير الفرس يُدعى «المُهْر»، والكرُّ والمُهْرُ يرقصان رقصةَ الفراشة والسهم. الأتان الكبيرة والفرس الأصيلة هي شمس الكرّ والمُهْر.
اغمضوا أعينكم وتذكّروا «برطعة» الكرّ والمُهْر على حواشي الأمّ - الأتان، والأمّ – الفرس .. وبيننا وبين القاتل نُهَيْر أو جدول، ونحن نحتمي من هولِ الجريمة كما يكمن الجنود الأشاوس في حرب الشوارع: نأخذ زاوية البيت الأخير المطلّ على النهر، ونترك للولد الكبير أن يطلّ برأسه ويروي لنا لون الدمّ على يدي القاتل.. وكيف يُقتل.
تحت شجرة الجوز الوارفة، وبين ثلمين كبيرين يُشكّلان جذرين لساقية حقل، رأينا الموت موتاً، والكرّ الذي يُبرطع جثّة هامدة.
تعرفون كيف يبدو «حمار الوحش» الذي يُسمّونه «زيبرا». صغار حمار الوحش تُبرطع أيضاً (رأينا برطعتها في السينما).
كيف رأينا جثّة الكرّ القتيل؟     
سلخَ القاتل جلد بطن الكرّ الأبيض. سلخ القاتل جلد ظهره البنيّ الداكن. وتركَ جلد الرأس من فوق النحر.. وتركَ جلد قوائمه الأربع.. أما الذيل فقد اجتزّته سكين القتل من «عُصعُصِه».
وعندما صرنا نقرأ عن التنكيل في الجثث، والتمثيل فيها في حروب الممالك والامبراطوريّات وصراع الملك والأديان، والقتلة من أتباع «الماركيز دو - ساد» نتذكّر كيف ترك لنا القاتل الكرّ المُبرطع وهو «مُرقّط» بألوان الموت: موت سوريالي.
كانت أُمّنا تهدّدنا «سأكسر رجليك» وكانت تهدّدنا «سأسلخ جلدك». ورأينا أربع قوائم للكرّ الصغير غير مسلوخة. رأينا جلد بدنه مسلوخاً.. رأينا ذيله اللطيف.. كلا ترك لنا رأسه وأخذ الجلد والذيل.
في درس الرسم رسم الولد الصغير رسمة غريبة. ما هذا؟ سأل المعلّم. هذه «صوصة قاتل يذبح فيها».

٢- جِلدُ الميّت
مشهد سوريالي جدّاً على منضدة المشرحة.  
عارياً يُولد الطفل؛ وعارية تُوضع جثّة العجوز الفقير على منضدة المشرحة. ما هو الرعب؟ أن ترى «بروفيل» وجه الإنسان، ملتصقاً بـ «بروفيل» وجه إنسان آخر. ما هو الهلع؟ أن ترى سلخَ نصف جلدة رأسه. نصف أنفه. خدّه الأيمن.. شقّاً طويلاً من نصف ذقنه إلى نصف عورته. الذراع الأيمن. القدم اليمنى.
لا تشبه جثّة الرجل الميّت جثّة أي حيوان ميّت. لحم الإنسان ضارب للأبيض (بفعل الجملة العصبية شديدة النمو والتعقيد للكائن الأعلى).
وتلك العين الإنسانية المقتلعة من محجرها كانت على كتف الجثّة تنظر إلينا. تنظر إلى الباب وراءنا. تنظر إلى المدى وراء الباب.. وتنظر إلى اللاشيء!

٣- صُورة أشِعّة»؟
«شِدْ حِيلَك». الحيل هو القوّة. القوّة هي العمود الفقري. الجيش هو «حيل».. وفي الكارثة التي لا رادّ لها: «لا حولَ ولا قوّة إلاّ باللّه». 
في مقبرة السيّارات، كانت السيّارة المهشّمة تحت سيّارات أقلّ تهشيماً أو أكثر. شمس صيف وشموس صيف بعد صيف جعلت «نايلون» المقعد الأمامي يتخّ ويهترئ.
قلبتُ غطاء النايلون بطرف قلمي: شعرتُ بصدمة كالتي شعرتُ بها يوم صَفَّفْتُ شعري بـ «السيشوار» وأنا حافي القدمين على أرضية الحمّام المبتلّة. هكذا هو «الكرسي الكهربائي» على الأرجح. 
وهكذا كانت صورة جذع القتيل منطبعة بالأبيض - الأحمر على الغلاف الآخر لغطاء النايلون في المقعد الأمامي للسيّارة المهشّمة.
ظلال الفقرات واضحة فقرة فقرة، وحدود الفقرات واضحة، مرسومة بالدّم وظلال العظم. حدود أضلاع القفص الصدري واضحة.
رأيتُ ما رأيت من أفلامِ الرُّعب. ومثل ذلك الجمال المُرعب لصورة القفص الصدري لم أَرَ مُطلقاً.
لو أنني ساديّ لجعلت قطعة «النايلون» لوحة في «برواظ». لم أفعل. أخذتُ قالبَ الجبسِ لأسناني وجعلتُ منه تمثالاً.. وفوقه صورة دائرية بالكمبيوتر لأسناني كلّها.
«كيف تبدو صورة العالم لو أنّك لست موجوداً فيه»؟  
«لا صورة للعالم إلاّ لأنني موجود فيه».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رُعْبٌ رُعْبٌ



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 01:45 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة كأس البحرين لسباق الخيل تنطلق في بريطانيا السبت

GMT 18:37 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

مفيدة شيحة تُهاجم غيتس خلال "الستات مايعرفوش يكدبوا"

GMT 07:55 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

انتخاب نساء أكثر في الحكومات يُقدّم مساهمات حقيقية

GMT 13:31 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الدكتور علي جمعة يقدم برنامج "فن الدعاء" على "CBC"

GMT 05:28 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

إنتاج علاج جديد للسرطان يمنع انتشار المرض

GMT 20:24 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجم حسن الفذ يُعلن عن استعداده لعرضه الفني الجديد

GMT 04:55 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

أستاذ تاريخ يشبه إزالة "رودس" بتدمير داعش آثار سورية

GMT 10:11 2015 الجمعة ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أسرار جمال اللون الكحلي في زفافك
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday