حين تخرج غزة من عباءات الفصائلية
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

حين تخرج غزة من عباءات الفصائلية

 فلسطين اليوم -

حين تخرج غزة من عباءات الفصائلية

بقلم : طلال عوكل

دون صدى تذهب شكاوى إسرائيل من التلوث البيئي، الذي ينجم عن إشعال آلاف الإطارات، فالفلسطينيون لم يستخدموا الكيماوي أو أي سلاح شرعي أو غير شرعي. يتناسَى المسؤولون في إسرائيل أنهم استخدموا القار (الزفت) والزيوت المحروقة، إبّان الانتفاضة الشعبية الكبرى العام 1987.

القوات الإسرائيلية المحتلة آنذاك قامت بطلاء كل جدران شارع عمر المختار بذريعة منع النشطاء من الكتابة عليها، ولكنها لم تراع الآثار البيئية والصحية التي تترتب عن ذلك العمل. استخدم نشطاء الانتفاضة آنذاك وسائل نضالية أخرى لمواجهة العدوانية الإسرائيلية، لكن إسرائيل اليوم تستخدم السلاح الناري، في مواجهة هذا الشكل من أشكال المقاومة الشعبية السلمية، فيسقط نحو عشرة شهداء، ويصاب ما يقرب من ألف وخمسمائة مواطن فلسطيني.

لم يستخدم هؤلاء الضحايا لا السلاح الناري ولا السلاح الأبيض ولا حتى استخدموا الحجارة، أو اقتربوا من السياج الحدودي، لكنهم في كل الأحوال كانوا يتوقعون ما تعرضوا إليه، لأنهم يدركون، بأن الإرهاب والعنف هو من طبيعة المخطط الصهيوني الأساسي، وهو السمة الأساسية التي تعبر عن جوهر وحقيقة دولة الاحتلال.

يوم الجمعة المنصرم، استخدمت إسرائيل خراطيم المياه العادمة وجندت مراوح ضخمة لإبعاد الدخان، ولكن الأصل هو أن استخدام هذه الوسائل كان بهدف توضيح الرؤية أمام القناصين.

لسان حال أهل غزة وفلسطين عموماً يقول: "احترنا يا قرعة من وين نبوسك". فاستخدام السلاح والصواريخ، عمل إرهابي، وزياد أبو عين إرهابي، وما تقوم به قرى الضفة التي تتقدمها بلعين إرهاب، المقاومة الشعبية السلمية إرهاب، ورفع العلم الفلسطيني يستحق استخدام الرصاص، والدهس والطعن إرهاب، والتوجه إلى الأمم المتحدة طلباً للنصفة إرهاب، خطابات الرئيس محمود عباس تحريض على الإرهاب، وإرهاب أن يرفع الفلسطيني صوته في مواجهة مخططات التصفية، فكيف يمكن للفلسطيني تحت الاحتلال أن يسمع صوته للعالم؟ لا تزال الآلة السياسة والعسكرية والأمنية في إسرائيل مرتبكة وقلقة جداً من استمرار فعاليات مسيرة العودة، ويتبجحون أنهم نجحوا في إفشال عملية اجتياز السياج الحدودي وكأن الحملة كانت تستهدف ذلك في هذا الوقت.

ليبرمان وزير الدفاع، الذي يتقاسم مع ترامب الرئيس الأميركي العديد من الصفات، يستهزئ من الذين يطالبون بتشكيل لجنة تحقيق في استخدام الجيش الإسرائيلي القوة المفرطة ضد المدنيين السلميين، ويتساءل إن كان جرى تشكيل لجنة تحقيق واحدة في مقتل نصف مليون سوري. يتناسى ليبرمان، أن الأحداث في سورية، ومقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين، يعود في أحد أسبابه للتدخلات العسكرية المباشرة وغير المباشرة من قبل إسرائيل ومن قبل عشرات الدول بما في ذلك وأساساً حلفاء إسرائيل الدوليون. لكن ليبرمان يقصد، أيضاً، أن اغتيال عشرات الفلسطينيين وإصابة المئات لا يشكل حدثاً بالقياس لما يجري في سورية، وبالتالي يستنكر اهتمام دول العالم بالحدث الفلسطيني.
إسرائيل القلقة والمغتاظة مما يجري على الحدود الوهمية المؤقتة مع قطاع غزة، فتحشد جيشها، وتهدد مرة باغتيال قادة "حماس" ومرة أخرى بقصف مقرات الحركة إن لم تبادر إلى وقف هذه الحملة.
في الواقع فإن إسرائيل تحاول استدراج الفلسطينيين، من أجل توفير ذريعة، لتوسيع عدوانها على القطاع، باعتباره الوسيلة الوحيدة لوقف مسيرات العودة، لكنها حتى الآن والأرجح أنها لن تنجح في ذلك خلال المرحلة القادمة.
لا نتمنى أن تكون الجمعة القادمة، جمعة المولوتوف، كما أشارت بعض مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا يوفر ذلك لإسرائيل الذريعة التي تنتظرها فضلاً عن أن استخدام هذا الأسلوب، لا يؤثر على الإسرائيليين فلا يوجد مركبات، ولا سكان، ولا حتى مزارع يمكن أن تصل إليها زجاجات المولوتوف.
الفلسطينيون والإسرائيليون يتساءلون عن الأسلوب الذي، سيبتدعه الشباب في الجمعة القادمة، لكن الأكيد أن هؤلاء الشباب، قادرون على ابتداع أشكال أخرى مؤثرة، وأنهم لن يتوقفوا عن التفكير في مفاجأة الاحتلال بأشكال وأساليب لا يتوقعها.
المؤسف أن هذا النشاط الشعبي السلمي، وسقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى، الذين تجاوز عددهم الثلاثة آلاف، لم يحقق حتى الآن تحركاً إيجابياً ملموساً باتجاه المصالحة الفلسطينية ولم ينه حتى الاشتباك الإعلامي.
والمؤسف، أيضاً، أن ثمة محاولات حثيثة، للالتفاف على هذا الحراك، بهدف وقفه مقابل إغراءات، غير مضمونة، فضلاً عن أنها، تضع كل هذا الحراك في خانة التجاذبات والحسابات والمصالح الحزبية الضيقة.
من يسعى وراء ذلك عليه، أن يضغط على إسرائيل لرفع حصارها عن قطاع غزة، وألا يكتفي بإصدار البيانات والمواقف وإنما يذهب نحو الاستثمار السياسي والدبلوماسي.
أليس غريباً أن مجلس حقوق الإنسان لم يجتمع حتى اليوم، لمناقشة هذا الأمر بالرغم من أن الأمين العام للأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وحتى "هيومان رايتس ووتش" الأميركية، طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق دولية؟
باستثناء توسع الإدانات الدولية، للسلوك الإسرائيلي وهو أمر مهم طبعاً، لم نبادر نحن الفلسطينيين إلى استثمار هذه الأحداث، وظلت الحسابات الفصائلية هي التي تحكم السلوك العام السياسي. في كل حال الموضوع ليس موضوع "حماس"، وليتأكد الجميع أن مسيرة العودة، هي فعل شعبي وطني غير فصائلي، وثمة من يتكفل باستمراره.

المصدر : جريدة الأيام

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تخرج غزة من عباءات الفصائلية حين تخرج غزة من عباءات الفصائلية



GMT 10:35 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

أميركا وإسرائيل: ظاهرتان متشابهتان

GMT 12:44 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ثمّة متسعٌ للمزيد

GMT 09:19 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أهْلِي وإن ضَنُّوا عليَّ كِرامُ

GMT 07:18 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

لبنان وحيداً في لحظة بالغة الصعوبة

GMT 09:12 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

صراع علاقات القوة في الغربال

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 04:46 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

أفكار مبتكرة للفواصل في ديكور المنازل العصرية

GMT 04:39 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

أفكار أساسية في تصميم السلالم الداخلية للمنزل العصري

GMT 16:06 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 08:18 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة مستمرة في تعرية ظلم القضاء الأفغاني

GMT 05:54 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

علي العلاق يضع اسمه على الدينار بدلاً من توقيعه

GMT 14:42 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

المستشار براك يبحث مع ممثل جمهورية مالطا دعم النيابة العامة

GMT 22:03 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

مكرمة رئاسية لعدد من الحالات الإنسانية في محافظة جنين

GMT 23:43 2017 الثلاثاء ,28 آذار/ مارس

استقبال خاص لكريستيانو رونالدو في مسقط رأسه

GMT 06:36 2017 الأربعاء ,09 آب / أغسطس

390 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في 18 شهراً

GMT 22:42 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

تعرفي على شخصية حماتك من خلال برجها
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday