التفاهم الروسي الأميركي نموذجاً
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

التفاهم الروسي الأميركي نموذجاً؟

 فلسطين اليوم -

التفاهم الروسي الأميركي نموذجاً

بقلم: حسن البطل

إعلان روسيا المفاجئ عن البدء بسحب القوات الروسية من سورية، تزامناً مع عودة المفاوضات بين النظام والمعارضة بإشراف دولي كثيف ينطوي على تقييم لطبيعة الأوضاع هناك بكل تشعباتها وعلى اختلاف اتجاهاتها.

منذ البداية أعلنت روسيا أنها ليست بصدد تدخل طويل المدى في سورية، مع العلم أن الصراع الذي تشهده سورية، سيستغرق زمناً طويلاً، وفي ضوء ذلك، جاء الانسحاب بعد نحو ستة أشهر من بدء عمليات القصف الجوي الروسي، في آخر يوم من شهر أيلول العام الماضي. خلال هذه الفترة، التي امتدت لستة أشهر أدى التدخل الروسي إلى قلب المعادلة، حيث أدى إلى اختلال ميزان القوة بشكل واضح لصالح النظام وقواته، وإلى توسيع رقعة سيطرته في الجغرافيا السورية. فإن أحد أهم الإعلانات الروسية، يتحدث عن أن التدخل الروسي يسعى للحفاظ على وحدة الدولة السورية، ما يعني أن هذا الانسحاب يتم بعد ضمان هذا الهدف موضوعياً، رغم كثرة التقولات المستندة في الحقيقة إلى واقع معين، حول إمكانية تقسيم البلاد.

من الواضح أن روسيا، لا تسعى للحسم النهائي، لصالح النظام، بمواصلة عملياتها العسكرية المؤثرة، بقدر ما انها تسعى لحماية وحدة الدولة، ووضع النظام في مكانة القوة التي تجعله مستعداً للانخراط في عملية سياسية ذات جدوى وقابلة للتحقيق.

وفق الاستراتيجية الروسية، فإن استمرار التدخل العسكري لصالح النظام إلى أن يتم حسم الصراع، كان سيؤدي إلى توفير كل أسباب العناد للنظام، بحيث يرفض الدخول في أية مفاوضات مع المعارضة، تؤدي إلى تغيير حقيقي، جوهري وسلمي لطبيعة النظام السائد، ونحو نظام ديمقراطي.

بالإضافة إلى ذلك فإن روسيا، لا تستطيع تجاهل التدخلات القوية الدولية والإقليمية، التي تعكس تضارباً في المصالح، ما يرتب عليها اعتماد استراتيجية تراعي مصالح، أو الحد الأدنى من مصالح الأطراف الداخلية على خط الأزمة.

هذا يعني أن روسيا التي اقتحمت بقوة النظام العالمي القديم، وقدمت نفسها كطرف فاعل في أهم وأخطر الملفات، واستطاعت أن تفرض قدرتها على الحفاظ بل وتوسيع مصالحها في أكثر المناطق حيوية، هذا يعني أن روسيا لا تريد أن تحصر مصالحها وعلاقاتها في هذه المنطقة بسورية وإيران.

تتطلع روسيا إلى تحسين علاقاتها مع السعودية ومصر ودول الخليج العربي، بالإضافة إلى إيران وسورية، وتطرح نفسها شريكاً ومعادلاً للولايات المتحدة في توزيع المصالح، وهو ما فشلت في تحقيقه الدول الأوروبية التي خاضت إلى جانب الولايات المتحدة حروباً، ودفعت أثماناً باهظة بدون أن تحصل على حصة.

تقدم روسيا نموذجاً مختلفاً عن السياسة الأميركية التي تسيدت على العالم لأكثر من عقدين من الزمن أظهرت خلالها، أنانية مفرطة في احتكار المصالح، وإقصاء الشركاء، بما في ذلك الدول العربية التي ظلت على علاقة أكثر من وثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية.

الدول العربية، خصوصاً دول الخليج تشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء السياسة الأميركية، التي أظهرت تردداً في مكافحة الإرهاب وعملت على استغلاله وتوظيفه لتحقيق مخططاتها التقسيمية وأطماعها في هذه المنطقة.

في كل الأحوال ما كان لروسيا الطموحة أن يصل مستوى تدخلها العسكري في سورية إلى درجة تكرار التجربة الأفغانية التي ألحقت الهزيمة بجيش الاتحاد السوفياتي سابقاً، وكلفته أثماناً باهظة، فيما جاءت النتائج على عكس المأمول.

ولهذا السبب، وبسبب طبيعة وأهداف التدخل الروسي العسكري، التي لا نتجاهل أن من بين دوافعه، إظهار المزايا الهائلة للسلاح الروسي، الذي يتمتع بقدرات تكنولوجية متقدمة جداً، لكل هذا جاء التدخل فقط من خلال الطيران الحربي أما استخدام الصواريخ على نحو محدود، فكان له رسائل محددة.

على أن القرار الروسي بسحب القوات العسكرية، ولا نعتقد أن الانسحاب سيكون شاملاً، ينطوي على رسالة غاية في الأهمية على المستوى الدولي، إذ أنه يقدم صيغة جديدة في العلاقات الدولية إزاء كيفية تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه الأزمات الخطيرة التي تقع في أكثر من مكان على هذه الأرض.

الإعلان عن الانسحاب، وإن كان قراراً روسياً بالدرجة الأولى، جاء كتتويج لتفاهمات روسية أميركية تشمل الاتفاق على مفاصل وتداعيات وآفاق الملف السوري، الأمر الذي يفتح العلاقات الروسية الأميركية على مرحلة من التفاهمات الإيجابية والمثمرة فيما يتعلق بالكثير من الأزمات.

هنا يطرح ملف الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي كواحد من أهم وأخطر الملفات التي تواجهها البشرية، وإن بدا أنه في وضعيته الراهنة لا ينطوي على مخاطر جدية على مصالح القوى الدولية تستوجب التدخل. السؤال هنا يذهب إلى الفلسطينيين والعرب قبل غيرهم، فهل طبيعة التعاطي مع هذا الملف، تفرض على المجتمع الدولي أن يبحث عن حلول جدية؟ الجواب بالقطع سلبي، ما يعني أن على الفلسطينيين أولاً والعرب ثانياً أن يبحثوا ويعملوا على استظهار مخاطر استمرار التجاهل الدولي لهذا الصراع. لا نتحدث عن حروب ولكن أيضاً لا نتحدث عن تصريحات عنترية وإنما نتحدث عن قائمة ليست قصيرة من الواجبات التي تؤدي إلى تغيير واقع الحال بالقدر والكيفية التي تستفز الآخرين للتدخل لحماية مصالحهم، وحتى لحماية إسرائيل من جنونها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التفاهم الروسي الأميركي نموذجاً التفاهم الروسي الأميركي نموذجاً



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 18:29 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

أسماك الوطواط العملاقة تغزو شواطئ غزة

GMT 14:01 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 00:13 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 14:26 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 07:45 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

عمرو السولية لاعب الأهلي يخضع لمسحة جديدة خلال 48 ساعة

GMT 13:38 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الفرو الصناعي موضة شتاء 2020 في ديكور المنزل والملابس

GMT 03:09 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

اكتشاف سماعة رأس تحدد العلامات المبكرة للخرف

GMT 07:06 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

القوات السورية تقطع خط إمداد "داعش" في دير الزور
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday