د. يوسف رزقة
التشريعي في فلسطين في ذمة الله. هذا ما قاله لى بعضهم. في الفترة التي سبقت اتفاق الشاطئ، وتلت الانقسام ، كان التشريعي في هذه الفترة مريضا ، فقد كانت حكومة هنية في غزة تمنحه بعض الحياة والعافية حين تتعامل معه ومع قراراته كسلطة تملك الحق الكامل في التشريع، والرقابة والمحاسبة، وكانت له كلمة مسموعة عندها، وكانت قراراته ملزمة لها.
هذه الحالة من العافية والحياة الجزئية التي توفرت للمجلس في غزة دون الضفة، انتهت بانتهاء حكومة إسماعيل هنية، وقيام حكومة ما يسمى بالتوافق الوطني، حيث لا تعترف هذه الحكومة بسلطة المجلس التشريعي عمليا، وإن تحدثت عن وجوده نظريا.
حكومة الحمد الله لم تعرض نفسها على المجلس التشريعي، ولم تأخذ منه الثقة اللازمة لممارسة أعمالها، بحسب نصوص القانون الأساس الفلسطيني( الدستور). حكومة ما يسمى بالتوافق، وهو في الحقيقة ( توافق مع وقف التنفيذ؟!)، تعمل من خارج المجلس التشريعي الجهة الفلسطينية المنتخبة المتبقية، وانتهت شرعية حكومة هنية، والجهة الوحيدة التي يتفق وجودها الممتد مع القانون الأساس الفلسطيني، بينما انتهت مدة رئيس السلطة، ولم ولم يتم تجديد سلطة الريئس من خلال الانتخابات.
حكومة التوافق تستمد وجودها من رئيس السلطة فقط، أي من السلطة التنفيذية، لا من السلطة التشريعية، وهذا يعني أنه ليس بوسع المجلس التشريعي القيام بواجباته التي تتعلق بالتشريع، والرقابة، والمحاسبة، لأن الحكومة لا تتعاون معه، ولا تقبل كلمته، ولا ترسل له مشاريع قوانين، وإذا شرّع هو شيئا فهي لا تلتزم بتشريعه.
تخيل هذا الواقع، وتخيل كيف تقبل التشريعي أن تعرض عليه حكومة التوافق بعد شهر من تشكيلها، احتراما منه لما توافقت عليه فتح وحماس، ولكن شيئا من هذا لم يحدث؟! وتخيل أيضا أنه تقبل ما ورد في ورقة التفاهمات الأخيرة، التي وعدت بدعوة المجلس للانعقاد قبل ١٥ من نوفمبر الجاري، وهو ما ترجح الأوساط عدم حدوثه، وتخيل أن حكومة التوافق لا تصرف رواتب أعضاء المجلس، وتخيل أن حكومة التوافق لا تصرف موازنة المجلس للقيام بعمله ، تخيل هذا كله وغيره؟! ، وقل هل بوسعنا أن نقول إن التشريعي بات في ذمة الله، وعظم الله أجركم كما قال محدثي آنفا؟!
قد تكون إجابة بعضنا بلا. وهذه إجابة جيدة، ونحن نتمناها واقعا، فهل يملك التشريعي طريقا لتجسيد بقائه على الحياة حيا يمارس اختصاصاته كما قررها الدستور ، وهل يستطيع في خطوة تالية أن يقاضي الحكومة لأنها تنكرت لغزة، وللموظفين، بما فيهم من توظفوا قبل الانقسام؟! هل يستطيع المجلس أن يفعل شيئا لنفسه، وللموظفين؟! وهل له ثمة بقية من عافية وصحة تمكنه من القيام بواجباته التي هي حقوق للشعب وللناخبين؟! هل يمكن للتشريعي عقد جلسة مساءلة لحكومة التوافق بسبب تكرار إضراب الموظفين العموميين طلبا لحقوقهم الأساسية ؟! أم أن الأضراب وتداعياته ليست من عمل التشريعي؟!
أنا شخصيا أعتقد أن السلطة الباقية هي سلطة المجلس التشريعي، وأعتقد أنه هو السلطة الأقوى إذا أصر على ممارسة صلاحياته بدون تردد، وأنه يمكنه مقاضات السلطة التنفيذية، وإلزامها بما ألزمها به القانون.