القاهرة - فلسطين اليوم
عزيزتي الأم .. إحرصي دائمًا على إكساب أطفالك المبادئ الحميدة وتزويدهم بالقيم , ولكن يحدث في بعض الأحيان أن تقع الأم في العديد من الأخطاء دون قصد منها, وربما لا تنتبه الي حجم هذا الخطأ وأثره. ومن أشهر تلك الأخطاء هو ممارسة ما يعرف بالكذب الأبيض مع الأطفال.. ولا تتحرج الكثير من الأمهات عندما يعترفن بذلك، بل ويرين أنه أمر طبيعي ويعرفنه بأنه ذلك الكذب الذي لا يضر أحدًا، وهو تعريف مضلل كما يوضح أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية النوعية بجامعة عين شمس، د. سيد صبحي إلى أن جميع أنواع الكذب مرفوضة، بل وتلحق الضرر بالشخص نفسه وبالآخرين.
وفي الحقيقة هناك شريحة كبيرة جدًا من الأمهات والآباء الذين يستخدمون هذا النوع من الكذب مع أطفالهم كل يوم. وتلجأ الأم لما يطلق عليه الكذب الأبيض في حالتين: الأولي عندما تريد ترغيب الطفل في شيء معين فتضطر الي هذا الكذب لكي تسترضيه فعلي سبيل المثال عندما تقول له: إذا أكلت هذه الوجبة كاملة سوف اصطحبك غدًا الي الملاهي.. وفي نفس الوقت هي تعلم جيدًا استحالة الذهاب الي الملاهي في اليوم التالي، وهي هنا تنظر الي تحقيق الهدف فقط، وهو أن تناول الطفل طعامه ولا تلقي بالاً مطلقًا الي عواقب أخري. أما الحالة الثانية التي تلجأ فيها الي الكذب عندما تهدد الطفل وتقدم له الوعيد المزيف اذا لم يكف عن القيام بهذا الأمر
أوالعادة السيئة فمثلاً عندما تقول الأم:' إذا لم تتوقف عن شد شعر أختك سوف أحرمك من المصروف لمدة شهركامل.. هي هنا تعلم أنها لن تستطيع حرمانه من مصروفه لمدة شهر بأكمله، إذن هي تكذب عليه، وللمرة الثانية فإن غرضها هو أن يتوقف الطفل في الحال عن هذا الخطأ، ولكن من وجهة نظرها لا يهم الطريقة التي استخدمنها لتهذيبه. ويشير أستاذ الصحة النفسية إلى أنه من الأفضل أن تكوني أمينة مع طفلك حتي تزرعي هذه الصفة بداخله
وذلك عن طريق الشرح والتوضيح فمثلاً إذا كان هدفك أن يتناول الطفل دواءه فلا داعي للكذب هنا, ولكن وضحي له فوائد تناول الدواء كي يتمتع بصحة جيدة ويتخلص من آلام المرض، وتأكدي أنه سوف يقتنع وسوف يكون لذلك أثره الطيب علي المدي البعيد لأنه في المرات القادمة سيحرص علي الامتثال لما تقولين. أما عن الوعيد فلا مجال للكذب ايضًا، ولكن استخدمي معه اسلوب الشرح والتوضيح الذي تحدثنا عنه، وإذا لم يردعه ذلك ليكن عقابك مخففًا وواقعيًا، كأن تحرميه من سرد قصة قبل النوم التي يحبها
او أن يحرم من مشاهدة البرنامج الذي يفضله ويحرص علي مطالعته. والخلاصة هنا يمكنك استخدام الثواب والعقاب مع الطفل بشكل واقعي بعيد عن التهويل وبهذه الطريقة لن تضطري إلي اتخاذ الكذب كوسيلة أبيض كان أم اسود. مؤكدًا أن عادة الكذب' الأبيض' تدعم لدي طفلك شعوره بضرورة الحصول علي مقابل فوري في حالة انصياعه لأوامر معينة, وهذا يخلق منه شخصية نفعية لا يقدم أي خدمة, ونحن نعلم أن هناك بعض المشاعر التي لا تحتاج الي مقابل, مثل الإحسان الي الوالدين وعمل الخير فاحرصي دائمًا علي تزويده بالقيم الصحيحة.