أقوياء قلقون فماذا نقول نحن
palestinetoday palestinetoday palestinetoday
palestinetoday
Al Rimial Street-Aljawhara Tower-6th Floor-Gaza-Palestine
palestine, palestine, palestine
آخر تحديث GMT 08:54:07
 فلسطين اليوم -

أقوياء قلقون... فماذا نقول نحن؟

 فلسطين اليوم -

أقوياء قلقون فماذا نقول نحن

بقلم: غسان شربل

لا غرابة أن يتبرم الباريسيون. التذمر جزء ثابت من مزاجهم. إنه يوم السبت والاستمتاع بالعطلة. لكن الطقس يعاند. تطلُّ الشمس سريعاً كاللص ثم تخلي المكانَ للغيوم ودموعِها فيختبئ المواطنون والسياح تحت مظلاتهم. ومنذ شهور صار للسبت طعم آخر. «السترات الصفراء» تواصل احتجاجاتها رغم تراجع جاذبيتها. والحوار الذي أطلقه إيمانويل ماكرون أظهر أيضاً صعوبة إقناع الفرنسيين. وثمة من يعتقد أن فرنسا تعشق الجدالات لكنَّها لا تحب التغيير.
السيد الرئيس ليس في أفضل أحواله. سيف استطلاعات الرأي مسلطٌ على عنق ولايته وصورته. وفي قصر الإليزيه يستطيع أن يقرأ أن بعض الفرنسيين بدأوا بالترحم على آخر أسلافه، رغم أن مرورهم في حياة الجمهورية لم يكن لامعاً على الإطلاق.
تكشف النقاشات في وسائل الإعلام الفرنسية شعور قسم غير قليل من المواطنين أن بلادهم في مأزق.
ثمة من يرى أن العالم قد سبقها. وأن الآمال التي علقت على الرئيس الشاب تصطدم الآن بصخور الواقع. وهناك من يعتقد أن انقباض الفرنسيين يرجع إلى شعور قسم كبير منهم أن بلادهم تراوح مكانها أو تتراجع. وأن الدور الفرنسي في العالم ينحسر.
يصعبُ على فرنسا أن تكون شريكة فعلية لسيد البيت الأبيض الذي يحب الرقص منفرداً. أسلوبه لا يترك دوراً بارزاً للحليف الأوروبي. ثم إن المركب الأوروبي نفسه يترنح على نار الطلاق البريطاني وصعود الأصوات الشعبوية وتزايد العداء للمهاجرين، والاعتراف بأن سياسات الاندماج تزداد تعثراً. هناك من يعتقد أن قفز بريطانيا من السفينة الأوروبية سيوفر لفرنسا فرصة غير مسبوقة للقيادة، خصوصاً مع استعداد المستشارة الألمانية للمغادرة. لكن الخبراء يسارعون إلى التذكير أن فرنسا لا تملك اقتصاداً قادراً على حماية دور كبير. ويلفتون إلى حجم الاختراقات الصينية في أفريقيا وهي القارة التي كانت فرنسا اللاعب الأول في أجزاء واسعة منها.
أزمة الدور مطروحة بجدية في فرنسا. ستبقى الأولوية للخيار الأوروبي. لكن قدرة أوروبا على انتزاع موقع مميز في النادي الذي يفترض أن يضمها مع أميركا والصين وروسيا تبدو محدودة فعلاً بسبب الوهن الذي أصاب الروح الأوروبية.
يهرب المسافرون أحياناً من ثقل الوقت فيفتعلون حوارات عابرة مع زملائهم في الطائرات أو الفنادق. وأنا أحب هذا النوع من الحوارات بين الغرباء، خصوصاً أن هدفه الوحيد مقاومة الضجر ووطأة الانتظار. سألني السائح الياباني في النادي الرياضي عن سبب زيارتي إلى باريس فأجبت أنه موعد عمل. ابتسم وقال إن المدينة تستحق ما هو أكثر من ذلك. إنها تستحق زيارات متكررة لتَفقُّدِ هذه الثروة الثقافية الكبرى التي تراكمت في أرجائها. تواعدنا على استكمال الحديث لاحقاً.
في بهو الفندق غلبتني المهنة فرحت أسأله عن بلاده. أشاد بما حققته اليابان في العقود التي تلت كارثة الحرب وبإرادة هذا الشعب الذي خرج مثخناً من الهزيمة المرة. وخلتُ أنني عثرت على رجل متفائل ففرحت، إذ إن غالب من نحاورهم يبثون في كلامهم قدراً غير قليل من القلق. ولم يتأخر السيد المتحدث في الانضمام إلى نادي القلقين.
سألته عن بواعث القلق لديه. قال: «كيف تستطيع أن تطمئن حين يكون لديك جار من قماشة كيم جونغ أون يجد متعة غير عادية في بناء ترسانة نووية، ويشرف شخصياً على إنتاج أجيال جديدة من الصواريخ؟».
لم يتأخر السائح في البوح أن قلقه الحقيقي ناجم عن ولادة جار عملاق يصعب التكهن بحقيقة نواياه؛ وهو الصين التي قال إنها تتقدم كل يوم وكل ساعة. قال إن الصعود الصيني غير مسبوق في عصرنا الحاضر، وستكون له تداعيات كبيرة على ميزان القوى العالمي في الاقتصاد والأمن وتالياً في السياسة. وذكر أن اليابانيين يتابعون بشيء من القلق كيف أزاحتهم الصين من موقع الاقتصاد الثاني في العالم، وكيف تحثُّ الخطى لاحتلال الموقع الأول وحرمان أميركا من مفتاح قوتها وهيبتها. رأى أن الصين تملك اليوم فائضاً مذهلاً من القوة لا بدَّ من أن تضيق به خريطتها، وهو ما سيترجم ميلاً إلى الهيمنة؛ ليس فقط في محيطها المباشر، بل على مستوى العالم أيضاً. ولاحظ أن الهجوم الاقتصادي الصيني في آسيا وأفريقيا وأوروبا يترافق أيضاً مع زيادة في الإنفاق العسكري تنذر بتبديل موازين القوى العسكرية أيضاً.
قال إن ما يقلقه هو شعوره بغياب آليات قادرة على احتواء صعود قوة من هذا النوع. لم تعد أميركا قادرة على لعب دور الشرطي في العالم، وإن كانت الخيار الوحيد المتاح أمامنا للحفاظ على قدر من التوازن في مواجهة الصعود الصيني.
غادر السائح لتفقد ثروات باريس الثقافية، ورحت أفكر في الشرق الأوسط الرهيب. في الجيوش المتبرمة بحدود الخرائط وفي الميليشيات الجوالة بين مسارح النزاعات. في حروب الماضي وكراهيات التاريخ. في البطالة والفقر وملايين المقيمين في المخيمات.
هل كان الشرق الأوسط يعاني ما يعانيه لو عثرت إيران على دينغ إيراني يحلم بتحويلها قوة اقتصادية ومن دون الرهان على الإقامة داخل خرائط الآخرين؟ وهل كان الشرق الأوسط يعاني ما يعانيه لو ضبطت تركيا أحلامها داخل حدودها ولم تنخرط في مشروع لتغيير ملامح المنطقة؟ ألم يكن من الأفضل للمنطقة برمتها لو انشغلت إيران وتركيا بمشروع تحول وإصلاح يرمي إلى الانخراط في معركة التقدم؟ لن يتغير الشرق الأوسط ما لم تتقدم سياسة الجسور على سياسة الجدران. إن الدرس الصيني يستحق وقفة طويلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقوياء قلقون فماذا نقول نحن أقوياء قلقون فماذا نقول نحن



GMT 22:40 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

أفكار تنسيقات العيد مع الأحذية والحقائب مستوحاة من النجمات

القاهرة ـ فلسطين اليوم
مع اقتراب العيد، تبدأ رحلتنا في اختيار الإطلالة المثالية التي تجمع بين الأناقة والأنوثة، وتعد الأكسسوارات من أهم التفاصيل التي تصنع فرقاً كبيراً في الإطلالة، وخاصةً الحقيبة والحذاء، فهما لا يكملان اللوك فحسب، بل يعكسان ذوقك وشخصيتك أيضاً، ويمكن أن يساعدا في تغيير اللوك بالكامل، وإضافة لمسة حيوية للأزياء الناعمة، ولأن النجمات يعتبرن مصدر إلهام لأحدث صيحات الموضة، جمعنا لكِ إطلالات مميزة لهن، يمكنكِ استلهام أفكار تنسيقات العيد منها، سواء في الإطلالات النهارية اليومية، أو حتى المساء والمناسبات. تنسيق الأكسسوارات مع فستان أصفر على طريقة نسرين طافش مع حلول موسم الصيف، تبدأ نسرين طافش في اعتماد الإطلالات المفعمة بالحيوية، حيث تختار فساتين ذات ألوان مشرقة وجذابة تتناسب مع أجواء هذا الموسم، وفي واحدة من أحدث إطلالاتها، اختا...المزيد

GMT 16:06 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 08:37 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"القوس" في كانون الأول 2019

GMT 04:31 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

حظك اليوم برج الأسد الأربعاء 07 مايو/ أيار 2025

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 09:49 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب اتخاذ القرارات المصيرية أو الحاسمة

GMT 18:07 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

تيانجين الصيني يسعى لضم فاجنر مهاجم بايرن ميونخ

GMT 05:48 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

ضابطة محجبة تحكي تعرّضها لتحرش لفظي وتهديد بقطع الرقبة

GMT 08:27 2019 السبت ,16 شباط / فبراير

أسير مقدسي يدخل عامه الـ17 في سجون الاحتلال

GMT 11:41 2018 الخميس ,10 أيار / مايو

بيرو تبدأ استعداداتها مبكرًا للمونديال

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

الإعلان عن أهم مواصفات "هوندا Jazz" الجديدة

GMT 17:23 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ألونسو يُعلن استعداده لخوض "سباق 24 ساعة" في أميركا
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday