لا تكن ليّنًا فتعصر أو صلبًا فتكسر
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

لا تكن ليّنًا فتعصر أو صلبًا فتكسر

 فلسطين اليوم -

لا تكن ليّنًا فتعصر أو صلبًا فتكسر

بقلم - طلال عوكل

متشائمة ومحبطة الأجواء التي تسود الأوضاع الفلسطينية، خاصة في قطاع غزة بعد التهديدات الجدية التي أطلقها الرئيس محمود عباس، وتعكس إصراراً على استرجاع غزة إلى حضن السلطة.

الناس في غزة ينتظرون الإجراءات اللاحقة، بكثير من القلق، وهم على قناعة بأن إجراء خصم الرواتب ليس سوى البداية لإجراءات أشد صعوبة وتأثيراً على حياة الناس اليومية.
تأخر وصول وفد اللجنة المركزية لحركة فتح إلى غزة يثير بدوره القلق، نظراً لضيق الوقت المتاح والذي حدده الرئيس بالخامس والعشرين من الشهر الجاري وإلاّ.

كان عضو اللجنة المركزية لفتح أحمد حلس، قد التقى قيادات من حماس، ووضعهم في صورة الموقف الذي يفترض أن يحمله الوفد السداسي، ما يعني أن تأخر الوفد الفتحاوي ناجم عن غياب رد من قبل حركة حماس.

هذا يعني، أيضاً، أن الوفد قد لا يصل إلى غزة، في حال تبلغ رداً سلبياً، حتى لو كان من خلال الصمت الذي ينطوي على رد سلبي.

لم يعد ثمة حاجة للتشخيص، بشأن دوافع وأسباب وأهداف الرئيس محمود عباس وفي هذا التوقيت بالذات، فبغض النظر عن كل ذلك ثمة قرار حاسم حازم، بضرورة اتخاذ كل الإجراءات الممكنة وأية إجراءات يمكن أن تؤدي إلى استعادة قطاع غزة إلى حضن السلطة مهما بلغ الثمن.

على أن المؤشرات التي تصدر عن الطرفين فتح وحماس، لا تدعو للتفاؤل بشأن إمكانية معالجة ملف الانقسام، من خلال الحوار أو قبول حركة حماس الاندماج في السلطة، وفق رؤية وشروط الرئيس عباس.

على أنني لا أعتقد أن الرئيس يفكر بالطريقة التي عبّر عنها قاضي القضاة، الشيخ محمود الهباش الذي أفتى في خطبة الجمعة الماضية، بأن لدى الرئيس الحق والصلاحية بالتصرف، أسوة بما فعله الرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم-  بحق "مسجد الضرار".

غريبة هذه الفتوى وغريب استخدام الدين بهذه الطريقة، في تعامل ولي الأمر مع الرعية.

كما أن حركة حماس صعدت من ردودها على الموقف الذي اتخذه الرئيس، حيث أقدم أنصارها على حرق صوره وصور رئيس الحكومة رامي الحمد الله.

على أن ما هو أهم من ذلك، ما ورد من تصريحات على ألسنة قيادات حمساوية عبرت عن رفضها التعامل مع طريقة الرئيس عباس، الذي من وجهة نظرهم يتعامل مع غزة وكأنها "بكسة بندورة" أو "بكسة بطاطا"، وبعضهم هدد بسحب الشرعية عن الرئيس والسلطة.

في الواقع فإن حماس لم تتوقف عن اعتبار الرئيس غير شرعي، وان ولايته قد انتهت منذ سبع سنوات، غير أن ذلك لم يمنع الرئيس من ممارسة صلاحياته كاملة، على اعتبار أن الشرعية ليست فقط قانونا وصندوق اقتراع.

عملياً الشرعيات مضروبة والقانون مضروب، فقد أطاحت عشر سنوات من الانقسام، الذي تم مأسسته، بالقانون الأساسي، وبكل القوانين، ولذلك فإن التهديد بسحب الشرعية لا يعني شيئاً في الواقع.

لا بد إذاً من أن تستشعر حركة حماس مدى خطورة الظروف، وصعوبة الخيارات المطروحة، والبحث عن أفضل هذه الخيارات التي توفر عليها وعلى الشعب الفلسطيني أثماناً وتكاليف باهظة.

لن تنتهي الدنيا، ولن تهلك السياسة الفلسطينية إذا أخذت حماس بخط التعامل الإيجابي مع ما هو مطروح من قبل الرئيس.

يحتاج الظرف إلى الشعور العميق بالمسؤولية الوطنية، وحتى بالمسؤولية الخاصة ونعتقد أن التعامل مع ما يطرحه الرئيس في الإطار الوطني العام، يمكن أن يقدم أفضل المخارج، التي لا تفضي إلى معادلة منتصر ومهزوم.

العناد والرفض، هو الطريق الأكيد، لهزيمة الكل الوطني، ولطرفي الانقسام الفلسطيني فلا أظن أن الرئيس يشعر بالارتياح وهو يتخذ مثل هذه الإجراءات القاسية.

لقد قلنا في زمن سابق إن وقوع واستمرار الانقسام، قد كلف الشعب الفلسطيني وقواه الحية، أثماناً باهظة، فكيف وما هو الثمن المطلوب مقابل استعادة الوحدة الوطنية، كإنجاز كبير للقضية وأهلها.

من الواضح أن الوقت من ذهب، وأن الأمر لا يحتمل المماطلة والتأجيل ولا مجال للمناورات، واللفّ والدوران، ولا نظن أن أي تدخلات خارجية أو داخلية ومبادرات أو اقتراحات يمكن أن تعدل من سياق تطور الأحداث الجارية.

المنطق الذي يطرحه الرئيس يقول: إما أن تحملوا غزة بكل أعبائها، وتتحملوا تبعات ذلك، وإما أن تسلموا غزة بالكامل للسلطة، وتتخلوا عن الحكم.

هذه هي باختصار المعادلة المطروحة والسؤال الأساسي الذي يحتاج إلى إجابة واضحة وصريحة.

حماس مبدئياً أجابت علنياً، وأبدت استعدادها لتسليم السلطة لحكومة الوفاق وتمكينها من العمل وهو مؤشر جيد ولكنه يحتاج إلى العديد من الإجابة عن تفاصيل كثيرة تتعلق برواتب الموظفين، وبقية الخطوات اللاحقة.

بقية الخطوات اللاحقة تتصل بالموقف من حكومة وحدة وطنية على أساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، أو تعديل الحكومة الحالية، يتلو ذلك انتخابات تشريعية ورئاسية.
نعلم أن قائمة الاستحقاقات لاستعادة الوحدة تطول أكثر من ذلك، وأن ثمة أسئلة معجّلة وأخرى مؤجّلة، حتى نكون أمام خارطة طريق متكاملة، ولكن ليبدأ الكل من هذه النقاط ثم يتبع ذلك حوار تتيح له الظروف الإيجابية الناشئة لأن يكون إيجابياً وبنّاءً.

أقول ذلك وفي الذهن ما يعلمه الجميع، من أن بعض فصائل منظمة التحرير مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية، تمثل معارضة في إطار المنظمة إذ لم تسقط بعض الفصائل التزامها بهدف تحرير كل فلسطين، ولم توافق على اتفاقية أوسلو ولديها من الانتقادات والملاحظات الكثير على السياسة الرسمية، ولكنها تمارس سياساتها ومواقفها في إطار النظام السياسي.

على حركة حماس أن تجتاز هذه العقبة التاريخية، التي ستمكنها من أن تشكل مع فصائل أخرى معارضة قوية وفاعلة ومؤثرة في إطار النظام السياسي الفلسطيني الموحد.

لا يمكن استمرار الوضع بما هو عليه، حيث سلطتان وبرنامجان وقيادتان، ورأسان لنظام سياسي فلسطيني، يسعى وراء تحقيق أهداف وطنية يتوافق الكل الفلسطيني على حدها الأدنى.

السياسة لا تعرف الثبات، والثابت فيها هو الحركة والتغير، وفي ظل الظروف المحيطة المتحركة والمتغيرة، لا بد من التغيير وفق معادلة "لا تكن ليّناً فتعصر ولا تكن صلباً فتكسر".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تكن ليّنًا فتعصر أو صلبًا فتكسر لا تكن ليّنًا فتعصر أو صلبًا فتكسر



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 00:06 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير داخلية بوينس آيرس يستقيل من منصبه

GMT 01:24 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

النجم جورج وسوف يحيي حفلة غنائية في فرنسا

GMT 21:04 2017 الأربعاء ,05 تموز / يوليو

نجم الفريق تامر صيام يحسم موقفه من هلال القدس

GMT 05:49 2017 الخميس ,12 كانون الثاني / يناير

هنا الزاهد نؤكد خوض تجربة المسلسل الكارتوني لأول مرة

GMT 07:21 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

6 أخطاء شائعة يجب تجنبها عند إنشاء "كملة سر" صعبة

GMT 10:51 2019 الأحد ,07 إبريل / نيسان

هنري جاك يواصل إبداعه في مجموعة Les Classiques de HJ

GMT 00:18 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة تحضير مشروب التمر هندي بالكركديه

GMT 06:07 2018 الجمعة ,14 أيلول / سبتمبر

الصبار يحميك من السرطان ويحافظ على صحة بشرتك

GMT 06:41 2018 الجمعة ,02 آذار/ مارس

عمليات التجميل ترتفع بنسبة 200 % بين النساء

GMT 17:12 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

أنوشكا تستضيف في صالونها ليلى علوي وإلهام شاهين ويسرا

GMT 22:58 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

مكياج بوحي الساحل الشرقي والغربي الأميركي من جيجي حديد

GMT 16:16 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مصطفى مراد يُعلن ترشحه لانتخابات الأهلي

GMT 19:16 2017 الإثنين ,25 أيلول / سبتمبر

تصريح وزير الخارجية السوري وليد المعلم
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday