عالم عربي من الركام عن الثورات المجهضة والهجوم المضاد
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

عالم عربي من الركام! عن الثورات المجهضة والهجوم المضاد

 فلسطين اليوم -

عالم عربي من الركام عن الثورات المجهضة والهجوم المضاد

بقلم : طلال سلمان

يتبدى «الوطن العربي الكبير»، بمجمل أقطاره، وكأنه ركام من الآمال المجهضة والأحلام التي تحولت، بفعل الأخطاء والخطايا، إلى كوابيس. بل إنه كثيراً ما تبدت دولة وكأنها «جحيم» لأهلها.

وليس مستغرباً أو مستهجناً أن تكون نسبة كبيرة من شبابهم قد «هجّت»، أو هي واقفة الآن على أبواب السفارات الأجنبية، الأميركية بالدرجة الأولى، ثمّ بعض الدول الأوروبية، تنتظر تأشيرة خروج من جحيم بلادها العربية إلى أي مكان في الدنيا، خصوصاً أن دول النفط العربية اكتفت من «العمالة الوافدة»، وصارت انتقائية في خيارها لأسباب سياسية يختلط فيها «الأمن» بالطائفية، بل إن كثيراً من الكفاءات اللبنانية خاصة، والعربية عامة، تسعى إلى الجنسية الأجنبية، لا سيما الأميركية أو البريطانية، خلال الدراسة، لتضمن قبولاً سريعاً في مختلف أقطار الخليج، وكأنها كلمة سحرية تفتح الأبواب المرصودة.
ماذا تفعل إذا ما أنكرك وطنك فاضطهدك حكمه في حقوقك البديهية: لقمة العيش والحق بالصحة والعلم، ثمّ حرية التفكير والرأي والعمل، قبل الحديث عن النقابة والجمعية والحزب السياسي حامل شعار الدعوة إلى غد أفضل؟

يستذكر الكهول، وحتى الشيوخ، من «الرعايا العرب»، أن بلادهم كانت بلاد الخير، وأن إسقاط الأنظمة الملكية والديكتاتورية فيها وقيام الجمهوريات (في مصر أولا ثمّ في العراق، ففي اليمن ومن بعد في ليبيا) فتح أمام شعوبها أبواب المستقبل الأفضل. وبعد ذلك أو معه تمّ تحرر الجزائر بعد مئة وخمسين عاماً من الاستعمار الاستيطاني الفرنسي المتوحش الذي قضى خلال دهر احتلاله على أكثر من مليون شهيد. ثمّ تحررت ليبيا التي كان يتوزع أرضها ثلاثة مستعمرين، بعد هزيمة إيطاليا التي كانت قد احتلتها في العام 1911 وأفنت نحو ثلث شعبها الذي خاض مقاومة باسلة، حتى استقر الاستعمار الفرنسي في الجنوب (فزان) والبريطاني في الشرق (طبرق) ثمّ جاء الأميركيون فابتنوا قاعدة عسكرية كبرى ومطاراً عسكرياً عظيماً في طرابلس. وأُسقط النظام الملكي الهاشمي الذي أقامه البريطانيون (وزرعوا معه بذور الفتنة) في العراق (1958) ثمّ أُسقط حكم الإمام أحمد حميد الدين الآتي من خارج العصر في اليمن (1962)، وفي الأول من أيلول (1969) أَسقطَت «ثورة الفاتح» بقيادة معمر القذافي عرش السنوسي في ليبيا.

هكذا لم يتبق في الوطن العربي من الممالك إلا الخلافة العلوية في المغرب (وهي الأعرق)، والعرش الوهابي في السعودية، ثمّ الملكية في الأردن الذي سلخه الاستعمار البريطاني عن سوريا، وجعله إمارة هاشمية تحوّلت إلى مملكة بعد إقامة الكيان الإسرائيلي فوق أرض فلسطين، وتبدت الوظيفة الفعلية لهذا العرش حين «سُمح» له بأن يضم الضفة الغربية من فلسطين إلى شرق الأردن.

بعد سبعين عاماً من الهزيمة العربية الأولى في مواجهة المشروع الإسرائيلي في فلسطين 1948، وخمسين عاماً من الهزيمة العربية الثانية في عام ١٩٦٧، ثمّ الهزيمة الثالثة والقاضية بعد إضاعة نصر أكتوبر ـ رمضان ـ 1973 ـ وما تلاها من اتفاقات صلح دائم (مصر) أو هدنة مفتوحة (سوريا)، ثمّ استيعاب إسرائيل «منظمة التحرير الفلسطينية» بعدما فقدت رأسها وأرضها في الخارج وعادت بشروط العدو إلى الداخل، وبعدما قضت الانقلابات العسكرية على روح الثورة في مختلف الأقطار العربية، صار أي «جنرال» يقفز إلى السلطة أو أي لاجئ سياسي عائد بعد منفى يمنح نفسه ألقاب «المحرر» و «قائد الثورة» و «باني النهضة» في الطريق إلى واشنطن أو خلال العودة منها.

أما الشباب ففي ظل دولهم المستقلة نظرياً، ذات الأعلام الوطنية التي ترفرف فوق سرايات الحكم ويحملها المتظاهرون، فقد عاشوا أوضاعاً اقتصادية طاردة لكفاءاتهم، وقد كانوا يفترضون أنهم مهيَّأون لبناء المستقبل الأفضل.

بعض الجمهوريات التي قامت على أنقاض الممالك ودول الخلافة، تهاوت في حروب أهلية، أو نتيجة حروب أهلية، أو فساد طغى حتى تسبب في تفسخ المجتمعات أو في انقسامات طائفية تسببت في تدمير الوحدة الوطنية، خصوصاً بعدما تقدمت إمارات النفط والممالك إلى الصف الأول، متصدية للقيادة بقوة قدراتها المالية وحاجة الجمهوريات (التي كانت مصدر الثورات والانتفاضات) إلى مساعداتها وقروضها.

و«على الأرض» تبدل المشهد جذرياً: تحولت الممالك والإمارات إلى الهجوم مستفيدة من حاجة الجمهوريات إلى مساعداتها، واتخذت لنفسها حق الإمرة، وقررت مَنْ مِنَ الأنظمة الجمهورية صالح للبقاء ومن منها يجب إسقاطه حتى بالقوة! فاحتضنت المعارضات لبعض الأنظمة الجمهورية ودعمتها بالمال والسلاح والرجال، والشعار الإسلامي الذي يسهل غالباً استخدام إغرائه لاستقطاب المقاتلين من مختلف الدول العربية والإسلامية..

لقد دار الفلك بالدول العربية دورة كاملة فانقلبت الأدوار، وإذا القيادة لأَغناها بالذهب الأسود وليس لأُغناها بالرجال والتاريخ والجغرافيا والثورات وأجيال الخيبة التي اندفعت إلى «الميادين» ذات يوم تطلب التغيير والتحرر من الهزيمة، فإذا هي تواجه «السلط» التي وصلت إلى سدة الحكم باسم ميادين الثورة ثمّ ارتدت على شعاراتها فتصدت بقمع القوة للمطالبين بالتغيير.

هكذا عادت الخيبة تغطي بظلالها السوداء الأرض العربية، وتدفع بالأجيال الجديدة نحو السفارات الأجنبية بطلب «الفيزا».. وحيث تفجرت الأوضاع صدامات دموية بين الأنظمة وقوى التغيير، سواء الوطنية منها، أو تلك الممولة والمسلحة من الخارج العربي أساساً، ومعها التركي، وغالباً تحت رعاية غير مباشرة من الغرب عموماً، والأميركي خصوصاً.

وتحولت الانتفاضات إلى حروب أهلية مغذاة بالذهب والنفوذ الأجنبي. وجاء الاتحاد الروسي ليقاتل المنظمات الإرهابية ذات الشعار الإسلامي، والتي ضمت في صفوفها أعداداً ملحوظة من «رعاياه»، مستعيداً ـ إلى حد كبير ـ دور الاتحاد السوفياتي السابق في ظل تراجع أميركي واضح أعقب دوره التخريبي الكبير عبر احتلال العراق وتدميره.
هكذا دار الفلك بالعرب دورة شبه كاملة.. وهم الآن في انتظار اكتمالها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عالم عربي من الركام عن الثورات المجهضة والهجوم المضاد عالم عربي من الركام عن الثورات المجهضة والهجوم المضاد



GMT 08:03 2017 السبت ,20 أيار / مايو

رصاص على حرف النون

GMT 06:49 2016 الأربعاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

حضارة ومدناً ورعايا قتلى أو غرقى!

GMT 06:48 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

سفير الأمة

GMT 11:08 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

سعدى علوه: اغتيال النهر وناسه

GMT 12:15 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

حتى لا يمر قانون انتخاب يلغي الوطن والمواطن...

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 13:39 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن بعض الوصوليين المستفيدين من أوضاعك

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 07:42 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحتاج إلى الانتهاء من العديد من الأمور اليوم

GMT 05:35 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الملكة رانيا وبيلا حديد بسترة واحدة على "إنستغرام"

GMT 21:07 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شوارع بيروت تغرق في النفايات بسبب الامطار الغزيرة

GMT 07:21 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

زينة تلجأ إلى تحليل "DNA" لإثبات النسب لأحمد عز

GMT 09:17 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday