الرئيس الأميركي دونالد ترامب و الرئيس الصين


أثارت القمة التاريخية بين الكوريتيين العديد من ردود الفعل العالمية، إذ رأتها الصين بمثابة فرصة لخروج كوريا الشمالية من العزلة وانخراطها دوليًا، أما اليابان فمتشككة من المحادثات وتخشى على وضعها في القارة الآسيوية، ولكن كان هناك اتجاهًا آخر لبعض الأشخاص، وهم المعتقلين الكوريين الشماليين الذين تمكنوا من الهروب من كوريا الشمالية، وذهبوا إلى أماكن عدة في العالم.

معتقل سابق يروي معاناته

وحُبس يونغ غوانع آيل، لمدة 10 أشهر في سجون كوريا الشمالية حتى اعترف بأنه جاسوس، ومن ثم أُجبر على العمل الشاق في معسكر اعتقال "يودوك" ذو السمعة السيئة في البلاد لمدة 3 أعوام أخرى، وقال "في تلك الأشهر العشرة الأولى، انخفض وزني من 75 كيلو غرامًا إلى 36 كيلو غرامًا، وفي المعسكر رقم 15 كنت أعمل من 4 صباحًا إلى 8 مساءًا يوميًا، كنت أقطع الأشجار أو أزرع الذرة، كانوا يعطونا يوميًا 3 كتل من الذرة الممزوجة بالفول لتنقيتها، وكنت أنام على أرض الزنازين الصغيرة وسط 40 سجينًا آخرين".

وتمكن يونغ من الهرب في عام 2004، وأعرب هو وغيره من الكوريين الشماليين عن حزنهم من وضع بلادهم في مجال حقوق الإنسان، والذي تم تجاهله في القمة التاريخية بين الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون وبين نظيره الجنوبي مون غاي.

كيم يتخلى عن صورة الرجل القوي

وكانت القمة بين الزعيمين عرضًا واضحًا للأخوة، حيث تخلى كيم عن صورة الرجل القوي ليتعهد بالعمل مع مون، بنزع السلاح النووي ونشر السلام في شبه الجزيرة المقسمة، وفي ظل هذه المشاهد، كان من السهل نسيان القسوة والقمع وعمليات الإعدام والاعتقال التعسفي والاغتصاب المتهم بهم نظام كيم.

ولم يتمكن يونغ من نسيان هذه الحقيقة، ولذلك التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وطلب منه شخصيًا، الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في قمته المرتقبة مع كيم، في مايو/ آيار أو يونيو/ حزيران المقبل، حيث يمثل رابطة "الضحايا السياسيين الكوريين الشماليين وعائلاتهم"، والتقى ترامب في فبراير/ شباط الماضي، ومن المقرر أن يلتقي به في مايو/ آيار، وسيعطي الرئيس أسماء عشرة سجناء كوريين شماليين، لحثه كيم على الإفراج عنهم.

وتقدر جماعات حقوق الإنسان وجود نحو 130 ألف سجين في المعسكرات العقابية التي تشبه معسكرات الاعتقال في كوريا الشمالية.

اتُهم بالتعاون مع كوريا الجنوية أثناء وجوده في الصين

وبدأت حكاية يونغ المروعة في عام 2000، حين اُتهم بالتعامل مع كوريا الجنوبية أثناء عمله في الصين، وتم اعتقاله عند عودته إلى منزله، واعتُقل دون محاكمة، وتعرض للتعذيب يوميًا بالصعق بالكهرباء، ووضع في "وضع الحمام" حيث تكون اليدين وأرجله مقيدة قبل تعليقه في السقف، وقال "حاولت الصمود من أجل عائلتي، لأنني عرفت أنهم سيعاقبوني إذا اعترفت، ولكن بعد مرور عام تقريبًا، لم يعد بإمكاني التحمل"، وتم نقله على الفور بعد الاعتراف إلى يودوك، وهو معسكر على بعد 65 ميلًا إلى الشمال من بيونغ يانغ.

ولقى آخرون حتفهم بفعل الأعمال الشاقة، ولكن السيد يونغ صارع كثيرًا ليبقى على قيد الحياة، وقال عن زملائه السجناء "طلبنا من بعضنا البعض ألا نموت، ونؤمن بأننا سنخرج من السجن"،  وبعد ثلاثة أعوام، أُطلق سراحه، وتم إخباره أنه غير مذنب، وفي ذلك الوقت كان منزله قد دمر واختفت عائلته، وقد تم لم شملهم أخيرًا في الصين بعد أن سبح عبر نهر تومين الحدودي للهروب، وحذر يونغ من أنه لا ينبغي الوثوق بكيم، قائلًا "كانت القمة عرضًا سياسيًا، ولم يتغير شيء، لقد تم تهميش حقوق الإنسان بفعل السياسة".

كيم يخدع الجميع بالابتسامات

وبعد عام من التوترات المتصاعدة بشأن برامج بيونغ يانغ النووية والصاروخية، وتم الترحيب بحذر بخطوة كيم المفاجئة نحو نزع السلاح النووي، وحذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة، توماس أوغيا كوينتانا، قبل انعقاد القمة من أن "صفقة نزع السلاح النووي ستظل هشة إذا أوقفت حقوق واحتياجات السكان الكوريين الشماليين".

ووصفت سوكيل بارك، من منظمة"ليبرتي" في كوريا الشمالية، وهي مجموعة تساعد الهاربين،  قرار عدم مناقشة حقوق الإنسان بالفرصة الضائعة، وبعد ضجة استثنائية حول القمة، حث اللاجئون الكوريون الشماليون في سيول العالم على ألا ينسى مآسي شعبهم، حيث قال بايك يوسيب 34 عامًا، وهو من بين أكثر من 1000 كوري شمالي كانوا قد تجمعوا في كنيسة هانزارانغ في سيول للصلاة من أجل معاناة السجناء والأقارب الذين تركوا خلفهم "الابتسامات مزيفة، أشعر بالإحباط لأن كوريا الجنوبية والمجتمع الدولي يسقطان أمامها"، وفي الوقت الراهن، فإن آمالهم في الاهتمام بحقوق الإنسان في كوريا الشمالية تقع على عاتق الرئيس ترامب.

وفي هذا السياق، أوضح مايكل غليندينينغ، مدير مجموعة "Connect" التي تساعد اللاجئين في المملكة المتحدة" إن تجنب الرئيس مون للقضية كان إهانة" للكوريين الشماليين، وأيضًا بالنسبة للكوريين الجنوبيين الذين اختطفتهم كوريا الشمالية"، مضيفًا "آمل أن يفعل الرئيس ترامب ما فشل نظيره الكوري الجنوبي في فعله، وأن يثير مسألة حقوق الإنسان مع كيم يونغ أون".