حذَّرت حكومة التوافق الفلسطينية، في جلستها الأسبوعية التي عقدتها الثلاثاء، برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمد الله، من المخططات الإسرائيلية لبناء أكثر من 55 ألف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، من بينها 8372 وحدة في المنطقة المسماة "E1" شرق القدس، والتي تهدف إلى عزل القدس عن محيطها الفلسطيني وتقطيع أوصال الضفة الغربية؛ للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا، والقضاء نهائيًا على مشروع حل الدولتين.
وندد المجلس بالإعدامات اليومية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي ومجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة بكافة هيئاتها تتحمل مسؤولية استباحة الدم الفلسطيني، بالصمت تجاه "جرائم القتل المتعمد ضد أبناء شعبنا الأعزل، واحتجاز جثامين الشهداء وتجميدها، لإخفاء معالم جرائم الإعدام ومنع توثيقها، في انتهاك لكرامة الشهداء ولكافة الأعراف والمواثيق".
واعتبر المجلس أن "سلطات الاحتلال وعصابات المستوطنين ستستمر في تنفيذ جرائمها والتباهي باقترافها في ظل عدم التجاوب مع طلب القيادة الفلسطينية توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، واستمرار صمت المجتمع الدولي على الانتهاكات الإسرائيلية، وتعامله مع إسرائيل كدولة فوق القانون، وتجاهله إرهاب الدولة المنظم وجماعات المستوطنين الإرهابية"، مطالبًا المؤسسات الدولية بالتحرك واتخاذ التدابير التي من شأنها محاسبة إسرائيل ومقاضاتها دوليًا على جرائمها التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، وانتهاكاتها للقانون الدولي.
ورحبت حكومة التوافق الفلسطينية بالاقتراح الذي تقدمت به الفصائل الفلسطينية إلى رئيس الوزراء لحل أزمة معبر رفح، والذي يشير إلى أن حل قضية المعبر يكمن أولًا في التوافق الوطني الفلسطيني، وفتحه بصورة دائمة من خلال الاتفاق على إدارته وتحييده عن التجاذبات السياسية، وضرورة تولي حكومة الوفاق الوطني المسؤولية عن المعبر. وقررت الحكومة تشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية كل من نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية ووزير المالية والتخطيط ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية ووكيل وزارة الداخلية؛ لدراسة الأفكار المقترحة وبحثها مع كافة الأطراف، بما يؤدي إلى حل جذري لمعبر رفح وفتحه أمام حركة المسافرين والبضائع، ما يشكل مدخلًا لمعالجة كافة القضايا العالقة، ويخلق أجواءً ومناخات إيجابية مناسبة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.
وتوجه المجلس بالتهاني إلى "أبناء شعبنا في الوطن والشتات، بمناسبة الذكرى الواحدة والخمسين لانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة"، مؤكدًا أن "شعبنا الذي سطَّر على أرض فلسطين وفي مخيمات اللجوء والشتات رواية الكفاح المتواصل وأعظم حكايات الصمود والتضحية، يحيي هذه الذكرى الخالدة، ليؤكد استمرار مسيرة النضال الفلسطيني والكفاح الوطني لإنجاز حقوق شعبنا المشروعة، وفي مقدمتها حقه في العودة، وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران/يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس".
وواصل مجلس الوزراء مناقشة مشروع الموازنة العامة لدولة فلسطين للسنة المالية 2016، وتم إطلاع رؤساء الكتل البرلمانية على الموازنة العامة، والتوافق معهم على عرضها على اللجنة المالية الاقتصادية في المجلس التشريعي الفلسطيني.
وبلغت قيمة الموازنة أربعة مليارات و250 مليون دولار، منها ثلاثة مليارات و900 مليون دولار للنفقات الجارية، و350 مليون دولار للنفقات التطويرية، وتبلغ الفجوة التمويلية 386 مليون دولار بمعدل شهري 32 مليون دولار، ما سيضطر الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية لتغطية الفجوة التمويلية؛ من خلال خفض النفقات الشهرية بمبالغ تتناسب والفجوة.
وستكون نسبة الزيادة في إجمالي النفقات وصافي الإقراض (المبالغ المقتطعة من الجانب الإسرائيلي) محدودة، حيث من المتوقع أن تبلغ 2.1 في المائة مقارنة بعام 2015، وستبلغ الزيادة في الرواتب والأجور نسبة 3.1 في المائة مقارنة بعام 2015.
ومن ناحية الإيرادات، يبلغ إجمالي الإيرادات المتوقع تحقيقه نحو 11.63 مليار شيكل، أي زيادة بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بأداء 2015، ومن المتوقع أن يصل صافي الإيرادات إلى 11.2 مليار شيكل، بزيادة نسبتها 4.3 في المائة، وهذه النسب القليلة تدل على توقعات متحفظة مقارنة بنسب النمو، ما يعكس التصور في تباطؤ الحركة التجارية نتيجة الأوضاع الميدانية الحالية.
وأشار وزير المالية إلى أن تبعات وانعكاسات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة على الأداء الاقتصادي استمرت على مدار عام 2015، وبسبب هذا لم يتجاوز النمو في الاقتصاد نسبة 1.5 في المائة، الأمر الذي لا يتيح المجال لتخفيض نسب البطالة، التي ازدادت من 26.9 في المائة عام 2014 إلى 27.4 في المائة عام 2015 (42.7 في المائة في غزة، و18.7 في المائة في الضفة). كما استمر الدعم الخارجي في الانخفاض، وتم تحويل جزء هام من الدعم التطويري لإعمار غزة، إضافة إلى تأثير قيام إسرائيل في كانون الأول/ديسمبر 2014 بعد العدوان على قطاع غزة بحجز أموال المقاصة التي تشكل نحو 70 في المائة من الإيرادات، وتغطي 53 في المائة من النفقات الجارية الشهرية، وهو ما استمر حتى نيسان/أبريل 2015، ما حرم الخزانة من مبلغ تراكمي تجاوز 2.5 مليار شيكل أي نحو 650 مليون دولار، وأثر على جميع شرائح الاقتصاد وعدم حدوث أي نمو اقتصادي خلال الربع الأول من عام 2015، مضيفًا أنه بالتزامن مع ذلك "كان علينا التعامل مع مخاطر الدعوى المقامة ضدنا في أمريكا بقيمة 1.1 مليار دولار، ولو أننا لم نتمكن من وقف تنفيذ قرار محكمة البداية لكان لذلك تأثير خطير على الاقتصاد".
وأشار الوزير إلى أن المنح الخارجية للموازنة كانت خلال الأعوام 2007 إلى 2012 ما يقرب من 1.2 مليار دولار تغطي 80 في المائة من العجز الجاري، وانخفضت في الفترة بين 2013-2014 إلى 1 مليار، وفي عام 2015 تقلصت إلى ما لا يزيد عن 700 مليون دولار، أي أصبحت تغطي 60 في المائة من العجز المالي.
وأكد أن عدم الوضوح بالتطورات المتوقعة "يلزمنا تبني سياسة تقشفية على جميع المحاور، والحفاظ على سياسة الحد من التعيينات لترشيد التضخم الوظيفي، وفي الوقت نفسه زيادة الدفعة الشهرية لهيئة التقاعد من 10 إلى 20 مليون شيكل شهريًا للحفاظ على استمرارية صرف المخصصات التقاعدية، والاستمرار في دعم الوقود والبترول والديزل بحد لا يتجاوز 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي أو 5 في المائة من العجز التشغيلي أيهما أقل، واعتماد مبدأ عدم تراكم أي متأخرات جديدة للقطاع الخاص، وترشيد آليات صرف الإعانات الاجتماعية والمراجعة الدورية لها، وترشيد تكلفة عقود التشغيل، واستكمال ترشيد وتصويب صافي الإقراض خاصة في قطاع الكهرباء، وترشيد التحويلات الطبية الداخلية كما تم إنجازه في التحويلات إلى إسرائيل والخارج، وتحسين الجباية والتحصيل وزيادة الوعي الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية، وتكثيف الاتصال مع الدول المانحة لزيادة الدعم، والإصرار على وضع آلية موازنة طوارئ أو الحصول على قروض لمواجهة الطوارئ، وبذل كل ما يمكن من جهود لتأمين استقرار ودقة تسديد الرواتب، والإسراع في تنفيذ الإصلاحات الداخلية، ومعالجة كافة الملفات التجارية العالقة مع الجانب الإسرائيلي.
أرسل تعليقك