لا تعايرني ولا أعايرك
آخر تحديث GMT 05:19:09
 فلسطين اليوم -

لا تعايرني ولا أعايرك

 فلسطين اليوم -

لا تعايرني ولا أعايرك

طلال عوكل

لا أظنّ أن ثمة في المنطقة العربية فرداً، مواطناً كان أو مسؤولاً لم يعد يدرك ويعترف بأن الزلزال الكبير الذي يضرب المنطقة بأسرها منذ سنوات، ولا تزال ثورته لم تهدأ بعد، تعود أسبابه لنوعين من العوامل، الأول، يتصل بحاجة الشعوب لدق الخزان بقوة من الداخل، والثاني، يتصل بحاجة الاستراتيجيات الأميركية الإسرائيلية لإخضاع المنطقة لمخططات تستهدف التدمير وتقسيم المقسّم.
إذا كان العامل الأول وهو الداخلي، ينطوي على قدر من العفوية، فإن العامل الثاني ينطوي على فعل مخطط، ومعروفة أهدافه، ولذلك فإن عامل التخطيط، يكون في هذه الحالة اكثر تأثيراً او اشد قوة من العامل العفوي، إلى الحد الذي يجعل العامل الأول قادراً على توظيف العامل الثاني العفوي، والتلاعب به، لخدمة الأهداف المخططة مسبقاً.
ليست الدول القومية، هي فقط التي تخضع لمخططات التجزئة والتفتيت بل إن الاتجاهات والتيارات السياسية هي الأخرى تخضع للهدف ذاته، أي التجزئة، والغريب أن نراها مستجيبة عن وعي وعن غير وعي، لتلك المخططات.
التيارات الإسلامية مشتتة، موزعة، متضاربة، إلى أبعد الحدود، بالرغم من أنها تعتمد العقيدة ذاتها وهي الإسلام، لكن كلا منها يقرؤها ويفسرها بطريقته الخاصة. المسلمون السياسيون منقسمون إلى سُنّة وشيعة، والطوائف الأخرى الثانوية موزعة على هذين الطرفين، وهم أيضاً، منقسمون بين إسلام معتدل وإسلام متطرف، وتحت كل مسمى من هذه المسميات، ينقسمون مرة أخرى، وأخرى إلى الحد الذي جعل هذه الجماعات، تقدم أسماء لها، بالكاد يمكن حصرها.
وبالمناسبة فإن من يعود إلى استخلاصات مؤتمر هرتسيليا الثالث عشر، سيعثر على توصية تتحدث عن أن إسرائيل ينبغي أن تعمل من أجل بلورة تيارين متصارعين في المنطقة منقسمين بين شيعي وسُنّي.
الوطنيون والديمقراطيون واليساريون والليبراليون هم أيضاً، موزعون على أسماء ومسميات بالكاد يمكن حصرها، وإذا أخضعت هذه التيارات للدراسة، فإن الدارس سيجد تماثلاً شديد الوضوح في برامج وأهداف العديد منها في البلد الواحد.
المشهد العربي يشير إلى أن الكل ضد الكل رغم أن كل كل موزع إلى فسيفساء، بينما يتضاءل الاهتمام، والنضال ضد العامل المخطط، أي الخارجي المتمثل في التحالف الأميركي الإسرائيلي، ولذلك يفقد الكل البوصلة، ويتخبطون في تيه الأهداف بدون أن يتفاجؤوا، حيث يفترض أن يتفاجؤوا من أنهم يخدمون أعداءهم وأعداء شعوبهم، ويلحقون أضراراً بليغة بأنفسهم.
الساحة الفلسطينية ليست بمعزل عن ذلك، رغم اختلاف ظروفها لكون كل العاملين فيها، يناضلون من أجل التحرر الوطني، وتحقيق الاستقلال. ولأن الفلسطينيين يعتبرون أنفسهم طليعة الأمة العربية فيما يتعلق بالتحرر الوطني، ولأنهم أيضاً، أصحاب ثورة، فإنهم كانوا طليعيين أيضاً، في تحقيق الانقسامات، ودفعها إلى حد الصراع، رغم ادعاء الكل بأنه الأحرص على تحقيق الوحدة الوطنية، والأكثر وعياً لطبيعة المخططات الإسرائيلية. الجماعات الإسلامية في فلسطين كثيرة العدد، بالرغم من أن حركة حماس أكثرها قوة وتأثيراً، الأمر الذي يثير الاستغراب من أن عديد هذه الجماعات لا تقدم برامج مختلفة عن برنامج حماس، وان معظمها يتبنى المقاومة كما تفعل حماس.
اليسار الفلسطيني موزع على نحو خمسة مسميات، هذا إذا استثنينا أن بعض الفصائل غير المحسوبة على اليسار، يعتبر نفسه يساراً، ولا يعرف أحد لماذا يستمر هذا التشرذم، ولماذا فشلت عديد المحاولات السابقة في لمّ شمل اليسار.
اليساريون اشد من يطالب بالوحدة الوطنية، وأقلّ من يعمل من أجل وحدة اليسار، رغم أن البرامج متقاربة إلى أبعد الحدود، سواء فيما يتعلق بالالتزام الأيديولوجي، أو الاجتماعي، مع تقديرنا للخلاف السياسي، الذي تتخفف قيمته بالنظر لأن المخططات الإسرائيلية، لا تجعل الفوارق السياسية ذات معنى.
والحال أن الكل يكذب على الكل، فمن يطالب بالديمقراطية عليه أن يلتزم بمبادئها في داخل فصيله، ومن يطالب بالوحدة عليه أن يقدم النموذج على نفسه.
التيار الوطني هو الآخر موزع على مسميات يصر كل منها على الاستمرار بالرغم من أن الحياة لا تزكي مثل هذا العناد، ذلك أن حركة فتح وهي الأكبر والأقوى، تسمح آليات عملها ونظامها الداخلي، باستيعاب كل هذه المسميات. غير أن «فتح» هي الأخرى تعاني من عصاب وعدوى الشرذمة، إذ لم تكن أحوال هذه الحركة القائدة، التي يُعوّل عليها الكثيرون، أسوأ مما هي عليه اليوم، لم تستفد «فتح» من تجربة الانتخابات التشريعية السابقة، حيث أدى تشرذمها إلى فوز حركة حماس، ولم تستفد من تجربة الانتخابات المحلية، التي جرت في الضفة الغربية، وقد أدى تشرذمها إلى خسارة فادحة في انتخابات جامعة بيرزيت الأخيرة، وهي لن تكون الخسارة الوحيدة أو الأخيرة إذا استمر حال فتح على ما هو عليه.
خسارة «فتح» وتراجعها هو خسارة للمشروع الوطني، ولذلك مطلوب من قيادتها أن تعيد النظر، وأن تتخذ قرارات جريئة لإعادة توحيد صفوفها، بما في ذلك وأساساً، معالجة الأزمة مع النائب الفتحاوي محمد دحلان، ومواليه وهم ليسوا قلّة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تعايرني ولا أعايرك لا تعايرني ولا أعايرك



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 14:19 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 13:28 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أنت مدعو إلى الهدوء لأن الحظ يعطيك فرصة جديدة

GMT 08:30 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"العقرب" في كانون الأول 2019

GMT 11:41 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 09:03 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الدلو" في كانون الأول 2019

GMT 09:11 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 14:19 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستعين بالتول لتصميم فساتين زفاف

GMT 00:29 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

جزيرة فوكيت لتمضية إجازة ممتعة في مسابح خاصة

GMT 18:38 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طرق تنسيق حقائب الـ Fanny Pack" "
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday