الصراع على العراق
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

الصراع على العراق

 فلسطين اليوم -

الصراع على العراق

بقلم - غسان شربل

التوجس ضيف دائم في العلاقات العراقية - الإيرانية. ومع التوجس شكوك متبادلة ومخاوف تؤكد أن ما بين البلدين يتخطى الخلافات الحدودية. ولطالما قدَّم العراق نفسَه بوصفه الجدار الذي يمنع تدفق النفوذ الإيراني في اتجاه الأرض العربية. ولطالما نظرت إيران إلى العراق كعائق يعترض توسيع دورها وحركتها. وفي هذا المناخ سعى كل طرف إلى امتلاك أوراق على أرض الآخر. اعتبرت إيران أن تركيبة العراق هشَّة يمكن اختراقها عبر المكونين الشيعي والكردي. ولم يتردد العراق في إثارة موضوع عربستان والتعاطف مع أكراد ما وراء الحدود رغم قمعه الأكراد داخل خريطته.
جملة محطات تؤكد الطبيعة الشائكة للعلاقات بين طهران وبغداد. في 6 مارس (آذار) 1975، وقع شاه إيران محمد رضا بهلوي ونائب الرئيس العراقي صدام حسين «اتفاق الجزائر» برعاية الرئيس هواري بومدين. قدم صدام تنازلات حدودية لإيران في مقابل توقفها عن دعم الثورة الكردية التي انهارت بفعل هذا الاتفاق. وشكَّلت تلك التنازلات جرحاً في نفس صدام حسين وكانت بين الأسباب التي دفعته إلى خوض حرب ضد إيران.
قبل عام من انطلاق الحرب وتحديداً في سبتمبر (أيلول) 1979، شارك الرئيس صدام في قمة عدم الانحياز التي عقدت في هافانا. استقبل هناك وزير الخارجية الإيراني إبراهيم يزدي. بعد اللقاء حاول مندوب العراق الدائم لدى الأمم المتحدة عضو القيادة القطرية لحزب «البعث» صلاح عمر العلي تشجيع صدام على تعميق الحوار مع إيران الخميني التي كانت تجتاز فترة اضطراب. كان رد صدام قاطعاً: «هذه الفرصة قد لا تتاح مرة كل مائة سنة. الفرصة متاحة اليوم. سنكسر رؤوس الإيرانيين وسنعيد كل شبر احتلوه. وسنعيد شط العرب». وكان صدام افتتح عقد السبعينات بإحباط ما عرف بـ«مؤامرة الراوي» التي رعتها الأجهزة الإيرانية وبعلم الشاه نفسه.
الفرصة التي قد لا تأتي مرة كل مائة سنة قدمت لإيران على طبق من ذهب وربما من دون تعمد. جاءت الفرصة عبر اقتلاع الأميركيين نظام صدام وحل الجيش العراقي والذهاب بعيداً في «اجتثاث البعث». وأدركت طهران أن الفرصة قد لا تتكرر لهذا قررت التوغل في البنية العراقية، ليس فقط لمنع احتمال قيام عراق معادٍ لها، بل لضمان قيام عراق يدور في فلكها. ستتعبد الطريق أمام هذه الفرصة حين ينفذ الرئيس باراك أوباما قراره بسحب الجيش الأميركي من العراق، علماً أن قسماً كبيراً من النفوذ الأميركي انسحب من بلاد الرافدين قبل انسحاب الجنود.
مأساة عراقية جديدة ستنجح إيران في تحويلها فرصة. في يونيو (حزيران) 2014، سقطت الموصل بيد «داعش». لم يكن أمام حكومة نوري المالكي غير طلب المساعدة من الأميركيين. في هذا الوقت أطلقت المرجعية الشيعية ممثلة بآية الله علي السيستاني نداء «الجهاد الكفائي» ضد «داعش». اغتنمت الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران هذا المناخ لتنخرط في «الحشد الشعبي». وفي 2016 وفي ظل حكومة حيدر العبادي وبضغط من إيران تمت شرعنة «هيئة الحشد الشعبي» وباتت جزءاً من المؤسسات الأمنية للدولة.
لم يعد ممكناً اليوم الحديث عن صراع عراقي - إيراني. إيران تقيم داخل العراق. في نسيجه وقراره ويومياته. إنها معبر إلزامي في اختيار الرئاسات وأصحاب المواقع الأمنية الحساسة. وإذا تفادت المجاهرة بحق التعيين، فإنها تملك بالتأكيد حق النقض ضد الأسماء التي لا تنسجم وتوجهاتها. إنها تتمتع بحضور حاسم داخل المكون الشيعي مع تحقيق اختراقات داخل المكونين العربي السني والكردي. وخير دليل أن الجنرال قاسم سليماني هو من تدخل كي لا تذهب بغداد أبعد في معاقبة الأكراد بعدما اقترعوا بـ«نعم» في استفتاء حق تقرير المصير الذي دعا إليه مسعود بارزاني في سبتمبر 2017.
ما يمكن الحديث عنه اليوم هو ملامح فصل من الصراع على العراق بين أميركا وإيران. فرضت اعتبارات كثيرة نوعاً من التعايش بين النفوذين الأميركي والإيراني في عهد حكومتي المالكي والعبادي. اختلفت الظروف اليوم خصوصاً بعد خروج إدارة دونالد ترمب من الاتفاق النووي مع إيران وعودة واشنطن إلى فرض عقوبات «غير مسبوقة» على طهران.
مقارنة سريعة ذات دلالات. زار ترمب القوات الأميركية في العراق من دون إعلان مسبق ولم يذهب إلى بغداد. ووصل وزير خارجيته مايك بومبيو إلى بغداد من دون إعلان مسبق عن الزيارة. هذا في بلد أنفقت أميركا فيه دماء آلاف الجنود ومليارات الدولارات، وتوهمت أنها ستنشئ فيه نظاماً ديمقراطياً موالياً لها أو صديقاً في أسوأ الأحوال.
وبعد زيارة بومبيو، جاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وجال بين كردستان وبغداد والجنوب. التقى ظريف المسؤولين، لكنه التقى أيضاً قادة من «الحشد» وزعماء عشائر ورجال أعمال. قال ظريف إنه ليس من حق بومبيو «إطلاقاً أن يتدخل في قضايا إيران والعراق». وذهب أبعد في التوضيح قائلاً: «نحن والعراق لدينا علاقات قبل وجود الولايات المتحدة وسنواصل تلك العلاقات»، لافتاً إلى أن زيارته إلى العراق «أطول رحلة أقوم بها لبلد في العالم».
تواكبت زيارة ظريف مع تصريحات متكررة لنواب عراقيين يدعون فيها إلى صوغ قانون يطالب بخروج «القوات الأجنبية» والمقصود القوات الأميركية، ذلك أن شيئاً من التسامح ظهر حيال الوجود العسكري التركي بعدما اقتربت أنقرة من موسكو وطهران في الملف السوري. وثمة من يعتقد أن التعجيل بخروج الأميركيين قد يستدعي التحرش بهم عبر منظمات «مجهولة»، وهو ما لمَّح إليه تقرير لـ«مجموعة الأزمات الدولية» نقلاً عن مسؤول إيراني رفيع المستوى في مجال الأمن القومي اعتبر أن المسرح الأكثر احتمالاً للمواجهة مع أميركا هو العراق.
وثمة من يعتقد أن إيران تصرُّ على حسم الوضع العراقي لمصلحتها بالكامل، متخوفة من ضبط تدريجي لحدود دورها في سوريا التي يكاد العالم يسلم بإيكال مصيرها إلى روسيا، فضلاً عن أن التطورات الميدانية في اليمن لا تسير لمصلحة الحوثيين. وفي الصراع على العراق، لم تستطع تركيا أن تحجز لنفسها دوراً بارزاً على غرار ما تحاول في سوريا. أما العرب فالخيار المتاح أمامهم هو الانخراط مع النظام العراقي الحالي لتشجيعه على إدراك أهمية الحضن العربي ولو كعامل توازن.
في العقود الماضية كان الكلام يدور حول الصراع على سوريا. نتحدث الآن عن الصراع على العراق. وبين السياسيين العراقيين من يعتقد أن أميركا المهتمة بمحاصرة إيران اقتصادياً لم تعد مستعدة لاستثمارات كبيرة في المصير العراقي، وتفضل نقل هذه الإمكانات والجهود لاحتواء الصعود الصيني.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصراع على العراق الصراع على العراق



GMT 22:40 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 06:05 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 13:10 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 13:40 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية العام فرصاً جديدة لشراكة محتملة

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 23:29 2020 الأربعاء ,06 أيار / مايو

كيف تصنع عطراً من الفواكه

GMT 05:54 2019 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

الهرفي يستقبل ممثلين عن حركة التضامن الفرنسية

GMT 19:07 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

غروس يُعرب عن رضاه بتعادل "الزمالك"

GMT 01:07 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

عريقات يؤكد لا ننتظر شكرًا من "حماس" بل تنفيذ اتفاق 2017

GMT 21:26 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلان الفائزة بجائزة "نساء المستقبل" في العاصمة البريطانية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday