بشّار… وتطويع الدروز
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

بشّار… وتطويع الدروز

 فلسطين اليوم -

بشّار… وتطويع الدروز

بقلم : خير الله خير الله

في السياسة، لا وجود لهدايا من أجل الهدايا. إذا كان بشّار الأسد يريد البقاء في دمشق، عليه أن يدفع الثمن. لا بدّ من دفع الثمن بعيدا عن أي نوع من التذاكي مثل دفع “داعش”، الذي يتبيّن كلّ يوم أكثر أنّه أداة لدى النظام السوري وإيران، إلى ارتكاب مجازر في حق دروز سوريا.

الأمل كبير في ألّا يقع دروز سوريا، والدروز عموما، في الفخّ الذي ينصبه لهم الإيرانيون والنظام السوري، عبر “داعش” وأن يتذكروا أن الهدف من مجزرة السويداء الأخيرة هو دفعهم إلى الانضمام إلى القوات التابعة لبشّار والتي تعاني حاليا من نقص كبير في العدد والقوى البشرية.

تكمن قوّة الدروز في أنهم يعرفون دائما الدفاع عن أرضهم بصلابة، وليس في المشاركة في غزوات في مناطق بعيدة مثل إدلب إرضاء لرئيس النظام والإيرانيين والروس.

 من المفارقات العجيبة الغريبة أن الوفد الروسي الذي تفاوض مع وُجهاء السويداء أخيرا، وبين هؤلاء “رجال الكرامة”، حذّر من عواقب عدم انضمام الشباب الدرزي إلى الألوية التي لا تزال موالية للنظام.

يُفترض ألّا تغيب الصورة الكبرى لما يدور في سوريا عن أحد، خصوصا بعد الذي حصل في السويداء وذلك الظهور المفاجئ لـ”داعش” كي يستخدم في إخضاع دروز سوريا الذين اتخذوا مواقف في غاية الحكمة منذ اندلاع الثورة في العام 2011. تتلخص هذه المواقف في رفض أكثرية الدروز الخدمة العسكرية خارج المناطق الدرزية. معروف تماما لدى الدروز ماذا يعني الاعتداء على الآخر في بلد الأكثرية الساحقة من مواطنيه من السنّة.

تقول الصورة الكبرى إنه بات واضحا أن الثمن المطلوب من بشّار، كي يبقى في دمشق، صار إسرائيليا. هناك استعداد لدى حكومة بنيامين نتنياهو لتفهّم العجز الروسي عن إخراج إيران من كلّ سوريا.

 لذلك هناك قبول بأن يتمركز الإيرانيون وتوابعهم من الميليشيات المذهبية على بعد مئة كيلومتر من خط وقف النار بين سوريا وإسرائيل في الجولان.

مسافة المئة كيلومتر هذه التي تجعل الإيرانيين خارج دمشق، وهذا ما يرضي الروس، ليست كافية لإسرائيل. إذا كان الإيرانيون يريدون البقاء مع ميليشياتهم في الأراضي السورية، عليهم التخلي عن الصواريخ البعيدة المدى وعن مصانع هذه الصواريخ، كما عليهم التخلي عن المعابر التي أقاموها بين سوريا والعراق وسوريا ولبنان.

هناك ترسيم جديد لإطار اللعبة الدائرة في سوريا. وراء ترسيم الإطار، تقف إسرائيل بالتفاهم مع روسيا. ما يظهر بوضوح أنّ الحلف الأقوى والأكثر عمقا في المنطقة هو الحلف الروسي- الإسرائيلي الذي انضمّ إليه الأميركي. ليس سرّا أن إدارة دونالد ترامب غير مستعدة لرفض أيّ طلب إسرائيلي. ما يدلّ على ذلك موقفها من الفلسطينيين ومشروعهم الوطني وإصرارها على نقل السفارة الأميركية إلى القدس ضاربة بالحائط كلّ قرارات الشرعية الدولية.

هل يمكن الرهان على قبول بشّار الأسد بالشروط الإسرائيلية التي تعني، في نهاية المطاف، إقدامه على خيار واضح هو بين أن يكون إسرائيليا أو إيرانيا؟

يكتشف من يتابع مسيرة الأسد الابن منذ ما قبل خلافته لوالده في مثل هذه الأيّام من العام 2000، أن الرجل وضع نفسه في المركب الإيراني. كانت كلّ الرهانات العربية على انتزاع بشّار من إيران رهانات فاشلة.

ترافقت الرهانات العربية مع رهانات فرنسية قام بها الرئيس جاك شيراك الذي استقبل “وليّ العهد” السوري، كرئيس دولة، في الإليزيه قبل أن يصبح بشّار رئيسا. لم تنفع كلّ المحاولات الفرنسية، لا في تحويل بشّار إلى رجل دولة عصري، ولا في تقديم كلّ الخدمات المطلوبة من أجل تحسين وضع الإدارة السورية وتحديثها.

ليس سرّا أنّ المملكة العربية السعودية لعبت دورا محوريا في إبقاء الاقتصاد السوري على رجليه لدى وفاة حافظ الأسد. دعمت المملكة الليرة السورية ومنعتها من الانهيار.

 لم تنجح أي محاولة عربية أو أوروبية من أجل جعل بشّار الأسد رئيسا عربيا طبيعيا يهتمّ ببلده، ويعوّض عن الفرص الضائعة التي لم يعرف والده استغلالها، بما في ذلك فرصة استعادة الجولان المحتلّ.

كانت نقطة التحوّل لدى من كان لا يزال لديه أي وهم بالنسبة إلى إخراج بشّار من الأسر الإيراني، الموقف الذي اتخذه الرجل من القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن خريف العام 2004، والذي يدعو إلى الامتناع عن تمديد ولاية الرئيس اللبناني إميل لحود. تحدّى رئيس النظام السوري المجتمع الدولي وأصرّ على التمديد بعد توجيه تهديد مباشر إلى رفيق الحريري الذي قبل بالتمديد مرغما، وما لبث رفيق الحريري أن دفع ثمن حقد بشّار والإيرانيين عليه.

حتّى بعد اغتيال رفيق الحريري، حصلت محاولات عدة لإعادة تعويم بشّار. كانت هناك محاولة بذلها الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أتى بسعد الحريري إلى دمشق، ثم اصطحب رئيس النظام السوري إلى بيروت وذلك في إطار مصالحة شاملة على خلفية فكّ الارتباط بين بشّار وإيران.

لم ينفع ذلك كلّه. كلّ ما في الأمر أن قطر دخلت في الوقت ذاته على خط دعم رئيس النظام السوري، نكاية بالسعودية ليس إلا، وفتحت له أبواب باريس عن طريق الرئيس نيكولا ساركوزي الذي كان مساعده كلود غيان على علاقة وثيقة بالدوحة.

ما حدث في السويداء مهمّ جدا. هناك عملية مكشوفة تستهدف تطويع دروز سوريا. تشارك في هذه العملية روسيا وإيران والنظام السوري. أداة عملية التطويع هذه “داعش”.

لكن يبقى الأهمّ من ذلك كلّه، هل في الإمكان الرهان على خروج بشّار الأسد من تحت الوصاية الإيرانية؟ الأكيد أن المعنى الحقيقي لإبعاد الإيرانيين مئة كيلومتر عن خط وقف النار في الجولان يتمثل في جعل دمشق خالية من النفوذ الإيراني.عندئذ يصبح قرار بشّار روسيا صرفا. هذا هو البعد الأساسي للشروط الإسرائيلية التي يستحيل على رئيس النظام السوري تنفيذها. ستظهر الأيّام المقبلة ذلك.

سيتبيّن أن كلّ الكلام عن إحياء اتفاق فك الاشتباك للعام 1974 في الجولان سيستخدم في سياق عملية تغطية للوجود الإيراني في سوريا. سيتبيّن أيضا مع مرور الوقت أن الثابت الآخر في الشرق الأوسط هو الحلف الإسرائيلي- الروسي، والحلف بين النظام السوري وإيران.

ما يمكن أن يتغير مرتبط إلى حدّ كبير بجدّية المواجهة بين إدارة دونالد ترامب وطهران. إلى أي حدّ سيذهب الرئيس الأميركي في مشروعه الهادف إلى تغيير النظام في طهران؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يطرح نفسه.

في انتظار الجواب الذي قد يطول الحصول عليه، سيظل بشّار الأسد يناور ويناور متجاهلا أنّه ليس أسير إيران فقط، بل هو أسير دمشق أيضا. لا يمكن له أن يخرجه من أسره هذا اللجوء إلى “داعش” وانتحارييها من أجل إجبار الشباب الدروز على الانضمام إلى المشاركة في حروب خارج أرضهم.

المصدر: العرب
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بشّار… وتطويع الدروز بشّار… وتطويع الدروز



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:05 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 13:10 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 13:40 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 23:29 2020 الأربعاء ,06 أيار / مايو

كيف تصنع عطراً من الفواكه

GMT 05:54 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهرفي يستقبل ممثلين عن حركة التضامن الفرنسية

GMT 19:07 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

غروس يُعرب عن رضاه بتعادل "الزمالك"

GMT 01:07 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

عريقات يؤكد لا ننتظر شكرًا من "حماس" بل تنفيذ اتفاق 2017

GMT 21:26 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلان الفائزة بجائزة "نساء المستقبل" في العاصمة البريطانية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday