سادت حالات من الصخب الشديد والإرباك المفاجئ مدينة رام الله، بعد نشر صحيفة لبنانية مقال تحت عنوان "الاحتفالات الليلية في رام الله".
وذكرت صحيفة "سفير" أسماء مطاعم وحانات ليلية تبيع الكحول ضمن سهرات ليلية راقصة مختلطة تتحول خلالها من مطاعم بريئة في وضح النهار لملاهي فاضحة في ظلام الليل، سهر ورقص وضجيج موسيقى عالية مع ما يرافقه من سُكر وما ينتج عن ذلك من تصرفات لاأخلاقية مشينة في مجتمع محافظ كالمجتمع الفلسطيني.
وباتت رام الله أكثر غرابة وجرأة عما كانت عليه في السابق لنرى شبابًا من مختلف الأعمار يدخلونها بكامل إرادتهم ويخرجونها سُكارى لا يدركون ما يقترفون من تصرفات وممارسات بعضها قد يكون غير أخلاقي.
ويعكس صورة سلبية مغايرة عن المجتمع الفلسطيني الذي لا يقبل ولا بأي شكل من الأشكال مثل هذه السلوكيات غير الواعية البعيدة كل البعد عن عادات وتقاليد وثقافة المجتمع الفلسطيني.
ويجب التعامل بدقة مع هذا الموضوع دون ربط تناول المشروبات الكحولية بديانة دون أخرى، حيث بات من الواضح أن رواد هذه الحانات غالبيتهم من المسلمين رغم ترخيصها لمن يتبعون الديانة المسيحية، وهذا فقط ليس إلا من باب التنويه.
وأوضح س.ع أحد رواد مطعم " فويجو" الواقع في رام الله " التحتا" أنّه مطعم يقيم بشكل متكرر حفلات راقصة وسهرات مطولة كنوع من كسر الروتين والملل الذي يعم مطاعم رام الله، وكوسيلة لاستقطاب عدد من الزبائن الذين تعجبهم هذه الأجواء ويحبون التسلية والترفيه، كما يقدم مشروبات كحولية فهي حرية شخصية".
وأضاف "فمثلًا تخصص إدارة المطعم يوم الثلاثاء لسهرة خاصة للرقص تدعى" يوم السالسا"، يقومون مساءًا بتفريغ ساحة المطعم وتدريب كل المتواجدين على رقصة الحفل وبعد ساعة تبدأ السهرة وتعلو أصوات الموسيقى بين ضحك ومزح وغير ذلك.
وعلت أصوات تتحدث عن حانة "بيت أنيسة" الليلية الواقعة في عين منجد، تنظم حفلات راقصة عدا عن شرب الكحول والسهرات الصباحية.
وشهدت منطقة عين منجد خلال فترة وجيزة اقتحامًا من قبل الشرطة والأجهزة الأمنية للملهى مغلقة إياه دون علم أحد بما جرى في الداخل.
وعادت الامور فيما بعد على حالها وكأنّ شيئًا لم يكن، وهذا يضعنا في حيرة من أمرنا فماذا جرى ولماذا أغلق الملهى؟
وسبق وتقدم أهالي مدينة رام الله بشكوى لمحافظي رام الله والبيرة الدكتورة ليلى غنام ، عبّروا خلالها عن تذمرهم من وجود هذه النوادي الليلية التي لا تمت بصلة في المجتمع الفلسطيني وبعاداته وتقاليده وثقافته المحافظة، إذ باتت تشكل هذه الأماكن مصدر إزعاج وقلق للمواطنين .
وأهابت بلدية رام الله عبر أثير الإذاعات اليومية بعدم بيع المشروبات الكحولية في المحال التجارية لمن هم دون السن القانونية، لكن لا يكاد يخلو محل تجاري من الكحول.
وفي حديث بهذا الخصوص مع م.ك أحد ساكني مدينة رام الله، ذكر " تكمن المشكلة حينما يتحول المحل من مجرد مرقص عادي لملهى ليلي، وهذا بالطبع مخالف للشرع والدين وللعادات والتقاليد، وهو أمرٌ مرفوض.
وتابع "بالرغم من كل التحريم الموجود إلا أنّ فئات كبيرة من الشباب يتوجهون لمثل هذه الأماكن وهذا يعيدنا لمقولة شهيرة "كل ممنوع مرغوب"، فمنهم من يجد في هذه النوادي وسيلة لتفريغ الكبت والضغط النفسي حتى لو كانت هي الطريقة الأسوء للتفريغ لكن هذه حقيقة وواقع ملموس.
فحرمان الشباب في فترات سابقة من محادثة فتيات على اعتبار أنّ ذلك يصنف ضمن الممنوعات أو المحرمات فوجدوا في هذه الحانات طريقة ليخرجوا من بوتقة التربية المبنية على أساس العادات والتقاليد .ولكن كل هذه ليست بمبررات لأفعالهم، فهناك طرق أخرى إيجابية للتفريغ .
وعلق المواطن الرملي، قائلًا "ما فائدة تسكير الملاهي الليلية وإذا مرت بنت على المنارة بتسمع ألف كلمة"، مشددًا على فكرة معالجة المشكلة من جذورها بتنشئة جيل جديد على مبادئ الأخلاق واتخاذ قرارت ومواقف معادية بكل إرادة وعزم، لكل ما هو مخالف لثقافة المجتمع المهددة بالزعزعة . فالحل لا يكون بمنع الحكومة للمشروبات الكحولية.
وعبرت إحدى الفتيات اللاتي يزرنّ هذه الأماكن، عن رأيها قائلة "تبقى حرية احتساء المشروبات الكحولية حرية شخصية يتحملها الشخص نفسه، فلا يجب تهويل الموضوع لدرجة المبالغة".
وعن دور البلدية في منع المشربات الكحولية، أكدت قائلة" لطالما اهتمت بلدية رام الله بحملات ليلية تمنع تقديم المشروبات الكحولية للشباب دون السن القانونية، واهتمت بتسكير هذه المطاعم قرابة الساعة ١٢ ليلًا، لكن إلى أي مدى هذا مطبقًا اليوم لا أعلم ذلك؟"
وتتفاقم الأمور في ظل عدم اتخاذ الحكومة إجراءات صارمة في هذا الخصوص، ومع أنّ الحل لا يكمن في منع الحكومة لشرب المشروبات الكحولية لكن تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في نشر الوعي المجتمعي بين فئات المجتمع كافة وخاصة فئة الشباب.
كما يقع على عاتقها ملاحقة كل تلك الملاهي الليلية التي تخرج شبابًا جاهلًا مخمورًا في الوقت الذي نحتاج فيه لجيل واعٍ مثقف خلوق همه الأول والأخير النهوض بالمجتمع الفلسطيني والحفاظ على سمعته وأخلاقه دون المساس به.
ومع كل هذا وذاك، ورغم كل الاهتمام الذي حظي به هذا الموضوع بالتحديد في هذا الوقت لا تزال فكرة الملاهي أو النوادي الليلية والسُكر غير مقبولة بشكل علني في ظل مجتمع محافظ غير منفتح لدرجة تقبل هذه الأفكار الدخيلة عليه.
أرسل تعليقك