المقاتلون العائدون من بؤر التوتر معضلة تواجه دول العالم لاجتثاث التطرف
آخر تحديث GMT 04:53:15
 فلسطين اليوم -

وسط مخاوف كونهم عبارة عن خلايا نائمة على استعداد للهجوم من جديد

المقاتلون العائدون من بؤر التوتر معضلة تواجه دول العالم لاجتثاث التطرف

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - المقاتلون العائدون من بؤر التوتر معضلة تواجه دول العالم لاجتثاث التطرف

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي
بغداد - نجلاء الطائي

يستحيل اجتثاث التنظيمات المتطرفة وإغفال ما تخلفه وراءها من مقاتلين شرسين يعودون إلى أوطانهم بلوثة أفكارهم وشراسة رغباتهم بإلغاء وتدمير الآخرين، إذ يستحيل أبناء جلدتهم أغراباً عنهم ينبغي القضاء عليهم. تحتّم هذه الإشكالية التوغّل في كيفية معالجة المقاتلين العائدين من "المهجر المتطرف"، إذا كان من سبيل لإعادة تأهيلهم.

إذ يختلف ذلك حسب الحالة النفسية للمقاتل ومدى تشبّعه بالأفكار المتطرفة، وقناعته بمبادئها، أضف إلى ذلك مبلغ مركزه في التنظيم؛ إذ من النادر أن يرضخ قيادي في التنظيم للأنظمة والقوانين الدولية، بل يفضّل الموت في سبيل قضيته التي سيخسر إن تركها كل صلاحياته وامتيازاته. يبقى عموما ملف المقاتلين الأجانب شائكاً صعب المعالجة، الأمر الذي حدا بعدد من الخبراء في مجال الأمن والإرهاب بأن يفضلوا إبادتهم والتخلص من فكرهم لدرء متاعبهم عن أوطانهم إن قرروا العودة إليها. ويتجلّى ذلك عبر تأكيد المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص بالتحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش" بريت ماكغورك حرص التحالف على التخلص من مقاتلي "داعش" المتبقين في سورية وقتلهم هناك.

ومنذ إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الانتهاء من تحرير "آخر معاقل" تنظيم "داعش" في العراق والتخلص من مناطق هيمنة التنظيم، تصاعد القلق الدولي حيال الأعداد الكبيرة من المقاتلين الأجانب ممن لاذوا بالفرار وتوجهوا ناحية الصحراء محملين بفكرهم المتطرف وعزمهم على نقل التخريب والدمار في أماكن أخرى. وتتمحور الخطورة في المقاتلين الأجانب على وجه التحديد، خصوصاً أولئك العائدين إلى أوطانهم ممن يعزمون على الانصهار بالمجتمع كأشخاص أسوياء، إلا أنهم عبارة عن خلايا نائمة على استعداد للهجوم من جديد في حال تم استنهاضهم من خلال أعضاء آخرين للتنظيم، سواء كان ذلك عبر عمليات أحادية كـ"ذئاب منفردة"، أم من خلال أعمال مشتركة؛ فعدم وجود بيئة خصبة كمعقل للتنظيم حتّم نقل ساحة العراك الداعشي من مناطق الاضطراب السياسي إلى النواحي الآمنة من العالم، وتحويل السلطة التنظيمية لها من مناطقية شملت العراق وسورية إلى سلطة إلكترونية تتواصل مع المتعاطفين والمنضمين للتنظيم عن بُعد بوسائل متنوعة تتغير حسب مدى تضييق خناق السلطات عليها، فعلى الرغم من القيود والرقابة المكثفة التي تمارسها السلطات الدولية إلكترونياً، فإن تصريحات المتطرفين والبث المرئي لهم والتوجيهات للمؤيدين لم تتلاشَ من الوجود.

وقد تصاعد في الدول الأوروبية على وجه التحديد قلق تغلغل المقاتلين لديهم، مما أثقل كاهل السلطات الأمنية لديهم، لا سيما مع تصاعد عدد اللاجئين والأقليات في تلك الدول، ممن يحمل قابلية الشعور بالتهميش والاختلاف عن الآخرين، مما يفضي لسهولة انقيادهم نحو التطرف، ومن ثم الانضمام لتنظيمات إرهابية، خصوصاً إذا ما قوبل بأعضاء داعشيين حملوا مجد خوض تجربة "الخلافة الداعشية" الغابرة، فيصبح خطاب الكراهية ومبادئ القتل والتخويف جاذبة، وفكرة دخولهم معسكرات تدريبية للقتال أو حتى مجرد المشاركة في ساحات المعارك وقتل الأبرياء مسببات لتعظيمهم والأخذ بتوجهاتهم.

بعيداً عن التنظير، فإن عدداً من الحيثيات تعكس جهود تنظيم "داعش" الحثيثة نحو استعادة مجده المنحسر من خلال تكثيف تخطيطه ونقل توجهاته التخريبية إلى القارّة الأوروبية، حسب تقرير صدر من مركز بحوث تسلح الصراعات، فإن ثلث أسلحة تنظيم "داعش" المكوّنة من بنادق آلية وقاذفات الذخائر صُنِعت في الاتحاد الأوروبي في عدة دول، مثل رومانيا والمجر وبلغاريا. وهو الأمر ذاته الذي حذر منه الخبير المختص بالإرهاب البروفسور بروس هوفمان، إذ نوه بأن آلاف المقاتلين الأجانب قد لاذوا بالفرار من مناطق الصراع، وعدد كبير منهم يقبع في دول البلقان في انتظار الفرص المناسبة للتغلغل في بقية الدول الأوروبية. ذلك التوجه الداعشي نحو المدن الأوروبية بعد خسارة معاقله لا يتأتى بسبب سعيه لإيجاد مناطق أخرى وطرق بديلة للتنظيم، بعد أن قام التحالف الدولي بتشريده من مناطق النزاع وقتل أعداد كبيرة من أعضائه فيها.يأتي ذلك أيضاً سعياً في استغلال التركيبة الديموغرافية لأوروبا، المؤلفة من أقليات من الممكن استغلال أو إقناع البعض منهم بالانضمام. كما أن من الصعب تقصي واكتشاف الخلايا النائمة المتخفية داخل المجتمع، التي تم غرسها، فمن الصعب تمييزها عن الآخرين، خصوصاً أن هناك فعلياً عدداً من المقاتلين العائدين من ساحات القتال، وهم محملون بخيبة الأمل في تنظيم "داعش"، سواء نتيجة توغّله في العنف والسعي في إبادة الآخرين أو كونه مغايراً للشعارات الدينية أو الوطنية التي كان ينادي بها من أجل تحرير العراق أو سوريا على سبيل المثال، أو حتى على اعتبار أن معاقلهم بمثابة ملاذ للمتطرفين.تلك الخيبة تزداد مع استيعاب حقيقة التنظيم واكتفائه بالعنف والقتل والتخريب وتغافل الشعارات التي استقطب بها الآخرين من قبل. 

مثل هذه الفئة الراغبة في الاندماج في المجتمع قابلة لإعادة التأهيل، وإن كان من الصعب تحديد نسبة هؤلاء المتطرفين "التائبين"، لا سيما لدى المختصين بالأمن ممن يفضلون القضاء على المشكلة من الأساس عبر التخلص من المقاتلين الأجانب.يؤكّد الخبير المختص في قضايا الإرهاب ديفيد أوتو أن "(الجهاديين) لا يتركون (الجهاد) وراءهم فقط، لأن خلافتهم قد انهارت، ولا يمكن لمقاتليهم أن يختفوا عن الوجود، فهم يجدون من الضروري إيجاد محيط بديل لهم، حيث يكون من السهل لهم الانخراط مع الآخرين، كتوجه البريطانيين إلى تركيا والأفارقة إلى ليبيا وهكذا دواليك".وهو في وصفه يشير إلى فئة المقاتلين ممن تترسخ في أعماقهم قناعة بمسببات القتال، أو أولئك الساعين نحو القتل والتخريب ممن يحملون مسببات نفسية للقيام بذلك، وقد تلقف فرصة وجود تنظيم يدعمه سواء لوجيستياً وتدريبياً أو حتى الاكتفاء بالمعنوي من أجل تحفيزه لارتكاب الهجمات الإرهابية. 

وقد تم استغلال الخلايا النائمة في أوروبا من أجل إثارة الرعب فيها عبر هجمات تتفاوت ما بين المتخبطة التي تماثل الجرائم الفردية من خلال الطعن أو الدهس مما لا يتطلب تخطيطاً شاقاً، مثل حادثة الدهس في جادة لا رامبلا السياحية في برشلونة، وحادثة الدهس الأخرى في مناسبة عيد الميلاد في برلين العام الماضي، وفي نيس في العام الذي يسبقه، وتلك التي قام فيها كوسوفي بارتكاب هجوم بواسطة فأس في محطة القطارات الرئيسية في دوسلدورف، وتهجّم رجل مسلح بسكين على متجر في هامبورغ، مما يشابه إلى حد كبير الجرائم العشوائية، وأخرى تنمّ عن تخطيط دقيق مثل حادثة محاولة اغتيال رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، وإن تمّ إحباطها، وقد تبيّن فيما بعد أن مرتكبي جميع تلك الحوادث لديهم ارتباط بتنظيم داعش، سواء كان مباشراً أم مجرد اكتفاء بالحصول على الدعم المعنوي. ولا بد أن حوادث الدهس والطعن العشوائية في أوروبا التي تكرّرت تعكس ضعف التنظيم وصعوبة مقدرته على التخطيط المحبوك لهجومٍ كبير، مع الاحترازات الأمنية المتشددة أخيراً، ويقابلها في الوقت ذاته سهولة استخدام عنصر المفاجأة والهجوم العشوائي في المناسبات التي يحتشد فيها الناس، إضافة إلى السهولة النسبية لتحريض الذئاب المنفردة، وهم غالباً عبارة عن شخوص معتلين نفسياً ينسبون المسببات الاجتماعية والدينية لحاجتهم إلى أن ينفذوا مثل هذه الهجمات الإرهابية السهلة، وإن تسبب ذلك بمقتله. 

وقد شنّت بالفعل حسابات نسبت لتنظيم "داعش" حملات مكثفة من أجل تحريض الذئاب المنفردة على استهداف الأوروبيين والتخطيط لهجمات إرهابية بالأخص في مناسبات الأعياد الرسمية مثل عيد الميلاد ورأس السنة. بل إنه في إحدى الرسوم التي نشرتها هذه الحسابات ظهر شخص ملثم ممسكاً بلعبة على صورة "بابا نويل" في إشارة إلى استهداف هذه المناسبة وفي الوقت ذاته تحفيز الخلايا النائمة في أوروبا للتيقظ والبدء باستغلال أماكن اكتظاظ الناس من أجل تنفيذ هجمات تثير الرعب، من خلال قتل أكبر عدد ممكن من الضحايا.وإن كان ذلك لا يمنع سعي تنظيم "داعش" إلى إيجاد الفرصة لارتكاب جرائم إرهابية كبيرة لا تكتفي بالاعتماد على الذئاب المنفردة، ويعزز من ذلك الاحتمال أعداد المقاتلين الأوروبيين العائدين إلى أوطانهم وغالبيتهم يحملون الجنسية الفرنسية والبريطانية والألمانية، ويقدّر عدد العائدين بنحو 1200. الأمر الذي رفع من حجم الحذر المتوخى من قبل السلطات الأمنية في أوروبا، وإيجاد الطرق المثلى للكشف عن المتطرفين لديهم.

 وقد تبنّت أجهزة الأمن الألمانية أخيرا نظاماً جديداً لتقييم المتطرفين أطلقت عليه اسم "رادار داعش"، وهو نتاج فريق عمل مكون من خبراء في مجالات الإرهاب والجريمة وأكاديميين مختصين في علم النفس والاجتماع. ويتجلى الكشف عن الإرهابيين من خلال وضع مفردات للكشف المبكر عنهم. وعلى الرغم من أن مثل هذه الاحترازات قد ترفع سقف الأمن في أوروبا، فإنها قد تفضي إلى التنميط بناء على العرق أو الدين، مما قد يؤجج من تصاعد الإسلاموفوبيا، وبالتالي التعامل مع كل شخص عربي أو مسلم على أنه إرهابي محتمل، في الوقت الذي تدفع الهجمات الإرهابية إلى زيادة الهوة بين الثقافات، والتقليل من فرص إعطاء المتطرفين خيار الاندماج مع مجتمعاتهم من خلال إعادة تأهيلهم. لا سيما أن المراقبة المستمرة والتشكيك في مدى تنصلهم من الفكر الإرهابي يقللان من فرص الدمج ومعاودة الحياة الطبيعية، بالأخص مع ظهور عدد من خبراء الأمن ممن يحمل صرامة في القرارات وتفضيل إبادة المقاتلين الأجانب في مناطق النزاع عن عودتهم لأوطانهم.

palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاتلون العائدون من بؤر التوتر معضلة تواجه دول العالم لاجتثاث التطرف المقاتلون العائدون من بؤر التوتر معضلة تواجه دول العالم لاجتثاث التطرف



هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

القاهرة - فلسطين اليوم
هيفاء وهبي خطفت الأنظار بالتزامن مع احتفالها بعيد ميلادها بأناقتها ورشاقتها التي ظهرت بها خلال حفلها الأخير الذي أحيته في قطر، حيث أبهرت النجمة اللبنانية جمهورها على المسرح بطلتها اللامعة بفستان مرصع بالكامل بحبات الكريستال، وبهذه الإطلالة تعود هيفاء وهبي لستايل الفساتين المجسمة التي تتباهي من خلالها بجمال قوامها وهو التصميم الذي كانت تفضله كثيرا أيقونة الموضة، وذلك بعد اعتمادها بشكل كبير على صيحة الجمبسوت التي أطلت بها في معظم حفلاتها السابقة. هيفاء وهبي سحرت عشاقها في أحدث ظهور لها على المسرح خلال حفلها الأخير بقطر بإطلالة جذابة بتوقيع نيكولا جبران، حيث اعتمدت أيقونة الموضة مجددا التصميم المحدد للقوام مع الخصر الذي يبرز بقصته الضيقة مع الحزام جمال قوامها، حيث تمايلت هيفاء وهبي على المسرح بأسلوبها الأنثوي المعتاد بف...المزيد

GMT 06:05 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 22:13 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"تحديد موعد النظر في شكوى فلسطين ضد "الفيفا

GMT 19:39 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

غياب كنكوني والعازمي عن مباراة برقان وكاظمة

GMT 12:54 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

ظافر العابدين ينتهي من تصوير المسلسل البريطاني Fearless

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 21:53 2019 الجمعة ,11 كانون الثاني / يناير

ضعف الأظافر وتساقط الشعر دليل عن نقص الفيتامينات في جسدك

GMT 10:05 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء الأسيرات المحتجزات في أسوار سجون "الاحتلال "

GMT 11:38 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستخبارات العراقية تعتقل 3 من قيادات داعش في الأنبار

GMT 19:37 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

رياض المالكي يعلن إعتراف كولومبيا بدولة فلسطين
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday