هل عسر القراءة والكتابة يُعيق دراسة الأطفال

يعاني بعض الأطفال من عسر القراءة، مما يحول دون تفوقهم دراسيا، وهو ما يدفع بعض الآباء إلى الاعتقاد بأن أطفالهم لا يبالون بالتحصيل الدراسي. الاختصاصية في تقويم النطق والكلام سماح عفة، تعرف الآباء بماهية هذه الحالة التي تدعى طبيا ” الديسلكسيا”، كما توضح أعراض هذا المرض، وطريقة تشخيصه، ودور الأسرة والمحيط في مساعدة الطفل على تجاوزه. « غالبا ما يصف العلماء هذا المرض ب”الإعاقة الخفية”، وتعود تسمية ‘الديسيلكسيا’ إلى أصول يونانية، وهي تعني عسر القراءة. تنجم هذه الحالة عن خلل في تركيب الدماغ ووظائفه، وتكتسي طابع الاستمراية وتحول دون تمكن الطفل من اكتساب مهارات تعلم القراءة والكتابة والتعبير الشفهي ، بالرغم من عدم تسجيل أي قصور عقلي أو اضطرابات عصبية أو مشاكل نفسية وأسرية عليه« تقول الإختصاصية سماح عفة، خلال تعريفها للمرض. إخفاق دراسي يقع الكثير من الآباء في حيرة من أمرهم أمام أعراض هذا المرض الذي تصنفه بعض القوانين كإعاقة، وهو ما يستوجب تحلي الآباء ببعض الوعي للتمييز بين عزوف الطفل عن التعلم، ووقوعه ضحية لهذا المرض، وعادة ما يعاني الطفل من الأعراض التالية: - صعوبة في التهجي، مما يتوهم معه البعض وجود مشكل في النظر يحول دون تبين الطفل للكلمات المكتوبة أمامه. - صعوبة في كتابة الحروف، والكلمات، رغم تكرارها مرات عديدة - مشاكل في الذاكرة يعجز معها الطفل عن تذكر رسم الحرف ونطقه - العجز عن تنظيم الزمان والمكان - تدني المهارات الحركية - صعوبة في استيعاب العمليات الحسابية - غياب الانتباه - العجز عن التنظيم تظافر هذه الأعراض يؤثر بطريقة مباشرة على مردودية الطفل داخل المدرسة، وهو ما يتسبب له في الرسوب، أو عجزه في مراكمة المعلومات، مما يجعله مضطرا للتعلم من جديد لعدم قدرته على ضبط معلوماته السابقة، وهناك حالات تنتهي بنفور الطفل من المدرسة، في ظل غياب وعي تام بهذا المرض، مما يعرض الطفل إلى السخرية، أو الانتقاد اللاذع داخل المدرسة وخارجها، حيث يوصف الطفل بالكسول، والغبي، والبليد وغيرها من الأوصاف القدحية التي تزيد من تأزيم الوضع، في ظل غياب تشخيص مناسب لحالته. عسر القراءة لا يطعن في ذكاء الطفل رغم النظرة السلبية التي ينظر بها المحيط لمريض ” الدسلكسيا “، إلا أن الاختصاصية سماح عفة ترى أن المرض ليس مؤشرا لانخفاض مستوى ذكاء الطفل، لأن الطفل المتعثر في القراءة يمكنه أن يبرع في العديد من المجالات، مثل الرسم، والرياضيات، وغيرها من العلوم التي يمكنها أن تكون مدخلا لتشجيع الطفل على تجاوز النظرة السلبية المحيطة به، لإحساسه بالتفوق في مجال مقابل إخفاقه في مجال آخر. لمساعدة الطفل على تجاوز هذا المشكل، يتطلب الأمر تضافر الجهود بين البيت والمدرسة، لكن هذه الخطوة لا تتأتى إلا من خلال التوعية بهذا المرض بين صفوف الآباء والمدارس، مما يوفر للطفل بيئة آمنة تساعده على تخطي “إعاقته”، ومن الخطوات التي تساهم في علاج الطفل، نجد ما يلي: - الابتعاد عن الأوصاف القدحية التي من شأنها تنفير الطفل من المدرسة - تكثيف عمليات التواصل بين الآباء والمدرسة، لرصد أهم المشاكل التي يعانيها الطفل - التعاون مع متخصصين في تقويم النطق والكلام المؤهلين لتشخيص حالات الأطفال، وتقييم كل حالة على حدة للتأكيد هل هي بالفعل حالة إصابة بهذا المرض، أم مجرد حالة فشل دراسي ليس إلا. - توفير مواكبة بيدغوجية داخل المدرسة - توفير عناية خاصة خلال الامتحانات - ابتكار وسائل للحفظ، والمراجعة والتذكر - بث الثقة في نفس الطفل داخل البيت، مع مساعدته على تطوير مهاراته في بعض الهوايات التي يجيدها، لأن جو الثقة يوفر الظروف المثالية لعلاج الطفل، ومساعدته على تجاوز هذه المشكلة.