لا تصفيق لـحزب الله
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

لا تصفيق لـ'حزب الله'

 فلسطين اليوم -

لا تصفيق لـحزب الله

بقلم :خير الله خير الله

ليس في الإمكان التصفيق لما قام به “حزب الله” في جرود عرسال لأسباب عدة لم تستوعبها عقول بعض المسيحيين اللبنانيين السذج الذين يميّزون، للأسف، بين إرهاب وإرهاب. هؤلاء يميزون بين إرهاب سنّي وإرهاب شيعي. لا يدركون معنى أن لا مستقبل للبنان ولأبنائه من دون تقوية مؤسسات الدولة وليس إيجاد بدائل منها.

إضافة إلى ذلك، يبدو أن هناك تعاميا لدى كثيرين في البلد عن أن الهدف من عملية عسكرية من هذا النوع تنفذها ميليشيا مذهبية لا ولاء لها للبنان، مهما رفعت العلم اللبناني عاليا، يندرج في إطار المشروع التوسّعي الإيراني ولا شيء آخر غير ذلك على الإطلاق.

تبدو المعادلة الإيرانية في غاية البساطة، وذلك مهما عمل الأمين العام لـ“حزب الله” السيّد حسن نصرالله على نفي الهدف الإقليمي لعملية جرود عرسال التي تصبّ في نهاية المطاف في إطار التبادل السكّاني في سوريا من منطلق مذهبي ليس إلا. إنّها عملية تقوم على استخدام الميليشيات المذهبية من أجل تحقيق أهداف سياسية واضحة كل الوضوح. في طليعة هذه الأهداف الانتقام من كل مدينة عربية في منطقة المشرق إرضاء لإيران وإشباعا لرغبتها في تفتيت العالم العربي، أو ما بقي منه، بعدما سلمها “الشيطان الأكبر” الأميركي العراق على صحن من فضة في العام 2003.

دفعت بيروت، كمدينة عربية، ثمنا غاليا بسبب صمودها في وجه المشروع الإيراني الذي قام في ثمانينات القرن الماضي على تغيير طبيعة العاصمة اللبنانية وتركيبتها الديموغرافية. هذا ما يفترض أن يتذكره اللبنانيون كلهم في كل لحظة. ففي كل يوم يمر يتبين أكثر لماذا اغتيل الرئيس رفيق الحريري الذي أعاد بناء المدينة، بعدما عرف كيف يستغلّ ظروفا إقليمية معينة مطلع تسعينات القرن الماضي. دفع رفيق الحريري، من بين ما دفعه، ثمن إعادته الحياة إلى بيروت بكلّ أبنائها، في حين كان مطلوبا في كلّ وقت أن تكون بيروت مدينة بائسة تشبه ضاحية من ضواحي طهران أو البصرة في أحسن الأحوال.

من الموصل إلى جرود عرسال، يبدو الهدف الإيراني واحدا ويتمثل في تدمير المدن العربية وحصول التبادل السكاني. تدمير المدن والتبادل السكاني وجهان لعملة واحدة. حيث هناك مدينة عربية في الطريق من طهران إلى بيروت، يجب العمل على أن لا يكون هناك حجر على حجر فيها. وحيث لا مدن عربية يمكن تدميرها مثل دمشق، لا بأس في تغيير طبيعة هذه المدن ديموغرافيا. ليس تهجير أهالي مناطق غير بعيدة عن دمشق، مثل سكّان القصير، حدثا عابرا حصل بالصدفة.


ليس صدفة أيضا أن يكون الذين سينقلون من مخيمات قريبة من عرسال، بموجب الصفقة بين “حزب الله” و“جبهة النصرة”، لن يعودوا إلى قراهم وبلداتهم وبساتينهم. هناك عشرة آلاف مواطن سوري سيرحّلون من عرسال. سيذهبون في معظمهم إلى إدلب أو مناطق أخرى قرب حلب أو إلى أماكن معيّنة في الجنوب السوري. بعد تدمير حلب وحمص وحماة، لا بد من تغيير جذري لطبيعة دمشق، تماما كما حصل تغيير لطبيعة بغداد التي تحولت إلى مدينة لا تشبه المدن، بمقدار ما تشبه ضاحية فقيرة من ضواحي طهران.

يدعو هذا الإطار العام لعملية جرود عرسال إلى التفكير مليّا في مخاطرها على مستقبل لبنان وعلى مؤسسات الدولة التي تحاول التقاط أنفاسها في ظل الضغوط الشديدة التي تتعرض لها، وهي ضغوط لا هدف لها سوى تحويل لبنان إلى مستعمرة إيرانية.

حصلت عملية جرود عرسال بمجرد الانتهاء من تدمير الموصل. تحت ستار إخراج “داعش” من تلك المدينة العراقية العريقة قُضي على الموصل. يصعب أن تقوم قيامة للمدينة في يوم من الأيّام. شرّد “الحشد الشعبي” وقصف سلاح الجو الأميركي أهلها ولم يعد في استطاعتهم العودة إلى بيوتهم المهدّمة. هناك أحياء عدّة في المدينة لم تعد قابلة للسكان فيما غادر مليون موصلي المدينة.

من البديهي أن يتعلّم اللبنانيون شيئا من الذي يجري في المنطقة. لعلّ أوّل ما يُفترض بهم تعلّمه هو أن لا مصلحة أصلا للبلد في أن ينخرط أحد أحزابه، حتى لو كان هذا الحزب مجرّد لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، في الحرب على الشعب السوري. الدخول في حروب من هذا النوع هو دخول في لعبة اكبر بكثير من بلد صغير مثل لبنان.أكثر من ذلك، إن مثل هذا الدخول لا يمكن إلا أن يرتدّ على اللبنانيين في يوم من الأيام.

على العكس من ذلك، يظل الابتعاد عن أي عملية عسكرية خارج الأراضي اللبنانية أفضل وسيلة لحماية البلد في المدى الطويل، وذلك بعيدا كل البعد عن نظرية “حلف الأقليات” المغرية لبعض الجهلة الذين يعتقدون أن النظام السوري ما زال حيّا يرزق، وأنّ بشّار الأسد لا يزال يمتلك شرعية ما، علما أنّه لم تكن لديه أي شرعية من أيّ نوع في أيّ يوم من الأيّام.

المؤسف أن هناك لبنانيين لا يريدون أن يتعلّموا من تجارب الماضي القريب، ومن معنى أن “حزب الله” أزال الحدود الدولية المعترف بها بين لبنان وسوريا من منطلق مذهبي ليس إلا، وتلبية لطلب إيراني ثانيا وأخيرا. أين مصلحة لبنان في خوض عناصر من “حزب الله” حربا على الشعب السوري؟ أين المصلحة في تهجير أهل القرى المحيطة بدمشق من أجل تغيير طبيعة العاصمة السورية وإحاطتها بزنّار شيعي وعلوي؟

من حق لبنان حماية نفسه بالطبع، ولكن في ظل قرار يتخذه مجلس الوزراء وبالاعتماد على الجيش اللبناني المتوقع أن يدخل في مواجهة مع “داعش” قريبا. كل ما عدا ذلك دخول في متاهات يبدو البلد في غنى عنها، خصوصا عندما يتعلّق الأمر بتبادل سكاني في سوريا، على غرار ما حصل قبل أسابيع قليلة، قبل عملية جرود عرسال، انطلاقا من إطلاق صيادين قطريين كانوا محتجزين لدى إحدى الميليشيات المذهبية العراقية منذ أواخر 2015 في منطقة السماوة العراقية غير البعيدة عن البصرة.

ما بدأ بخطف الصيادين القطريين في الأراضي العراقية، انتهى بصفقة كان “حزب الله” و“جبهة النصرة” طرفيْن فيها. شملت تلك الصفقة إطلاق أسرى للحزب لدى “النصرة” وتبادل سكاني بين بلدتي مضايا والزبداني السنيتين الواقعتين قرب دمشق، والفوعا وكفريا الشيعيتين القريبتين من حلب. أين مصلحة لبنان في كل ذلك؟ هل هذه حرب على الإرهاب أم تبادل خدمات بين طرفين يمارسان كل أنواع الإرهاب، بما في ذلك تسهيل التبادل السكاني في سوريا، وكأن مستقبل سوريا سيحدده الذين يمارسون مثل هذا النوع من العمليات؟

من الموصل إلى جرود عرسال، تدور لعبة قذرة. كلّما ابتعد لبنان عن هذه اللعبة التي تدخل في سياق نظرية “حلف الأقليات” التي ولدت ميتة… كلما استطاع حماية نفسه والمحافظة على شبه الاستقرار الذي ينعم به. فذلك أقصى ما يمكن أن يصل إليه حاليا في هذه الظروف الإقليمية البالغة التعقيد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تصفيق لـحزب الله لا تصفيق لـحزب الله



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 06:30 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يفشل في تسويق إعلان الرئيس ترامب للأوروبيين

GMT 13:45 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

المشي يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي

GMT 08:12 2014 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

تصميم جديد من "كولورادو" تقدّمه "شيفروليه"

GMT 03:33 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

أحمد عز يكثّف من تصوير مشاهده الأخيرة في "ولاد رزق 2"

GMT 04:53 2019 الأحد ,05 أيار / مايو

تصوير 80% من مشاهد "قمر هادي" لهاني سلامة

GMT 14:40 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

النادي الأهلي يحصل على توقيع لاعب وسط إنبي

GMT 00:18 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

عبارات يجب ألا تقوليها لخطيبك وزوجك المستقبلي

GMT 18:06 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب "ليفربول" محمد صلاح جاهز لمواجهة "أرسنال"

GMT 06:30 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

ضبط 5 أسود في مخزن "روبابيكيا" في محافظة القليوبية

GMT 02:46 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

رقية إبراهيم تشارك في أول عمل سينمائي لها مع شرف

GMT 17:27 2018 الأحد ,10 حزيران / يونيو

"ريتش" تفتتح أول متجر رسمي لها في نابلس

GMT 19:22 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال وتشكو من التأخير
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday