أحد عناصر جماعة طالبان يحمل على كتفه قاذفة صواريخ قبالة حدود أفغانستان

 يعود تنظيم "القاعدة" إلى أفغانستان، وينضم إلى تنظيم "داعش" وحركة "طالبـان" في العمليات "الجهادية"، لتصبح أبرز ثلاث جماعات إسلامية متطرفة في العالم تخوض معارك داخل ساحة قتال واحدة، ما يعيد القوات الغربية للدخول في صراع دموي سعت إلى تركه وراءها. وتحيي وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية، الذكرى الخامسة لمقتل بن لادن قبل خمسة أعوام، عبر نشرها على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" ما وصفته بالمهمة السرية التي قامت بها قوات العمليات الخاصة الأميركية وأسفرت عن مقتل بن لادن في باكستان.

ويأتي ذلك الكشف ليوثق ما قام به الرئيس الأميركي باراك أوبامـا في التعامل مع العدو الأول للولايات المتحدة، مع التأكيد على الدور الذي تقوم به وكالة الإستخبارات المركزية في تحقيق ذلك. إلا أنه وبعد مرور 15 عاماً على إعلان الرئيس السابق جورج دبليو بوش الحرب على الإرهاب في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر2011، والتعهد المحدد بتدمير تنظيم القاعدة في أفغانستان، فإن إرث بن لادن والجماعة التي أسسها تعيد إنتشارها مرةً أخرى داخل البلاد التي اتخذتها كقاعدة لها من أجل التخطيط للقيام بهجمات في الخارج.

 ونفى مسؤولون أميركيون التقارير بشأن التواجد المتنامي لعناصر تنظيم القاعدة، ولكن اللواء جيف بوكانان، نائب قائد القوات الأميركية في البلاد إعترف مؤخراً بأن التقديرات الإستخباراتية كانت تشير العام الماضي إلى أن عناصر تنظيم القاعدة داخل أفغانستان تتراوح ما بين 50 إلى 100 مقاتل، إلا أن هناك تزايدا مقلقا بحيث باتت تصل الأعداد إلى 150 عنصراً في معسكرٍ واحد.

واستغرقت القوات الأميركية مدعومة بنحو 63 غارة جوية يومين من القتال العنيف لفرض السيطرة علي ذلك المعسكر الذي يقع في حي شوراباك Shorabak في قندهار Kandahar، والذي إتضح بعد ذلك بأنه التجمع الأكبر لتنظيم القاعدة في أفغانستان على مساحة لا تقل عن 30 كيلومتر مربعا.

وشدد معصوم ستانيكزاي القائم بأعمال وزير الدفاع الافغاني على الخطورة التي يشكلها تنظيم القاعدة، مشيراً إلى أن التنظيم في الواقع يتمتع بنشاط كبير، وأن مقاتليه يستعدون لتنفيذ هجمات أشد عنفاً مع العمل خلف ستار شبكاتٍ أخرى وتقديم الدعم الكافي لهم. وتوصل تقييم حلف الأطلسي"الناتو" مؤخراً إلى أن مقاتلي تنظيم القاعدة لهم نشاط في الوقت الحالي في 20 ضاحية على الأقل.

وكان مسؤولون غربيون نفوا العام الماضي ما تم تداوله بشأن تنامي قوة تنظيم داعش في أفغانستان، الذي يتعهد بالولاء لأبي بكر البغدادي زعيم التنظيم الذي يصدر أوامره حالياً لحوالي 3,000 مقاتل. وقد إنتقلوا بالصراع إلى مستوى جديد من الوحشية مع ممارسة أساليب مختلفة للتعذيب وقطع رؤوس الأسرى. فيما واصلت طالبان السيطرة على مناطق شاسعة وتشكيل " حكومات ظل "، مع تنفيذ هجمات مراراً في قلب العاصمة كابول Kabul، وهو ما جعل الآمال في إجراء محادثات جادة مع الحكومة الأفغانية وإحلال السلام تتلاشي.

وشهدت أفغانستان القليل من التغطية الإخبارية في الآونة الأخيرة، حيث كان التركيز أكثر على أحدث الفيديوهات الدعائية لتنظيم داعش التي ترد من سورية. إلا أن أفغانستان كانت مهد الجهاد الحديث، مع خوض اللواء الدولي الإسلامي الممول والمتلقي للتدريبات من قبل الغرب وحلفائها معارك ضد القوات الروسية المحتلة.

ولم ينجح الرئيس باراك أوباما في ما كان يتطلع إليه بإنهاء تواجد القوات الأميركية في أفغانستان والعراق، حيث تعاود هذه القوات بنحو 10,000 مقاتل على الأقل المشاركة في العمليات داخل أفغانستان، بينما مجموع القوات المتواجدة في العراق 4500 . ومع تصاعد أعمال العنف وخطورة التشكيل الجهادي الذي يجمع بين طالبان وتنظيم القاعدة، فإن الجنرال جون نيكلسون قائد القوات الأميركية في أفغانستان والقائد السابق للقوات المحمولة جواً، أخبر مجلس الشيوخ بأنه سوف يعيد تقييم الخفض المقترح للقوات إلى 5,500 جندي بحلول العام المقبل.

وأعلن من قبل طوني بلير في أعقاب سقوط نظام الملا عمر بأنهم لن يتخلوا هذه المرة عن أفغانستان، مثلما فعل الغرب عندما سلم البلاد إلى طالبان والفقر بعد إستخدام الأفغان في محاربة الروس. ولكن الموارد اللازمة لتوفير الأمن وإعادة بناء أفغانستان ذهبت بدلاً من ذلك إلى العراق، عقب إتخاذ جورج دبليو بوش قراره مع طوني بلير بالإطاحة بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، مع حصول طالبان على الغذاء والماء من قبل عناصر في الجيش الباكستاني والشرطة السرية. ليعود التمرد مجدداً عبر الحدود، ما أدى إلى إحداث الفوضي.

وأرسلت قوة المساعدة الأمنية الدولية ( إيساف  Isaf ) إلى أفغانستان، إلا أنه وبحلول عام 2013، فقد كان القرار بإنهاء مهمة هذه القوات بعد أن أصبحت غير قادرة على تقديم المزيد نتيجة الحرب الطويلة. ونتج عن التعجيل في الإنسحاب سقوط 16,000 ما بين قتيل وجريح في صفوف الجيش الأفغاني خلال 12 شهراً فقط  بسبب أوجه القصور العسكرية التي جاءت بعد عدم تلقيهم التدريبات اللازمة، وذلك بزيادة قدرها 28 بالمائة عن العام الذي سبقه.

وفي الوقت الحالي وبعد الوصول إلى السلطة في إنتخابات متنازع عليها، إتهم الرئيس الأفغاني أشرف غاني باكستان بتنظيم الهجمات التي تقوم بها جماعة طالبان، وذلك خلال زيارته الأولي إلى باكستان، والتي خرق من خلالها البروتوكول وعمل على تهميش قادة وزارة الدفاع الأفغانية.

وبالنظر إلى الأوضاع الراهنة، فإن هناك فرصة ضعيفة لإنهاء حالة العنف في وقتٍ قريب. وخلال هذا العام، فإن تنظيم القاعدة وداعش إضافةً إلى جماعة طالبان سوف تشارك في أعمال العنف التقليدية. بينما تتصاعد المخاوف من إستخدام المتمردين للمساحات الشاسعة التي يسيطرون عليها من أجل التخطيط لشن هجمات في الخارج، بما يعني أن الغرب ربما يجد في مغادرة أفغانستان ثمناً باهظاً.