الرئيس الأميركي دونالد ترامب

قبل ستة أشهر، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وشاهده سبعة أشخاص آخرون في أدارته، على قرار من شأنه أن يمنع ملايين النساء في جميع أنحاء العالم من تقرير ما يمكن وما لا يمكن القيام به حيال أجسادهن. فقد كُشف عن أن ترامب، وقع في صباح أول يوم له في منصبه كرئيس للولايات المتحدة الأميركية وكان يوم الاثنين، شهادة وفاة الآلاف من النساء، تتعلق بمجال منع الحمل، وتنظيم الأسرة، والنمو السكاني غير المستدام، والحقوق الإنجابية.

وينطوي أمر ترامب التنفيذي على أنشطة أخرى تتعلق بمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والسل والملاريا. 

ونادرًا ما كان لرئيس أميركي هذا الأثر المدمر. فسوف تغلق السياسة التي ينتهجها العيادات الصحية في أوغندا وبرامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية في موزامبيق؛ وسيجبر النساء من نيبال إلى ناميبيا على البحث عن عمليات إجهاض قاتلة بطرقٍ غير مشروعة.

تقول أولا مولر، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة "إنجيندر هيلث"، وهي منظمة رائدة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة: "إنه هجوم غير مسبوق على حقوق المرأة - فهو أعمق بكثير من عملية الإجهاض". وأضافت: "يتم طرد الفتيات من المدرسة إذا حملن. وكثيرًا ما يجبرن على الزواج من رجال كبار في السن. وفي كثير من الأحيان يجب أن يعشن في بيوتهن ، حيث عليهم القيام بأعمال غير مدفوعة الأجر. وهو انتهاك لحقوق المرأة. نحن بحاجة إلى أن نرى هذا الأمر قضية جنسانية، وكقضية في السلطة ".

وقال تويدروس ميليس، المدير العام للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة، الذي قد يخسر ما يصل إلى 100 مليون دولار من التمويل، إنَّ الخطوة الأميركية "تسعى إلى تقييد حقوق الملايين من النساء. وهي تطلب منا كمقدمي للخدمات الصحية، أن نوقف تقديم الخدمات القانونية تمامًا في البلدان من خلال أعضائنا - حيث يعتمد أفقر النساء عليها". وأضاف "إنَّ التكلفة البشرية لقانون تقييد الحرية سيكون لها أثر طويل وقاتل".

وعلى غرار العديد من السياسات الأميركية البعيدة المدى، فإنَّ أمر ترامب التنفيذي يكتنفه التعقيد إلى درجة يبدو أنه مصمم تقريبا للتشويش. وقد أعاد الأمر تطبيق سياسة مكسيكو سيتي (سميت بذلك لأنها وقعت لأول مرة في المؤتمر الدولي للسكان في مكسيكو سيتي عام 1984). وبموجب هذه السياسة، يجب على أي منظمة غير حكومية خارج الولايات المتحدة تسعى للحصول على تمويل أميركي لتنظيم الأسرة أن تتعهد بأنَّها لن تنفذ عمليات الإجهاض في أي مكان في العالم، حتى من أموالها الخاصة. ويجب على هذه المنظمات أن تتفق على عدم التحدث إلى النساء بشأن وقف الخدمة، أو الضغط على الحكومات لتحرير سياستها المتعلقة بالإجهاض.

ولم تستخدم المساعدات الأميركية أبدا لتمويل خدمات الإجهاض (وهو أمر محظور بموجب القانون). ولكن ذلك حظر على الحديث عن الإجهاض - وهو تقييد على حرية التعبير الذي لا يسمح به دستور الولايات المتحدة. لهذا السبب، أصبح القانون يُعرف باسم التكميم العالمي. وقد توسع إصدار ترامب من القانون بشكل كبير. ولم تعد المنظمات الدولية المُختصة في تنظيم الأسرة من يجب عليها أن توافق على عدم "أداء الإجهاض أو تشجيعه بنشاط". ويتعين على كل منظمة صحية عالمية تقبل التمويل الأميركي الآن أن توقع على نفس الشرط. وكل من يعمل في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، أو يحصل على لقاحات أو فيتامينات للأطفال، أو يقوم بمكافحة مرض "زيكا" أو الملاريا أنَّ يواجه خيارًا صارخًا وغير مسبوق أو  يفقد كل التمويل من أكبر مانح للمعونة في العالم.

ويعلق حاليا ما يصل إلى 10 مليار دولار (7.7 مليار جنيه استرليني) من التمويل الصحي العالمي. ومن بين أولئك الذين سيفقدون المال إذا رفضوا الاشتراك في هذه القانون المناهض للإجهاض هما منظمتان كبيرتان لتنظيم الأسرة هما "ماري ستوبس إنترناشونال" و "إيبف". ولكن لأول مرة، تستهدف المنظمات غير الحكومية العالمية مثل منظمة إنقاذ الطفولة، "واتيريد"، والتحالف الدولي لفيروس نقص المناعة البشرية  "الإيدز".

لكن ليس هذا كل ما في الأمر. فقد قرر ترامب وقف تمويل صندوق الأمم المتحدة للسكان الذي يقوم بعمل شاق للوصول إلى بعض من أكثر النساء المضطهدات في العالم في مخيمات اللاجئين ومناطق الحرب. وتشمل التخفيضات الكبيرة في الميزانية للمساعدات الخارجية في إطار قرار ترامب  فصل كل سنت  لدعم تنظيم الأسرة في الخارج، وهو حاليا يُقدر بنحو  600 مليون دولار سنويًا.