الثابت الوحيد في إسرائيل
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

الثابت الوحيد في إسرائيل

 فلسطين اليوم -

الثابت الوحيد في إسرائيل

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

شكّل بنيامين نتنياهو حكومة إسرائيلية جديدة أم لم يستطع ذلك. المهمّ أخذ العلم بالتغيير الكبير الذي حصل في إسرائيل، حيث صارت المنافسة بين اليمين واليمين ومزايدة بينهما على استبعاد أيّ دور للأحزاب العربية. لا يريد الحزبان اليمينيان الكبيران («ليكود»، و»أزرق أبيض») السماع بالأحزاب العربية على الرغم من النتيجة الجيّدة التي حققتها في الانتخابات الأخيرة.من الواضح أن «بيبي»، كما يسمّيه الإسرائيليون، استطاع تعويم نفسه أوّلاً وتحقيق انتصار سياسي كبير في الوقت ذاته. حصل تكتل ليكود على 35 أو 36 نائباً، من أصل 120، في الكنيست نتيجة الانتخابات الأخيرة، وهي الثالثة في غضون سنة واحدة. لم يعد أمام الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين سوى تكليفه تشكيل حكومة نظراً إلى أن حزبه حلّ أولاً… إلا إذا حصل تدخل من القضاء يمنع ريفلين من الإقدام على مثل هذه الخطوة.

يبدو لافتاً التوجّه لدى الجمهور الإسرائيلي إلى إعادة الثقة بنتنياهو على الرغم من تهم الفساد الموجّهة إليه، والتي ستجبره على المثول أمام القضاء في غضون أسبوعين. يشير ذلك إلى أن الشعب في إسرائيل لم يعد مهتماً بأيّ قيم ذات طابع أخلاقي. كلّ ما يهمّ الإسرائيلي العادي حالياً متابعة سياسة يمينية تقوم على تحقيق الرفاه والعيش الرغيد وتكريس الاحتلال للضفّة الغربيّة من جهة، في غياب أيّ اهتمام بما كانت تسمّى عملية السلام مع الفلسطينيين من جهة أخرى.

يس مضموناً أن يشكل «بيبي» حكومة. ليس لديه إلى الآن سوى 58 صوتاً في الكنيست، فيما يحتاج إلى 61 صوتاً. على الرغم من ذلك كلّه، هناك نقاط عدّة لا مفرّ من التوقّف عندها. مثل هذه النقاط، التي تستأهل بعض الاهتمام، قد تساعد في فهم التحوّل الجذري الذي شهدته إسرائيل في السنوات العشرين الأخيرة، وصولاً إلى تمكين «بيبي» من أن يكون «ملك إسرائيل». حاز على هذا اللقب نظراً إلى أنّه أمضى المدة الأطول من أي سياسي آخر في موقع رئيس الوزراء.

في مقدّم النقاط، التي يستحسن التوقّف عندها، أن من انتصر في إسرائيل هو قاتل إسحق رابين في تشرين الثاني من العام 1995. اسم هذا القاتل ييغال عمير، وهو شاب يهودي متطرّف من أصول يمنية. قرّر عمير، استناداً إلى اعترافاته، قتل رابين بسبب توقيعه اتفاق أوسلو مع ياسر عرفات في خريف العام 1993. منذ قتل رابين، ماتت عملية السلام وتبيّن أنّ هناك إسرائيل أخرى وُلدت في اللحظة التي استطاع فيها عمير إطلاق الرصاصة القاتلة التي أنهت حياة رجل سياسي بكلّ ما كان يرمز إليه، بما في ذلك دوره كرئيس للأركان في حرب 1967. كان رابين يرمز، قبل أيّ شيء آخر، إلى القدرة على اتخاذ قرار صعب يقضي بعقد اتفاق مع هذا الطرف العربي أو ذاك.

مع اغتيال إسحق رابين، لم يعد في إسرائيل قادة سياسيون لديهم تاريخ مرتبط بأحداث مهمّة محدّدة منذ إعلان ديفيد بن غوريون عن قيام الدولة في العام 1948، ثم الحروب التي خاضتها إسرائيل إنْ في 1956 أو 1967 أو 1973. بقي شمعون بيريس الذي تبيّن مع الوقت أنّه لا يمتلك أي مواصفات قيادية، شخصية عاجزة عن الحسم عندما كانت هناك حاجة إليه. الدليل على ذلك، أنّه لم يستطع البقاء حيّاً سياسياً في غياب إسحق رابين. نجح في خسارة انتخابات 1996 على الرغم من أنّ الإسرائيليين كانوا متعاطفين مع حزب العمل في تلك المرحلة. أمّا أرئيل شارون فظلّ مجرّد سياسي يميني لا همّ له سوى الدفع في اتجاه قضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، وصولاً إلى يوم لا يعود فيه أي أمل بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.

يمثل «بيبي» إسرائيل الأخرى التي ولدت يوم اغتيال رابين. يمثّل قبل كلّ شيء التحوّل الذي شهده المجتمع الإسرائيلي. ساعدت «حماس» في حصول هذا التحوّل عن طريق العمليات الانتحارية التي نفذتها في القدس وتل أبيب وغيرها في تسعينيات القرن الماضي وفي مطلع القرن الواحد والعشرين، من أجل إفشال أي عملية سلام. ففي مثل هذه الأيّام من العام 2002 وفيما كانت القمة العربية في بيروت تنهي أعمالها، كانت هناك عملية انتحارية في منطقة قريبة من الحدود اللبنانية قُتل فيها مدنيون إسرائيليون. لم يكن من هدف للعملية سوى خنق مبادرة السلام العربية التي أقرّتها القمّة العربية في المهد.

لا يمكن الحديث فقط عن دور «حماس» المدعومة من إيران في تغيير طبيعة المجتمع الإسرائيلي. هناك عوامل أخرى ساهمت في هذا التغيير، من بينها الثروة الكبيرة التي بدأت تصنعها الشركات الإسرائيلية التي تعمل في مجال التكنولوجيا المتطورة. صارت بعيدة تلك الأيّام التي كانت فيها حياة الكيبوتس ترمز إلى المجتمع الإسرائيلي.تغيّرت إسرائيل من الداخل كلّياً. تغيّرت طبيعة العلاقات الأميركية – الإسرائيلية في عهد دونالد ترامب. تغيّرت المنطقة أيضاً. شمل التغيير العلاقة الروسية – الإسرائيلية. هناك تنسيق واضح بين الجانبين في سورية. هناك أيضاً علاقة متميّزة بين الرئيس فلاديمير بوتين و»بيبي». ظهر ذلك في مناسبات عدّة كشفت عمق الروابط بين الرجلين…

ما يتجاهله كثيرون أنّ تفاعلات الزلزال العراقي الذي وقع في مثل هذه الأيّام من العام 2003 مستمرّة. انتهى العراق الذي عرفناه في ضوء الاجتياح الأميركي وقيام نظام جديد ليس قابلاً للحياة. انتهت أيضاً سورية التي عرفناها، فيما دخل لبنان مرحلة الانهيار الفعلي. ليس معروفاً كيف سيتأقلم «حزب الله»، الميليشيا المذهبية التابعة لإيران والتي تسيطر على «العهد القوي» في لبنان، مع هذا الانهيار. فوق ذلك كلّه، هناك رأي عام عربي رسمي وشعبي بات يعتبر، بأكثريته، أن إيران تمثّل الخطر الأكبر على العرب عموماً.

ليس مهمّاً أن يشكل «بيبي» حكومة، بمقدار ما أنّ المهم هو السعي إلى رؤية التغيرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة وذلك من خلال ما يحدث في إسرائيل نفسها.أليس مُستغرباً أنّ تُدينَ السلطة الوطنية الفلسطينية «صفقة القرن»، وأن تقف بعد ذلك موقف المتفرّج؟ أليس مستغرباً أكثر الكلام عن استعادة الوحدة الوطنية ردّاً على «صفقة القرن»، فيما يشير الواقع إلى أن الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني بات أكثر عمقاً من أيّ وقت؟
هذه مجرّد ملاحظات على ما نراه من تغييرات في المنطقة كلها وفي إسرائيل نفسها، حيث الشيء الوحيد الثابت استمرار الاستيطان وتوسيع رقعة الاحتلال… شكّل «بيبي» حكومة أم لم يشكّل مثل هذه الحكومة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثابت الوحيد في إسرائيل الثابت الوحيد في إسرائيل



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:58 2024 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

حزب الله يستهدف 7 مواقع للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 06:42 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 10:30 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

الناتو يقرر تمديد وجوده في أفغانستان حتى عام 2024

GMT 04:31 2018 الثلاثاء ,12 حزيران / يونيو

"حماس" تستنكر "زيارات تطبيع" مع الكيان الإسرائيلي

GMT 04:19 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الصفراء عند الأطفال الأسباب والأعراض والعلاج

GMT 01:44 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

ودّعي جميع الروائح الكريهة في الرخام بمواد في كل مطبخ

GMT 11:26 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجم محمد رجب يبدأ تصوير مشاهده في فيلم "بيكيا" الجمعة

GMT 14:19 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

رونالدينيو غير نادم على عدم المشاركة في البريميرليغ

GMT 03:41 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هولي هولم تهزم روندا روزي بالضربة القاضية في ملبورن

GMT 23:27 2016 الأحد ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ماجدة الصباحي بخير ولم تجر عملية جراحية

GMT 00:26 2016 الإثنين ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

سيارة سباقات بورش تتألق في معرض لوس أنجلوس

GMT 08:25 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

التشوهات الجسدية كانت وسيلة لكسب الرزق قديمًا
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday