الألواح الشمسية تحت الاشعة الحارقة لشمس سردينيا

تلمع آلاف الألواح الشمسية تحت الاشعة الحارقة لشمس سردينيا، ما يشهد على التزام هذه الجزيرة الإيطالية في قطاع يثير مطامع الناشطين في مجال الجريمة المنظمة.

وفي سائر انحاء ايطاليا، تعتمد مدن وبلدات كثيرة على مصادر الطاقة الكهرمائية والحرارية الارضية وتوربينات الرياح والألواح الشمسية بفضل المساعدات السخية المقدمة من السلطات الايطالية، ما يمثل جاذبا حقيقيا للمافيا ورجال الاعمال الضالعين في قضايا فساد.

سردينيا المعروفة بسهولها الخصبة ومياهها الزمردية والرازحة تحت وطأة الفقر والبطالة، تسعى الى اغتنام الفرصة واعادة اطلاق اقتصادها المحلي بفضل الطاقة المتجددة عبر الاستفادة من اشعة الشمس والمعارف المحلية المكتسبة في مجالات الطاقة بفضل مناجم الفحم المنتشرة في الجزيرة.

وفي شمال غرب الجزيرة، تزود الحقول الارجوانية والصفراء للنباتات الشوكية ودوار الشمس بطاقة الكتلة الحيوية في حين تضم التلال في الوسط توربينات الرياح، ما يجعل سردينيا ثاني اكبر منطقة منتجة لهذا النوع من الطاقة في ايطاليا.

ومع نسبة بطالة تتجاوز 70 %، راهنت الجزيرة على المساعدات الحكومية ليس فقط لضخ بعض الحياة الى الشركات العائلية الصغيرة لكن ايضا لجذب استثمارات كبرى الشركات الايطالية والدولية وايجاد فرص عمل جديدة.

الا ان هذه السياسة تصطدم بمشكلة كبرى: فعلى الرغم من ان المساعدات يتم دفعها بفضل اموال المكلفين الايطاليين، لا تحصل سردينيا عمليا على اي عائدات من الارباح التي تحققها الشركات الواردة من الخارج وبعضها تواجه اتهامات بطلب اموال عن طريق التزوير بحسب جمعيات محلية.

وحذر المدعي العام في سردينيا ماورو مورا من تسلل الناشطين في المافيا الى هذا القطاع مشيرا الى التحقيقات الجارية في شأن شركات يشتبه في استغلالها المساعدات الرسمية المخصصة حصرا للمزارعين من دون اي انتاج زراعي.

كذلك حذرت هيئة الشرطة الاوروبية (يوروبول) سنة 2013 من "الحجم المتزايد لاستثمارات المافيا في مجالات الطاقة المتجددة".

ويؤكد بييترو بورتسيدا البالغ 63 عاما العضو في جمعية معنية بالحفاظ على اراضي سردينيا أن "المساعدات كانت مخصصة للمزارعين الحقيقيين، كان ذلك دعما من جانب الدولة. كان يفترض بهؤلاء أن يقيموا بعض الالواح على اراضيهم من اجل استخدامهم الشخصي ولبيع الفائض".

وفي ضاحية ناربوليا القريبة من السواحل الغربية، قامت شركة على اكثر الاراضي خصوبة في المنطقة ووضعت 107 الاف لوح شمسي على حوالى 1600 بيت زجاجي وعد المزارعون بانتاج نبات الصبر داخلها.

لكن من نباتات الصبر هذه لا يوجد حقيقة الا اعشاب ضارة كما أن المؤسسة الصينية المشغلة للشركة تجني ارباحا من بيع انتاجها للطاقة الشمسية، الى الشركة الايطالية العملاقة في انتاج الكهرباء (اينيل) بحسب بورتسيدا.

ويقول بورتسيدا "الاموال تهرب من البلاد بدل اعادة استثمارها هنا. تلقينا وعودا باستحداث 60 وظيفة ونجد انفسنا امام اربع وظائف فقط".

لكنه عاتب على السلطات المحلية التي تبقى متفرجة امام هذا الوضع، اكثر منها على الشركات الاجنبية.
ويحتل انتاج الطاقة المراعية للبيئة موقعا مميزا في ايطاليا خصوصا على صعيد الطاقة الشمسية اذ ان 7,5 % من استهلاك الكهرباء على المستوى الوطني مصدره هذا القطاع، وهي نسبة تضع هذا البلد في موقع الصدارة بين البلدان الغربية الكبرى.

إلا ان الحكومة الايطالية ارغمت على تقليص نسبة الدعم في السنة الماضية في مواجهة استياء الأسر الايطالية التي تجد نفسها مضطرة لدفع 94 يورو اضافية سنويا في فاتورتها للكهرباء لدعم مصادر الطاقة المتجددة.

وتقر روزيتا فاناري البالغة 47 عاما والمنتجة لجبنة ريكوتا التقليدية بفضل مولد متطور عامل على الطاقة الشمسية بأن "المساعدات الحكومية الاولى كانت مرتفعة جدا".

وتقول "علينا فعل المزيد للتأكد من بقاء الثروات في ارضنا خدمة للبيئة ولسكان سردينيا".

وقد نجح البعض في ذلك على رغم الصعوبات.

وانتخبت الاخصائية في علوم الاحياء مانويلا بينتوس هذا العام رئيسة لبلدية منطقة اربوريا مع برنامج انتخابي يشمل وقف استغلال حقول الغاز في محمية لطيور البجع.

وتقول بينتوس لوكالة فرانس برس "انصارنا تلقوا تهديدات من اولئك الذين كانوا يريدون الاستمرار في ايجاد حفر وكانوا يقولون "سندمر كل ما لديكم اذا ما صوتتم لصالح مانويلا".

إلا أنها تشدد على أن "هذا الامر لم يعطل عملنا. لدينا دعم من امهات وأجداد وسنواصل نضالنا لحماية اراضينا خدمة للاجيال المقبلة".