د. يوسف رزقة
في مقال الأمس تناولنا تصريح نيتنياهو ( لا انسحاب جديد من الضفة الغربية.. ولا. لحل الدولتين)؟! وقلنا إن هذا التصريح ليس للانتخابات، وليس (لوي دراع ) للسلطة، كما تحدث بعضهم ، والصواب أنه جزء من استراتيجية نيتنياهو وحزب الليكود والمتدينيين، وينبغي على السلطة وسائر الفلسطينيين والعرب أن يتعاملوا مع التصريح على هذه النحو.
واليوم نتناول تصريح ( يتسحاق هورتسوك ) زعيم كتلة المعسكر الصهيوني التي تضم حزب العمل ، وحزب تسيبي ليفني، حيث يقول : ( إن الحديث عن مفاوضات على القدس هلوسة؟!)، ويتعهد باستمرار البناء في المستوطنات الكبيرة، التي تعتزم إسرائيل ضمها؟! ويرى أن ( إسرائيل ) في مواجهة الآن مع السلطة، لأن السلطة اختارت محكمة الجنايات، وبهذا تعرض الضباط والجنود للخطر؟!
المؤسف في التناول الإعلامي الفلسطيني والعربي أنه يقف عند هذه التصريحات بدون مبالاة غالبا، وبسذاجة أحيانا، ومن هذه السذاجة تفسير التصريح حول القدس على أنه دعاية انتخابية لجلب بعض أصوات اليمين للمعسكر الصهيوني؟! بينما الحقيقة التاريخية، والواقعية، تقول إن الأحزاب الإسرائيلي بكافة توجهاتها تجمع على ضم القدس، وترى ما يرى هورتسوك : ( إن الحديث الفلسطيني والعربي عن القدس ( هلوسة؟!).
هورتسوك لا يبعد كثيرا عن نيتنياهو في المسألة الفلسطينية. هو قد يختلف مع نيتنياهو في الملفات الإسرائيلية الدخلية، ولكنه يتفق معه في الرؤية الإسرائيلية للقدس من ناحية، وفي حل الدولتين من ناحية أخرى بشكل شبه تام.
إن تاريخ حزب العمل تحكي أنه كان الحزب الإسرائيلي الأكثر رعاية للاستيطان في القدس والضفة، وأنه الأكثر شراسة في استخدام القوة ضد الفلسطينيين، والعرب، ولا داعٍ لتفصيل ذلك لأنه معلوم من التاريخ. وعليه فإن تصريحات هورتسوك ليست دعاية انتخابية، وليست ( لوية دراع) أيضا للسلطة ، بل هي جزء من رؤية ومن استراتيجية مقررة.
إن من لا يقرأ أصول الرؤية الاستراتيجية (للأرض، والتواجد السكان الفلسطينيين عليها، ولبناء الدولة اليهودية) ، ستخدعه التحليلات التي تنسب هذه التصريحات الواضحة والمعبرة عن قناعات استراتيجية إلى الدعاية الانتخابية، والأمر ليس كذلك عند الخبراء في الاستراتيجيات.
إن ما تطرحه الأحزاب الإسرائيلية في برامجها الانتخابية، وفي دعايتها، وتصريح قادتها، هي مضطرة للالتزام به لاحقا عند الفوز، لأن الناخب الإسرائيلي له القدرة على محاسبتها، وإسقاطها من الحكومة إذا ما تنكرت للبرامج التى صوت عليه الناخب.
في دولة الاحتلال ، وهذا ما يجب أن نعترف به، يصوت الناخبون على برامج، لا على أفراد، ومن ثمة تحاول الأحزاب الفائزة أن تلتزم بالبرنامج الذي طرحته على الناخبين. وهنا يمتنع قياس الحالة الإسرائيلية في الانتخابات على الحالة العربية.
هورتسوك ونيتنياهو لا يختلفان كثيرا، وبرامج اليمين والمعسكر الصهيوني تلتقي معا في الملفات الفلسطينية، وعلى من يختلف مع هذا التحليل أن يتذكر عدد السنوات التي قادت فيها ليفني المفاوضات مع عريقات وعباس وماذا كانت النتيجة؟!