حومة الأحتلال الصهيوني

أعلن عدد مِن كبار جنرالات إسرائيل السابقين، في تصعيد غير مسبوق في حركات الاحتجاج الإسرائيلية، أنهم سينضمون إلى مظاهرة الاحتجاج الكبرى ضد "قانون القومية اليهودية" الذي تم إقراره قبل أسبوعين في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ويمنح العرق اليهودي تفوقا على أي عرق آخر، كما انضم قادة البدو، الذين يخدم ربع شبابهم في الجيش الإسرائيلي، إلى حملة الاحتجاج.

وقدّمت كتلة "القائمة المشتركة" في الكنيست، في الوقت ذاته، شكوى رسمية إلى اتحاد البرلمانيين الدولي في جنيف ضد الحكومة الإسرائيلية وضد الكنيست، لإدانتهما ومعاقبتهما على تشريع قانون "يهدف إلى تكريس التمييز والعنصرية ضد المواطنين العرب ويتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني".
تأتي هذه النشاطات في إطار تصاعد حملة الاحتجاج ضد القانون، وبخاصة بعد أن قطع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الطريق على أي إمكانية لتعديل القانون وتضمينه بنودا تتحدث عن الديمقراطية والمساواة، قائلا: "سنجد حلولا للمشكلات، لكن لا مجال لإحداث أي تغيير في القانون". ويثير موقف نتنياهو قلقا بشكل خاص لدى قيادة الجيش الإسرائيلي، التي بدأت تلمس تململا جديا في صفوف الجنود والضباط من أبناء الطائفتين العربيتين، الدروز والبدو، فقررت عقد سلسلة من اللقاءات والمحادثات مع مجندين من الطائفتين للجم موجة التمرد، وسط مخاوف من توسعها.

وأشارت مصادر عسكرية إلى أن اللقاءات ستُعقد بهدف فهم المزاج العام الناتج عن "أزمة قانون القومية"، وفي هذا الإطار، التقى رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية الشيخ موفق طريف، مؤكدا تضامنه مع الطائفة، وداعيا إلى منع تدهور العلاقات بين الجيش والطائفة، ومطالبا بإبقاء الجيش خارج اللعبة السياسية.

ودعا آيزنكوت ضباط الجيش إلى "إبقاء الموضوعات السياسية المختلف حولها خارج جدران الجيش"، وقال طريف في نهاية اللقاء: "أوافق تماما على أقوال رئيس أركان الجيش وأطلب إبقاء كل الموضوعات السياسية والعامة المختلَف حولها، ومن ضمنها (قانون القومية)، خارج جدران الجيش".

وتوجّه إلى الضباط والجنود الدروز في الخدمة النظامية، قائلا: "اعتمدوا علينا، نحن نناضل من أجلكم. لا يوجد لدينا أي نقاش مع الجيش. أنتم جنود وضباط مخلصون، وأنا أعتمد عليكم بأن تُبقوا أنفسكم والجيش الإسرائيلي خارج دائرة النقاش العام"، لكن هذه الدعوات لم تلقَ آذانا مصغية، إذ أعلن ثلاثة ضباط دروز حتى الآن، يخدمون في وحدات قتالية، عن استقالتهم من الجيش وترك صفوفه احتجاجا، وخرج الضابط عمير جمّال، الذي عوقب بسبب استقالته وكتابته منشورا ضد "قانون القومية" في موقع التواصل "فيسبوك"، بمطالبة شيوخ الطائفة بدعوة الشباب لرفض الخدمة العسكرية في صفوف الجيش الإسرائيلي.

ومن علامات اتساع رقعة الاحتجاج ضد "قانون القومية"، انضمام مجموعة كبيرة من الجنرالات المتقاعدين، في الجيش والمخابرات والشرطة، إلى الحملة، وأعلن عدد كبير منهم عن الانضمام إلى المظاهرة الكبرى التي ستقام في تل أبيب مساء السبت المقبل، وبينهم غابي آشكنازي، رئيس الأركان الأسبق الذي شغل أيضا منصب المدير العام لوزارة الدفاع، ورئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق وقائد سلاح البحرية في الجيش عامي أيلون، ورئيس المخابرات الخارجية الأسبق (الموساد) باردو، ورؤساء جهاز الشرطة السابقون موشيه كرادي ويعقوب تيرنر وإسحاق دنينو وأساف حيفتس وديدي كوهن وغيرهم، ويؤكد المراقبون أن مثل هؤلاء المسؤولين لم يشاركوا في مظاهرات في السابق.

وعلى الصعيد البرلماني، رفع رئيس لجنة العلاقات الدولية في "القائمة المشتركة"، النائب د.يوسف جبارين، شكوى إلى اتحاد البرلمانيين الدولي، شرح فيها "الأبعاد الخطيرة التي يحملها قانون القومية والمسّ الصارخ بمبادئ ديمقراطية، وذلك كتشريع تمييزي عنصري من قبل البرلمان، يمس بمعايير أساسية في القانون الدولي ويتيح لممارسة الأبرتهايد".

وتطرقت الشكوى إلى "الاستثناء العنصري الواضح للمواطنين في الدولة والتعامل معهم كأنهم غرباء في وطنهم، بالإضافة إلى المسّ الصارخ باللغة العربية وبمكانتها، وهي لغة أهل البلاد الأصليين".

وأوضح جبارين أنه كان توجه في الأشهر الأخيرة إلى الاتحاد الدولي بشأن التقييدات الإسرائيلية تجاه حرية العمل السياسي للنواب العرب وللأحزاب السياسية، وتطرقه إلى تشريع قانون طرد النواب العرب الذي صادقت المحكمة العليا عليه، مؤخرا، وإلى منع النواب العرب من السفر إلى الخارج بتمويل منظمات تدعو لمقاطعة إسرائيل بسبب نشاطها الاستيطاني والاحتلالي، وكذلك منع النواب العرب من زيارة الأسرى الفلسطينيين ومن دخول الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى، بالإضافة إلى شطب مقترح قانون "دولة كل مواطنيها" ومنع تداوله بالكنيست. وأكّد جبارين أن "التشريعات العنصرية والاحتلالية في الكنيست الحالية، مثل قانون شرعنة الاستيطان وقانون طرد النواب وقانون القومية، تتناقض بشكل صارخ مع أسس القانون الدولي ومع الشرعية الدولية، وبخاصة بكل ما يتعلق بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في دولته المستقلة على أساس حل الدولتين، وكذلك حق المجتمع العربي الأصلي بالدولة في المساواة التامة والكاملة مدنيا وقوميا، وفي الحماية المتساوية أمام القانون ومؤسسات الدولة، كما تتناقض هذه القوانين العنصرية مع التزامات وتعهدات إسرائيل الدولية، إذ إن إسرائيل هي طرف في المعاهدات الدولية الأساسية بشأن حقوق الإنسان والمعاهدة الدولية حول منع التمييز العنصري، بالإضافة إلى معاهدة اتحاد البرلمانيين الدولي".

ورغم حملة الاحتجاج فإن استطلاعات الرأي تبين أن غالبية الجمهور الإسرائيلي تؤيد قانون القومية العنصري (58% مقابل 34% معارضة). وفي صفوف مصوتي اليمين، ترتفع نسبة التأييد إلى 85% (مقابل 49% في الوسط الليبرالي و19% في اليسار)، وفي حزبي اليمين الحاكم الأساسيين تصل النسبة إلى 92% في "الليكود" و97% في "البيت اليهودي".