تنظيم داعش

بدأت عاصمة تنظيم "داعش" في السقوط والانهيار. فالأراضيه التي كانت تُقدر بما يساوي مساحة البرتغال بدأت في الانكماش لتصبح ما يشبه حفنةٍ من البؤر الاستيطانية. وما تبقى من قادته على قيد الحياة يفرون خشية أن يقعوا في الأسر. ولكن بدلًا من الكشف عن سقوط تنظيم داعش وأيدولوجيته الشرسة، يستعد مسؤولون غربيون وعرب في أجهزة مكافحة الإرهاب لظهورٍ جديدٍ وخبيث للتنظيم الجهادي.

فلدى التنظيم سجلٌ لمسارٍ مُثبت كتمرّدٍ قادر على الصمود أمام الهجمات العسكرية الكبيرة، بينما لا يزال يُجند أنصاره حول العالم المستعدون لتنفيذ عمليات القتل باسمه. وقد أشار قادة التنظيم منذ أكثر من عامٍ مضى أنَّهم قد وضعوا خُططٍ محتملةٍ للعودة إلى أصولهم كقوة حرب عصابات بعد خسارة أراضيهم في سورية والعراق. ولا يحتاج التنظيم إلى أن يحكم المدن لإلهام ما يُسمى بهجمات الذئاب الوحيدة في الخارج، وهي استراتيجية تبناها التنظيم بالفعل في التأثير القاتل في "مانشستر" في إنجلترا و"أورلاندو" في ولاية فلوريدا.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن هارون ي. زيلين، الذي يدرس "استراتيجية الحركات الجهادية" في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قوله: إن "تنظيم داعش لن ينتهي. التنظيم لديه خطة، تتمثل في انتظار أعدائهم محليًا في سبيل كسب مزيد من الوقت لإعادة بناء شبكتهم، بينما في نفس الوقت يوفرون مصدر إلهام لأتباعهم في الخارج للاستمرار في مقاتلة أعدائهم في أماكن أخرى".

وحتى مع الأنباء الواردة يوم الثلاثاء بأنَّ القوات المدعومة من الأميركيين قالت أنّهم استولوا على الرقة، عاصمة التنظيم حيث أعلنوا قيام الخلافة، كان المسؤولون الأوربيون في أجهزة مكافحة الإهاب قلقين من الخلايا النائمة التي قد تنشتر في الخارج قبل حصر خسائر المعركة.

وفي العراق، حيث جذور الجماعة التي سميت بتنظيم "الدولة الإسلامية"، يستعد المسؤولون الأمنيون لموجات مستقبلية من العمليات الانتحارية ضد المدنيين. وحتى إذا كانت الحكومات قادرة على منع حدوث المؤامرات المُنظمة مثل هجمات باريس عام 2015، فإنَّ المسؤولين حول العالم يعترفون بأنَّ ليس لديهم أي وسيلة لإيقاف هجمات الذئاب المنفردة المُلهمة من دعاية تنظيم الدولة التي تُبث على مواقع الإنترنت.

وقال أندرو باركر، مدير جهاز المخابرات البريطاني "إم آي 5" في خطابٍ له يوم الثلاثاء: إنَّه من الواضح أننا نتصارع مع تهديد إرهابي مُكثف يستهدف المملكة المتحدة من قبل المتطرفين الإسلامويين. وأنّ هذا التهديد متعدد الأبعاد، ويتطور بسرعةٍ ويدار بسرعة ونطاقٍ لم نشهده من قبل". ويعترف مسؤولو مكافحة الإرهاب الأميركيون والأوروبيون بأنَّهم لا يعرفون الإمكانيات الحقيقية لبقايا التنظيم، أو مدى التراجع الذي شهدته جاذبية أيديولوجية التنظيم عبر سلسلة الهزائم العسكرية الكبيرة.