واشنطن - منيب سعادة
أكدت مصادر في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن الإدارة الأميركية اشترطت على الوكالة إحداث تغيير في المناهج الدراسية والتزام الحيادية وذلك لضمان استمرار الدعم الأميركي لها، والذي سيتم حصره في إقليمي الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة، بدون سورية ولبنان من مناطق عملياتها الخمس.
وأضافت المصادر، في تصريح الثلاثاء، أن "الإدارة الأميركية تقدمت للأونروا بشرط تغيير المناهج، التي تُدرس في مدارسها، لجهة شطب كل ماله علاقة بحق العودة وقضية اللاجئين الفلسطينيين، وإسقاط هوية القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة، وإلغاء ما يخص النضال أو المقاومة ضد الاحتلال، أو تعبير الانتفاضة الفلسطينية".
ونوهت المصادر، بأن "شرط الحيادية عبر إلغاء الأنشطة والفعاليات المتعلقة بمناسبات خاصة بالقضية الفلسطينية، مثل وعد بلفور و"النكبة" والعدوان الإسرائيلي العام 1967 وغيرها، وعدم التعاطي مع أي نشاط سياسي".
من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم "أونروا"، سامي مشعشع، إن "الإدارة الأميركية صرحت بأن استمرار تبرعها للوكالة منوط بإصلاحات تتوقعها من الأونروا، كما حددت رغبتها بصرف تبرعاتها بدون إقليمي لبنان وسورية"، مضيفًا "أن سبب تخصيص الولايات المتحدة تخفيض تبرعاتها للأراضي المحتلة والأردن واستثناء سورية ولبنان منها قد تستطيع الإدارة الأميركية نفسها الإجابة عليه، حيث إن "الأونروا" ما تزال في مرحلة استيعاب تقليص المساعدات الأميركية المقدمة للوكالة".
وأوضح مشعشع، أن "أونروا" تواجه تحديات هائلة في الأسابيع والأشهر المقبلة"، مفيدًا أن الولايات المتحدة قدمت للوكالة تبرعات بمبلغ إجمالي مقداره 350 مليون دولار في العام 2017، بينما تسلمت أونروا منها الآن نحو 60 مليون دولار فقط من هذا المبلغ، مؤكدًا "التزام الأونروا بالمحافظة على الخدمات التعليمية والصحية والإغاثة الاجتماعية، المقدمة لأكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، في أقاليم عملياتها الخمس، منهم زهاء 2 مليون لاجئ فلسطيني في الأردن بنسبة 42 % تقريبًا مسجلين لدى الوكالة".
وشدد مشعشع على أن "أونروا" تعمل بعزيمة تامة من أجل ضمان استمرارية خدماتها"، المقدمة للاجئين الفلسطينيين، ومثلما أكد المفوض العام للأونروا بيير كرينبول، لمجتمع اللاجئين، فإن المدارس ستبقى مفتوحة، فيما خاطب الموظفين بأن هذه اللحظة هي لحظة تماسك وتضامن داخلي.
وتابع مشعشع: "إننا نقول هذا ونحن مدركون لحقيقة أن اللاجئين الفلسطينيين معرضون للمخاطر في كافة أقاليم العمليات الخمسة التي نقدم الخدمات فيها"، معربًا عن أسفه للقرار الأميركي، ومؤكدًا بذات الوقت بأن إدارة الوكالة ستبذل كل الجهود لمواصلة مهامها وتقديم خدماتها، حتى قبل القرار الأميركي، مشيرًا إلى أن "تخفيضات التمويل الأميركي، وكما قال المفوض العام للأونروا، يعد أمرًا حادًا وضارًا حيث إنه يهدد واحدًا من أكثر مساعي التنمية البشرية نجاحًا وابتكارًا في الشرق الأوسط".
وأبرز شعشع "أن تخفيض المساعدات الأميركية سيخلق تحديات عديدة، حيث "تبرز هنا مسألة سبل وصول 525 ألف طالب وطالبة في 700 مدرسة تابعة للأونروا ومستقبلهم، مثلما يبرز أيضًا على المحك مسألة الكرامة والأمن الإنساني للملايين من اللاجئين الفلسطينيين الذين هم بحاجة إلى معونات غذائية طارئة، وسبل دعم أخرى في الأردن ولبنان وسورية والضفة الغربية وقطاع غزة".
ولفت مشعشع إلى تحدي "سبل وصول اللاجئين إلى الرعاية الصحية الأولية، التي تشمل رعاية الحوامل والخدمات الأخرى المنقذة للحياة، كما تبرز على المحك، أيضًا، حقوق وكرامة مجتمع بأكمله"، معتبرًا أن "التبرعات المقلصة تؤثر أيضًا على الأمن الإقليمي، في وقت تواجه فيه المنطقة مخاطر وتهديدات متعددة، وتحديدًا تلك المرتبطة بالمزيد من التطرف".
وأوضح مشعشع أن تمويل مؤسسة إنسانية يعد مسألة تطوعية بالكامل ومن صلاحيات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مبينًا أن الولايات المتحدة قامت باتخاذ قرار سيادي عند التقليص بشكل كبير من تبرعاتها طويلة الأمد للأونروا، والمقدمة لأجل اللاجئين، مذكرًا أن "الولايات المتحدة كانت، طيلة أكثر من خمسة وستين عامًا المانح الفردي الأكبر للوكالة، كما قامت وبشكل مستمر بالإشادة بخدمات الوكالة للاجئين الفلسطينيين، من حيث الجودة والشفافية والمساءلة، ولهذا السبب فإن الأونروا تشعر بالامتنان للشعب الأميركي وقيادته الذين جسدوا معاني الالتزام بمساعدة الأشخاص المعرضين للمخاطر"، بحسبه.
أرسل تعليقك