كشف الفلسطيني المحتل، محمد بركة، أن الكيان الإسرائيلي سنّ، في الفترة الأخيرة، 34 قانوناً عنصرياً "عرقياً" يستهدف، بنصوص مباشرة، الفلسطينيين في الأراضي المحتلة العام 1948، وسط تنامي الجنوح نحو الغلوّ والتطرفّ وأضاف بركة، في تصريح صحافي الثلاثاء في مناسبة ذكرى يوم الأرض الذي يصادف الأربعاء، إن "الحكومة الإسرائيلية تحاول تغليف ممارساتها العنصرية بشكل من أشكال "القوننة، والسلطات الإسرائيلية كانت "تراعي" سابقاً الرأي العالمي تجاه سياستها، أما الآن فإنها قد تجاوزت الحرج بالإجهار علنًا بعنصريتها، في ظل المشهد الإقليمي العربي المضطرب، والانحياز الأميركي للاحتلال الإسرائيلي".
وأكد بركة، أنه لا يمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يكون شريكاً في حل سياسي سلميّ، فهو الشخص الأكثر تطرفاً في الحلبة السياسية الإسرائيلية، ويحمل حقداً دفيناً وكرهاً شديداً للفلسطينيين" واعتبر أن "جلّ مسعى نتنياهو خلال سنوات حكمه، منذ العام 2009 حتى اليوم، ينحصر في كسب المزيد من الوقت لفرض الوقائع المغايرة على الأرض، وفق مخطط واضح بالاستيطان والتهويد وتكريس الانقسام الحاصل بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلين.
واستبعد استئناف المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في الصيف القادم"، معتبرًا أن الحراك الدولي الراهن لإحياء العملية السياسية قد لا يفضي إلى تطور، ولكنه على الأقل يحرّك المياه الراكدة، ورأى أن "طرح المبادرة الفرنسية في الاتجاه الصحيح، إزاء عقد المؤتمر الدولي الذي من شأنه أن يقود إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود العام 1967، في ظل الموقف الإسرائيلي المضادّ، وأن جديد المبادرة يكمن في بروز سيناريو آخر عند فشلها، خلافاً لنظيراتها السابقات، وذلك بإعلان فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، الاعتراف بدولة فلسطين، بما يحمله من دلالات وإسقاطات وازنة، تسهم في محاصرة خطاب العدوان الصهيوني".
وقال بركة إن "الكيان الإسرائيلي مهدد اليوم من الداخل، أي من الفلسطينيين، بينما يحاول "وصم" مركبات الشعب الفلسطيني بالتطرف بحيث يجمع كل من "فتح" و"حماس" والشيوعيين والمستقلين وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في جملة واحدة.
وبينّ أن "نتنياهو يحاول تسويق مزاعم تعرّض الكيان الإسرائيلي لموجة "إرهابية"، مثلما يسعى لإلغاء "الخط الأخضر" بهدف التملص من قرارات الشرعية الدولية، واستعادة شعار "أرض إسرائيل الكاملة"، والذي ما يزال قائماً عند غالبية الإسرائيليين، مضيفًا أن "الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تريد المحافظة على مستوى معين من التهديد اليومي، لضمان الالتفاف المجتمعيّ الإسرائيلي حول خطاب التطرف والغلوّ، وذلك من خلال استخدام ورقة جديدة عقب انتهاء مفعول توظيف الملف النووي الإيراني، غداة التوصل إلى الاتفاق في العام الماضي".
وأشار إلى محاولة نتنياهو للظهور بصورة ضامن الأمن للمجتمع الإسرائيلي، غير أن الأحداث الجارية في الأراضي المحتلة أحدثت "ضعضعة" في موقفه، قياساً باستطلاعات الرأي الإسرائيلية الأخيرة، ومنها ما نشرته جريدة "معاريف"، حول انخفاض حجم تأييده، لصالح شخصيات أخرى، مثل (أفيغدور) ليبرمان، (زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليمني القومي المتطرف.
وتابع قائلاً إن ذلك لا يعني مطلقاً هبوط التيار اليميني المتطرف إلى أقلية، ولكن لا بد من إيجاد تحول جذريّ لكسر أوهام الإسرائيليين بأن ألأمن والاستقرار يمكن تحقيقهما بدون الحاجة لبلوغ تسوية سلمية"، مستبعداً "تسلم ليبرمان مهام رئاسة الحكومة الإسرائيلية.
واعتبر أن "الانتفاضة الفلسطينية، وتنامي حركة مقاطعة الاحتلال، والمضيّ الفلسطيني العربي في مسار محكمة الجنايات الدولية، إلى جانب حركة التضامن الدولية الفاعلة خارج العقلية الداعشية التي تحاول التسلق على حساب القضية الفلسطينية، من شأنها أن تضع الخطاب الإسرائيلي في موقف حرج، وتخلق حالة تآكل كبيرة لمكانة اليمين المتطرف".
ولفت إلى "القلق الإسرائيلي من قرار مجلس حقوق الإنسان، والتخوف من تصاعده إلى مقاطعة الشركات التي تتعامل مع الجانب الإسرائيلي ، بما يشكل ضربة موجعة لها، وأن المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة تعتمد في علاقتها مع الداخل الإسرائيلي على مسألة تجميعهم حول خطاب واحد، من خلال اختراع عامل تهديد مشترك، وتحقيق عنصر الرخاء الاقتصادي، غير أن المسّ في أيّ منهما قد يؤدي إلى تصدّعات في مسألة التفاف المجتمع الإسرائيلي حول قيادته اليمينية المتطرفة.
وطالب بالمضي قدمًا في مسار مساءلة ومحاكمة الاحتلال على جرائمه ضدّ الشعب الفلسطيني وبحق اغتيال الطفولة الفلسطينية، وأن المساعي الإسرائيلية لتزييف الوقائع وتسويق الرواية الصهيونية عبر اختراع الخطر والتهديد عليها من جانب الفلسطينيين، وإعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ الإعدامات الميدانية والقتل المباشر ضد أبناء الشعب الفلسطيني وشدَّد على أهمية موقف القيادة الفلسطينية في رفضها لعسكرة الانتفاضة مقابل تأييدها للنضال الشعبي السلمي، مضيفًا أن هذا ما يجب أن تنهض به فصائل العمل الوطني الفلسطيني، حيث أن أداءها دون الحد الأدنى المطلوب.
وقال إن الفلسطينيين، في الأراضي المحتلة العام 1948، يتحركون وفق خصوصية واقعهم، ضمن الأدوات الكفاحية المتوفرة، بهدف تحقيق الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ومواجهة العنصرية الإسرائيلية، والحفاظ على الأرض والوجود والانتماء" وتابع أن "لهذه الرؤية وسائلها وأدواتها، والتي يتم استخدامها منذ العام 1948، وحققت إنجازات عظيمة"، لافتًا إلى أن "فهم موضوع المواطنة لا ينطلق على أنه كرم من "الديمقراطية" الإسرائيلية، وإنما حق نابع من انتماء الفلسطينيين، في العام 1948، لوطنهم وأرضهم، باعتبارهم أصحاب الديار".
وانتقد ما اعتبرها "أفكاراً هجينة تعتقد أنه بالتفاهم مع المؤسسة الإسرائيلية وبتدوير الزوايا يمكن نيل الحقوق"، جازماً بأن "الحصول على الحق لا يتم إلا بالنضال والإصرار" وقال إن "السياسة العنصرية، كممارسة، لم تغب عن المساحة التي تتحرك بها الصهيونية، حيث خاض الفلسطينيون تجربة مريرة مع المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، حينما تعاملت تاريخياً مع المواطنين الفلسطينيين في العام 1948 وفق قوانين الطوارئ الانتدابية لعام 1945، والتي تجيز حل الأحزاب ومصادرة الأملاك والأراضي، وفرض النفي من مكان السكن".
وتحدث عن "القوانين العنصرية "العرقية" الإسرائيلية التي تستهدف، في نصها المباشر، الشعب الفلسطيني، مثل قانون لم الشمل وحظر ومعاقبة إحياء ذكرى النكبة وإقصاء أعضاء "الكنيست" من العرب" واعتبر أن "مشكلة السلطات الإسرائيلية مع الفلسطينيين، في العام 1948، تنبع من البقاء والوجود على الأرض الفلسطينية" ولفت إلى "الاستهداف الإسرائيلي للحقوق والأرض الفلسطينية، والتي لم يتبق منها سوى 2,5 % من مساحة ما يملكه الفلسطينيون في الأراضي المحتلة العام 1948، بعد مصادرتها لأكثر من 80 %، وذلك بهدف شرخ العلاقة مع الوطن".
وأكد أن "العلاقة عميقة ومتجذرة بين الفلسطينيين ووطنهم وأرضهم، فهو ليسوا بمهاجرين أو طارئين، وإنما أصحاب الأرض"، معتبراً أن "الصراع مع الاحتلال الصهيوني غير متكافئ، بين أقلية فلسطينية في العام 1948 معزولة عن شعبها وأرضها، مقابل الكيان الإسرائيلي المدجج بأعتى أنواع الأسلحة والذخيرة وبأدوات العنصرية العدوانية" وزاد قائلاً "ومع ذلك؛ فما زلنا نقف بعد 70 عاماً في مواجهة الاحتلال، ضمن مسار نضاليّ واعٍ ومدروس، لأن المغالاة، كما التساوق، قد تؤديان إلى الكارثة".
ولفت إلى "التطوّر الكبير في العمل التنظيمي الفلسطيني، بالأراضي المحتلة العام 1948، عبر خوض الانتخابات النيابية الأخيرة ضمن قائمة مشتركة، والارتقاء بعمل "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية"، والتي تمثل الكلّ الفلسطيني، إلى مرحلة نوعية جديدة من العمل المشترك"واعتبر أن "هذين الأمرين يلبيان حاجات التطور في الوطن الفلسطيني، ويشكلان تحدياً لمشروع الاقتلاع الصهيوني، مثلما يخالفان حالة التشظي المهيمنة اليوم على الحالة العربية، والانقسامات والحروب الداخلية وانتهاك الدولة الوطنية".
أرسل تعليقك