بقلم . يوسف رزقة
أعرب محمود عباس رئيس السلطة في أثناء زيارته إلى فرنسا مؤخرا عن إدانته واستغرابه لدعوة الحكومة البريطانية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لحضور احتفالات ذكرى مرور مائة عام على صدور وعد بلفور، وطالب بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني على ما ارتكبته من دمار وتشريد بحق شعبنا، كما طالبها بالاعتراف بدولة فلسطين وفق توصية مجلس العموم البريطاني
إنه لمن العار أن تحتفل بريطانيا بالذكرى المئوية لوعد بلفور في الثاني من نوفبر عام ١٩١٧م، ومن الصفاقة والتحدي للمشاعر الفلسطينية والعربية أن تدعو حكومة بريطانيا نيتنياهو لحضور هذه الاحتفالات.
إن ما يعانيه الفلسطينيون منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا هو نتاج مباشر وغير مباشر لهذا الوعد المشئوم الذي مهد الطريق أمام قيام دولة ( إسرائيل) على أرض فلسطين التاريخية، مما منع قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وهجّر الفلسطينيين من أراضيهم وديارهم.
على مدى قرن من الزمان يعتبر الفلسطينيون أن بريطانيا هي المجرم الأول الذي تآمر عليهم، ودمرّ وجودهم، وجعلهم لاجئين في أصقاع الأرض، والبلاد المجاورة والبعيدة.
منذ عقود ، (وحين نما الوعي الفلسطيني بمسئولية بريطانيا عن النكبة والتهجير)، و الشعب الفلسطيني يطالب حكومات بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور ومخرجاته اللاحقة له، بينما تضرب بريطانيا عرض الحائط بهذه الدعوات الموضوعية والمنطقية؟!!!.
بلفور وحكومة بريطانيا لم تكن تملك أرض فلسطين لكي تعد اليهود بها وبإقامة وطن قومي لليهود فيها، لذا فإن العبارة المشهورة في الثقافة الفلسطينية تقول:( أعطى من لا يملك ، من لا يستحق؟!).
بريطانيا وبعد قرن كامل من الزمن لا تبدي آسفا لما أقترفته حكومتها، وها هي تؤكد عدم أسفها من خلال الاحتفال بالذكرى المئوية للوعد، وتنسى أن أراضي فلسطين ترزح تحت الاحتلال والاستيطان، وأن حلّ الدولتين الذي تؤيده بريطانيا تبخر وتلاشى تحت وقع الاستيطان، وتعرض عن كل المطالب الفلسطينية بالاعتذار.
بريطانيا كان منحازة ومجرمة بحق الفلسطينيين في عام ١٩١٧م، وبريطانيا مجرمة ومنحازة في دعوتها نيتنياهو لحضور الأحتفال المذكور أعلاه، وهو تصرف يحمل استخفافا بالجانب الفلسطيني والعربي.
إن الاستغراب الذي عبر عنه محمود عباس، مطالبا بالاعتذار، هو مطلب للشعب الفلسطيني بعد سنين طويلة ، ولست أدري هل هناك فرصة قانونية لمقاضاة بريطاني على هذا الوعد المشئوم، أم أن الضعفاء في العالم لا حقوق لهم في هذا العالم الذي يقوم على مبدأ القوة والطغيان؟! .