وحدة البحوث والمعلومات والإتصالات التابعة للحكومة يقع مقرها في وزارة الداخلية في لندن

 دشَّنت الحكومة البريطانية سلسلة من حملات الدعاية السرية بهدف إحداث " تغيير في المواقف والسلوك " وسط المسلمين البريطانيين الشباب، كجزء من برنامج مكافحة التطرف. ففي إشارة إلى تزايد القلق في "وايت هول" Whitehall من الدعاية المقنعة التي يقوم بها تنظيم "داعش" على شبكة الإنترنت ، فقد رصدت وحدة سرية في وزارة الداخلية عدة ملايين من الجنيهات من أجل إطلاق رسائل لمكافحة التطرف.

ومع ذلك، فإن أساليب وحدة البحوث والمعلومات والإتصالات ( Ricu )، والتي غالباً ما تخفي دور الحكومة، سوف تثير غضب بعض المسلمين، وربما تقوض الثقة في برنامج مكافحة التطرف الذي يواجه بالفعل إنتقادات واسعة النطاق. ففي واحدة من مبادرات وحدة ( Ricu )، والتي تعلن عن نفسها بأنها حملة تقديم المشورة بشأن كيفية جمع الأموال للاجئين السوريين، فقد قامت باجراء محادثات وجهاً لوجه مع الآلاف من طلاب الجامعة المستجدين دون علمهم بأنهم يشاركون في برنامج للحكومة. كما جابت الحملة التي حملت إسم " المساعدة لسورية أو " Help for Syria "  760,000  منزلاً للمواطنين من دون ملاحظة وجود إتصالات للحكومة.

ويعهد الكثير من العمل الخاص في وحدة البحوث والمعلومات والإتصالات ( Ricu ) إلى شركة إتصالات لندن London، وهي شبكة الإعلام المتقدمة التي أنشأت عشرات المواقع على الانترنت، وأصدرت النشرات المطبوعة ، وأشرطة الفيديو، وأنتجت الأفلام، فضلاً عن إنشاء صفحات على مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك وتويتر، وتغذية محتوى الإذاعة على الإنترنت بعناوين مثل حقيقة تنظيم "داعش" ومساعدة سورية.

كما تنظم شركة إتصالات لندن London أيضـاً الفعاليات في المدارس و الجامعات، وتعمل بشكل وثيق مع عدد من المنظمات التي يعود جذورها إلى المسلمين من أجل نشر رسائل وقيام حملات لمكافحة التطرف، وهو ما طورته الشركة كجزء من عقدها مع وحدة البحوث والمعلومات والإتصالات ( Ricu ). وقالت الهيئات الاجتماعية  إن علاقتها مع وحدة ( Ricu ) تساعدهم في إيصال رسائلهم الخاصة إلى قاعدة جماهيرية أكبر، وأنها تحتفظ بالسيطرة التحريرية على الإتصالات بخصوص مكافحة التطرف. إلا أنه وفي واحدة من الوثائق التي إطلعت عليها صحيفة "الغارديان"، تشير شركة إتصالات لندن إلى إحتفاظ وحدة البحوث والمعلومات والإتصالات بالتصديق الأخير علي المشروع.

وأوضح موظف سابق في شركة لندن بأن حملات الإتصالات كانت تسير وفقاً للأهداف التي وضعتها وحدة ( Ricu )، بينما تشرف الحكومة على ما يتم إنتاجه وتقوم بالتوقيع النهائي. وتستهدف رسائل حملة مكافحة التطرف الدعائية هؤلاء المسلمين من البريطانيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 39 عاما ومنعهم من أن يصبحوا مفجرين إنتحاريين.

وذكرت لجنة الأمن والإستخبارات لويستمنستر Westminster، بأن وحدة البحوث والمعلومات والإتصالات ( Ricu ) التي تقوم بالإشراف عليها تؤدي دوراً مهماً في إستراتيجية المنع. وأشار أندرو ستانيل وزير الدولة السابق من حزب "الديمقراطيين الأحرار" الذي شارك في وضع سياسات مكافحة التطرف في الحكومة الائتلافية، بأنه من السليم والمعقول دعم الجماعات المجتمعية التي تعمل علي تعزيز الإعتدال، كما أنه محايد في مسألة ما إذا كان ينبغي الإعتراف بالتدخل الحكومي.

وأصر العديد من وزراء الحكومة السابقين ممن هم على دراية بالعمل داخل وحدة البحوث والمعلومات والإتصالات ( Ricu ) على أنها كانت عنصراً أساسياً في جهود الحكومة لمواجهة الدعاية التي يقوم بها تنظيم "داعش"، بينما ذكر أحد هؤلاء الذين رفضوا الكشف عن هويتهم بأن العمل كان يتم تصنيفه بالسري. وأعرب المنتقدون لبرنامج التغيير السلوكي الخاص بوحدة ( Ricu ) عن خشيتهم من إلحاقه ضرراً خطيرا في العلاقة ما بين الحكومة والمسلمين. وقال عمران خان، محامي حقوق الإنسان و الممثل عن عائلة المراهق ستيفن لورانس الذي تعرض لمحاولة قتل في لندن بأنه إذا كانت الحكومة البريطانية تريد من مواطنيها المسلمين الإستماع إليها، فإنها سوف تكون بحاجة إلى الوثوق بها مع التمتع بالمصداقية في الوقت الذي تقوم فيه بممارسة أساليب خداعية للغاية.

في حين أكدت فرانسيس ويبر نائبة رئيس معهد العلاقات العرقية على أن البرنامج مهدد بالتقويض بدلاً من توسيع نطاق عمل المجتمع المدني المسلم، وذلك إذا كان يبدو بأن الجماعات قد شاركت في جدول أعمال الحكومة، بما يفقدها الثقة. ووصف العاملون في وحدة البحوث والمعلومات والإتصالات ( Ricu ) ومن بينهم الأخصائيون في علم النفس وعلماء الأنثروبولوجيا إضافةً إلى مسؤولين في مكافحة الإرهاب وإستراتيجيات التسويق ،عملهم بالإتصالات الإستراتيجية بدلاً من الدعاية. كما أوضحت شركة إتصالات لندن London بأن أحد أهداف وحدة ( Ricu ) هو تعزيز هوية البريطانيين من المسلمين الصالحين.

وبالكشف عن تعريف الإتصالات الإستراتيجية من قبل الحكومة البريطانية نجد أنه يقصد به " الإستخدام المنظم والمنسق لجميع وسائل الاتصال لتحقيق أهداف الأمن الوطني في المملكة المتحدة من خلال التأثير على مواقف وسلوكيات الأفراد والجماعات والدول ". وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في أيلول / سبتمبر من العام الماضي خلال مؤتمر لقادة الأمم المتحدة الذي عقد في نيويورك، بأن حكومته سوف تنفق 10 ملايين جنيه إسترليني على " خلية إتصالات إستراتيجية " ومقرها في بريطانيا من أجل شن ما وصفه صراحةً " بالحرب الدعائية " ضد تنظيم "داعش". فيما أصدرت وزارة الداخلية بياناً ذكرت فيه بأنها تعمل مع المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والأفراد لمواجهة " الروايات المحرفة " للإرهابيين والمتطرفين، معربة عن الفخر بالدعم الذي تقدمه وحدة البحوث والمعلومات والإتصالات ( Ricu ) لتلك المنظمات التي تعمل في خط المواجهة لتحدي الأيديولوجية المنحرفة لجماعات مثل "داعش".