محنة الساحل الشمالى
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

محنة الساحل الشمالى

 فلسطين اليوم -

محنة الساحل الشمالى

بقلم : مصطفي الفقي

يعتبر استغلال الساحل الشمالى المصرى فى العقود الأخيرة نموذجًا مثاليًا للعشوائية وطغيان الأقلية القادرة على حقوق الأغلب الأعم من الشعب المصرى، وأظننا الآن على أبواب تحول جذرى يصلح ما أفسده الدهر، إذ أعلن الرئيس السيسى بداية إنشاء مدينة العلمين الكبرى لكى تكون بالنسبة للإسكندرية مرادفًا للعاصمة الإدارية بالنسبة للقاهرة فى محاولة لسحب مناطق التركز السكانى وإعادة التوزيع الديموغرافى على الخريطة المصرية، وسوف تكون مدينة العلمين الجديدة بمثابة - (بولكلى) فى الإسكندرية - مقرًا صيفيًا للحكومة كل عام، وإنه لأمر يدعو إلى الأسف أن يجرى استخدام الساحل الشمالى شهرين كل عام رغم أن المصريين قد أودعوا فيه مليارات من أموالهم، وذلك استثمار ناقص وإهدار للموارد وعبث بواحد من أجمل الشواطئ، الذى كان يمكن أن يضع (الريفيرا المصرية) على قدم المساواة مع الريفيرا الفرنسية أو الإيطالية لو كانت قد اكتملت لدينا نظرة شاملة للساحل من بدايته وفقًا لخطة متكاملة تضع فيه الفنادق والمستشفيات والمدارس والمشافى العلاجية بدلًا من كتل الأسمنت المتناثرة بلا ضابط أو رابط ودون احترام للذوق العام أو تقدير لقيمة الاستثمارات المهدرة، ولنا هنا ملاحظات عدة:

أولًا: إن من يتابع تطور الكتل الخرسانية التى حجبت البحر المتوسط فى الساحل الشمالى ما بين الإسكندرية ومطروح مرورًا بالمنطقة ذات الحساسية المستقبلية وأعنى بها (الضبعة) لابد أن يتيقن من أن عشوائية المبانى التى تقف صامتة كالأصنام معظم شهور العام هى دليل على عشوائية التفكير أيضًا، فالفعل دائمًا ابن للخيال، فإذا كان مريضًا أو عاجزًا أو قاصرًا فإن الصورة على الأرض سوف تبدو هى الأخرى بنفس الصفات، لقد فرطنا فى أجمل بقاع الوطن ومضينا فيها نبنى قطعة قطعة دون دراسة شاملة أو تصور متكامل (plan Master) فكانت النتيجة على ما نرى شوهاء لا تخلو من قبح ولا تبرأ من إهدار لموارد شعب يبدو فى أشد الحاجة إليها.

ثانيًا: إن ما جرى على الساحل الشمالى والذى حرم عموم المصريين من امتداد الشاطئ هو جريمة فى حق فقراء الوطن ومحدودى الدخل فيه، فالعدالة الاجتماعية لا تكون فى الوظائف والمساكن والتعليم والعلاج وحدهم ولكنها تكون أيضًا فى الماء والهواء والاستمتاع بفضاء الوطن، انظروا ماذا يفعل الأوروبيون فى بلادهم هم أو غيرهم فهناك شريط على الساحل يسمح بحرية الحركة لكل مواطن وهى حرية كفلتها الدساتير ونظمتها القوانين وصانتها الأعراف، وهل من العدالة الاجتماعية تلك القصور المنيفة الكثيرة المتناثرة على الشاطئ دون تنسيق أو حس جمالى بينما هناك من لا يملكون حتى التطلع إلى المياه ذات اللون التركوازى الرائع الذى حجبنا رؤيته احتكارًا لحفنة من الناس على حساب غيرهم.

ثالثًا: إن الذين يعرفون الساحل الشمالى جيدًا يدركون أن غياب الخدمات الصحية والمستشفيات المجهزة تجهيزًا عاليًا قد أدى إلى ضحايا كثر لأننا أيضًا لم نضع فى الاعتبار أن المجتمع المتكامل لابد أن تكون فيه مستشفيات ومدارس وحدائق ونواد عامة مفتوحة للجميع، وما أكثر من عرفتهم ممن عصفت بهم أزمة قلبية فى الساحل الشمالى ولم يتمكن أهلوهم من تدارك الموقف بسبب غياب الرعاية الصحية رغم كل المحاولات المتواضعة فى ذلك السياق.

رابعًا: وهنا نأتى إلى مربط الفرس، إذ أن الإهدار الزمنى للاستخدام الفعلى لقرى الساحل الشمالى هو خصم تلقائى من الثروة القومية للوطن ولذلك فإنه من المفترض أن نفكر جميعًا – خبراء فى علم السكان ومهندسون فى طرز المبانى وفنانون تشكيليون ذوو ذوق رفيع – فى تحويل تلك الكتل المتناثرة من المبانى إلى تجمعات بشرية متكاملة مأهولة بالسكان على امتداد العام.

ولعل اهتمام الحكومة الحالية بذلك الساحل وإنشاء مدينة كبرى عليه يكون بداية لمحاولة جادة لإعادة الأمور إلى نصابها وتصحيح الأوضاع الخاطئة التى انزلقنا إليها عبر العقود الثلاثة الأخيرة فى تنافس محموم بين القرى فى الكماليات دون الأساسيات.

وإذا كنا بلدًا يعانى من الاكتظاظ السكانى فإنه من الطبيعى أن نفكر جديًا فى إعادة توزيع البشر على خريطة الجمهورية بمجتمعات ساحلية وأخرى صحراوية وثالثة حضرية ورابعة ريفية حتى تستوعب أرض مصر أبناءها على المدى الطويل، وليس غريبًا أن نطالب بتحويل الساحل الشمالى إلى قطاعات مأهولة بالبشر ولكن وفقًا لدراسات سليمة وحسابات صحيحة ورؤية شاملة.

خامسًا: إن وجود سلسلة فنادق لذوى الدخل المتوسط على امتداد الساحل سوف تتيح لطبقات الشعب المختلفة زيارة هذه البقاع - المحرمة غالبًا عليهم - وفى ذلك تشجيع للسياحة الداخلية فضلًا عن فنادق على مستوى أعلى لاستقبال السياحة الخارجية، إذ إن سياحة الشواطئ مثل سياحة الصحراء أصبحتا من الأنماط الجديدة لذلك النوع من النشاط البشرى الذى يقف إلى جانب السياحة الثقافية والمشاهد التراثية على قدم المساواة. إننا إذا كنا قد دمرنا الجزء الأكبر من شاطئ الساحل الشمالى فإنه يتعين علينا إنقاذ البقية الباقية ومحاولة علاج أوضاع ما تم بناؤه بالفعل وفقًا لتخطيط مجزأ ودون استيعاب كامل لما يجب أن تكون عليه مثل هذه المناطق التى تمثل نمطًا متميزًا فى الحياة مع تأهيل سكانى مستمر، خصوصًا أن تلك المناطق محتملة الإقامة حتى فى أقسى أيام الشتاء ولا يقف استغلالها عند حدود الصيف وحده.. ذلك تصور رأيت أن أطرحه على المعنيين بالأمر وهو ليس بجديد، ولكنه تأكيد لما قلناه وما قاله غيرنا فى العقدين الأخيرين!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة الساحل الشمالى محنة الساحل الشمالى



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 08:44 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الجدي" في كانون الأول 2019

GMT 13:39 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن بعض الوصوليين المستفيدين من أوضاعك

GMT 09:32 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالإرهاق وتدرك أن الحلول يجب أن تأتي من داخلك

GMT 07:42 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تحتاج إلى الانتهاء من العديد من الأمور اليوم

GMT 05:35 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الملكة رانيا وبيلا حديد بسترة واحدة على "إنستغرام"

GMT 21:07 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

شوارع بيروت تغرق في النفايات بسبب الامطار الغزيرة

GMT 07:21 2014 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

زينة تلجأ إلى تحليل "DNA" لإثبات النسب لأحمد عز

GMT 09:17 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 00:10 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

عمار سلمان يعود لتدريب أهلي الخليل

GMT 23:49 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب رفح يصارع القادسية والشجاعية يتحدى الهلال
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday