عن السياسة مرة أخرى
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

عن السياسة مرة أخرى

 فلسطين اليوم -

عن السياسة مرة أخرى

عاطف أبو سيف
بقلم : عاطف أبو سيف

في خضم الكفاح ضد فيروس كورونا والتفاصيل التي لا بد منها من أجل حماية المواطن من الموت الذي يحمله الفيروس فإن السياسة يجب ألا تغيب أبداً خاصة في حالة شعب مثلنا يناضل من أجل حريته أمام احتلال لا يحترم أي أخلاق أو قوانين أو أعراف. وعليه فإن تأكيد الحديث عن السياسة يجب أن ينظر له بوصفه جزءاً من حماية المواطنين أيضاً من خلال صون حقوقهم السياسية، الحقوق التي تضمن استمرارنا على هذه الأرض التي يريد العدو أن يقتلعنا منها. والتمسك بهذا الخطاب هو تمسك بهذا الاستمرار على الأرض وكفاح من أجل ضمانه وضمان سلامة المواطنين على هذه الأرض.

إسرائيل استغلت كل الظروف من أجل المساس بالحقوق الوطنية الفلسطينية والتأكد على جعل وجودنا قلقاً وغير مستقر. لم تفعل هذا فحسب بل قامت بمحاربة الجهود التي تبذلها الحكومة لمحاربة تفشي الوباء. حيث يتم اعتقال كل العاملين في القدس في محاربة الوباء والنشطاء الميدانيين والمتطوعين في قطاع الصحة بجانب المسؤولين الرسمين واستخدام كل التهديد والتعذيب الذي تسعى من خلاله إلى ردع الإرادة الفلسطينية على حماية المواطنين ووقايتهم. كما تصادر العيادات المؤقتة التي يتم نصبها في المناطق المصنفة «ج» وبالتالي حرمان سكان تلك المناطق من الخدمة الطبية الممكنة التي قد تساعد في حمايتهم من الوباء.

وربما على النقيض من رغبة دولة الاحتلال فإن تدخلات الحكومة في مناطق القدس حققت نجاحات كبيرة رغم ما يمكن تسميته محاولات «التطهير العرقي» عبر نشر المرض وقوبلت بترحاب كبير وعززت العلاقة مع سكان العاصمة في ظل ما يواجهونه من سياسات.

وبكلمة أخرى، فإن السياسات التي اتخذتها القيادة نجحت في أن تفشل الكثير من سياسات إسرائيل في العاصمة. وبعبارة أخرى فإن الحديث هنا يدور حول السياسة بقدر إن قناته هي الصحة. فالتدخل في القدس ومنع تفشي الوباء فيها يشكل صراعاً آخر في وجه سياسات دولة الاحتلال التي تريد أن ينتشر المرض هناك وتحارب كل ما يمكن أن يحد من انتشاره. إن البعد السياسي والمكون الوطني في أزمة كورونا يجب ألا يغيب في أي لحظة عن بالنا ونحن نفكر في تفاصيل الأزمة.

فالقضية صحيح أنها صحية وطبية وبحاجة لمعالجات وقائية لكنّ ثمة عمقا سياسيا بامتياز في كل ذلك، وأيضاً انشغالنا في محاربة الوباء يجب ألا يجعل الخطاب السياسي يتراجع أو يتوارى في الخلف، فكل ما يجري في البلاد له بعده السياسي أو على الأقل يجب ألا يغيب البعد السياسي عنه. ففي البداية وفي النهاية ثمة قضية مركزية للشعب الفلسطيني تتمثل في الاحتلال وإن نضالنا يجب أن يستمر في محاربة الفيروسين: فيروس الاحتلال وفيروس كورونا. في ظل هذا الفهم يمكن لنا أن نحقق الكثير ونمنع أي تآكل في حقوقنا.

حتى في ذروة جائحة كورونا واصلت إسرائيل كل سياساتها الاستيطانية والعدوانية لابتلاع الحقوق الوطنية الفلسطينية. فلم تتوقف اعتداءات المستوطنين على القرى والمواطنين الفلسطينيين وكانت تتم كما دائماً وربما بوتيرة أكبر بتعاون ودعم من قوات الجيش وإسناد من الحكومة الإسرائيلية. ولا يمكن تصور أي انتهازية لاإنسانية هذه التي تستغل انشغال الناس بمحاربة الفيروس وتواصل الاعتداء عليهم. ليس هذا فحسب بل أيضاً تتواصل سرقة المواقع الأثرية والتراثية ونهب التاريخ من أجل خلق تاريخ زائف. سياسات لا يمكن أن يقوم بها بشر أو تتصرف بها دولة، لكن إسرائيل تفعل. هذه السياسات كلها تشير إلى حقيقة الاستغلال التي اتسم بها المشروع الإحلالي الكولونيالي الصهيوني في أرض فلسطين.

مثلاً، في الوقت الذي يمتنع فيه المصلون عن أداء صلوات الجماعة حفاظاً على أرواحهم واتباعاً لطرق السلامة الوقائية التي تعمل بها كل البشرية تقوم إسرائيل باستغلال هذا الظرف وتشجيع قطعان المستوطنين على تدنيس المسجد الأقصى وبقية الأماكن المقدسة. وبالقدر الذي يمكن وضع قائمة بالجرائم الإسرائيلية غير المسبوقة في تاريخ البشرية والتي ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية منذ سرقة البلاد  وتوطين غرباء فيها حتى سياسات التمييز العنصري بأنماطها المتجددة إسرائيلياً، بالقدر الذي يمكن فيه تصور أنه فقط في هذه البلاد هناك من يستغل الكوارث الإنسانية من أجل سرقة حقوق الآخرين. ربما هذه سابقة بحاجة لتشريع جديد في القانون الدولي.

في خضم كل ذلك تتبنى الحكومة الإسرائيلية بطبعتها الائتلافية الجديدة مشروع ضم غور الأردن أو بالأحرى سرقة غور الأردن، عبر الانتقال من الاحتلال والسيطرة بالقوة إلى السرقة والابتلاع. وفيما العالم منشغل بالحرب الكونية على الفيروس فإن إسرائيل تضع خططاً أكثر لمواصلة احتلالها للبلاد وانتهاكها لكل القوانين والشرائع الدولية. وهذا يعيدنا للسؤال الكبير بأنه في خضم كل ذلك يجب أن نركز على السياسة. صحيح أننا بحاجة لمحاربة الفيروس والسياسات التي يتم اتباعها ناجعة وقادت إلى الحد من الكثير من المخاطر فإننا بحاجة لتطوير الصراع السياسي الآن وتفعيل الكثير من الأدوات من النضال في المؤسسات الدولية إلى النضال الميداني.

وربما أيضاً في خضم الحديث عن استعادة السياسة في ظل الأزمة يجب علينا التذكير مرة أخرى بوجوب الوحدة الوطنية. إن تحقيق الوحدة الوطنية ليس ترفاً ولا من الكماليات بل من الأصول الواجبة، وإن عدم تحقيقها حتى الآن بسبب تعنت «حماس» وبحثها عن بدائل أخرى يجب ألا يدفعنا للتوقف عن النضال من أجل تحقيقها. إن الخطاب السياسي بشقيه المتعلق بالمطالب الوطنية ومواجهة سياسات دولة الاحتلال وبتحقيق المصالحة وإنجاز الوحدة لا بد من تثويره بما يكفل الوقوف في وجه سياسات الضم والابتلاع وإعادة الاعتبار للوحدة الغائبة منذ ثلاث عشرة سنة.

قد يهمك أيضا : 

  "كورونا" وعالمنا المعاصر

عن التجربة الإيطالية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن السياسة مرة أخرى عن السياسة مرة أخرى



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 01:45 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة كأس البحرين لسباق الخيل تنطلق في بريطانيا السبت

GMT 18:37 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

مفيدة شيحة تُهاجم غيتس خلال "الستات مايعرفوش يكدبوا"

GMT 07:55 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

انتخاب نساء أكثر في الحكومات يُقدّم مساهمات حقيقية

GMT 13:31 2018 الإثنين ,23 إبريل / نيسان

الدكتور علي جمعة يقدم برنامج "فن الدعاء" على "CBC"

GMT 05:28 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

إنتاج علاج جديد للسرطان يمنع انتشار المرض

GMT 20:24 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجم حسن الفذ يُعلن عن استعداده لعرضه الفني الجديد

GMT 04:55 2015 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

أستاذ تاريخ يشبه إزالة "رودس" بتدمير داعش آثار سورية

GMT 10:11 2015 الجمعة ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أسرار جمال اللون الكحلي في زفافك

GMT 06:28 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

7 أخطاء يجب عدم الوقوع بها في موضة الصيف
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday