افتتاح كنيس جنوب الأقصى

دانت الحكومة الفلسطينية قيام مسؤولين إسرائيليين بالمشاركة في افتتاح كنيس يهودي جنوب المسجد الأقصى، واعتبرته عدواناً جديداً على مدينة القدس و مساساً خطيراً بالوضع الطبيعي والمعالم العربية الإسلامية للمدينة. وترافق افتتاح الكنيس مع إعلان الشرطة عن السماح لأعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) بدخول باحات المسجد الأقصى ابتداء من الثلاثاء، وذلك تطبيقاً لقرار سابق صادر عن الحكومة.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أمس الجمة، أن عدداً من أعضاء الكنيست المتطرفين يستعدون ليكونوا أول من يدخلون المسجد الأقصى، فيما قالت الشرطة إنها ستراقب ردود فعل الفلسطينيين على هذه الزيارات. وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان لها أمس، إنها ستبدأ بتنفيذ برنامج تجريبي لدخول أعضاء الكنيست إلى باحات المسجد الأقصى، الثلاثاء، تنفيذاً لقرار سابق من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يقضي برفع الحظر عن زيارة المسجد الأقصى لأعضاء الكنيست. وقالت الشرطة إنه تم تأجيل تنفيذ القرار لبعض الوضع، نظراً الى الظروف الميدانية الأخيرة التي شهدتها مدينة القدس والمسجد الأقصى في شكل خاص.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة، يوسف المحمود، في بيان أمس إن الحكومة تعتبر إقامة الكنيس في سلوان جنوب المسجد الأقصى، جزءاً من الاستيطان ولا علاقة له بالدِّين. وأضاف: إقامة هذا الكنيس يأتي لأسباب سياسية محضة تتعلق بطبيعة حكومة الاحتلال الإسرائيلي. والحكومة الإسرائيلية الحالية لا تتورع عن استخدام الرموز والمجازات والاستعارات التي وردت في الكتب والأسفار، ولها صفات التعاليم الدينية، استخداماً سياسياً يخدم المخططات والأهداف الاستعمارية في الوقت الراهن من طريق اختلاق رواية أخرى غريبة وتشويه ومحاولة طمس الرواية الحقيقية.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية إن إصرار حكومة الاحتلال على الاعتداء على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها يشكل من جهة أخرى استجابة للحروب التي ترتدي الأقنعة الدينية والطائفية التي فرضت على المنطقة. وحذّر المتحدث من أن سياسة الحكومة الإسرائيلية من شأنها أن تقود إلى حروب دينية لا يرغب فيها أحد، وطالب المجتمع الدولي التدخل لوضع حد فوري للتوتر والعمل الجاد على إحلال السلام والأمن في كامل المنطقة.

وضم صحافيون إسرائيليون صوتهم إلى جانب فلسطينيين حذّروا الحكومة الإسرائيلية من أبعاد قرارها السماح لنواب من اليمين المتطرف بزيارة موقع جبل الهيكل (المسجد الأقصى) ليوم واحد يتم فيه اختبار رد فعل الفلسطينيين الذي سيحدد مصير زيارات أخرى في المستقبل. وكتب محلل الشؤون الفلسطينية في موقع "ولاّ" الإخباري على شبكة الإنترنت، آفي يسسخاروف، أن هذه الزيارة قد تزيد من سخونة الوضع "المهتز أصلاً" بين إسرائيل والفلسطينيين ما استدعى قدوم الوفد الأميركي الرفيع برئاسة المستشار الخاص للرئيس الأميركي، جريد كوشنير، إلى كل من تل أبيب ورام الله. واستهجن الكاتب قرار الشرطة اعتبار السماح بزيارة نواب اليمين للأقصى اختباراً، وقال إن الشرطة تتعاطى مع موضوع قابل للانفجار كأنه مسلسل تلفزيوني أميركي يتم عرض الجزء الأول منه في انتظار ردود فعل المشاهدين.

وأضاف أن الشرطة بإعلانها أن الزيارة ستكون اختباراً إنما كأنها تَعِد المشاهدين بحدث احتفالي، وأنها لم تكتفِ بأحداث المسجد الأقصى الشهر الماضي لتتيح أيضاً لنواب اليمين الاحتفال وإطلاق تصريحات استفزازية مثل تأكيد التمسك بالقدس لإرضاء جمهور ناخبيهم. وذكّر الكاتب أن هذه الزيارة تأتي قبل ثلاثة أيام فقط من عيد الأضحى المبارك وقبل أسبوعين من الأعياد اليهودية التي تجلب معها كل عام توتراً جديداً حول المسجد الأقصى.

وأشار إلى أن الشهر المقبل يحفل أيضاً باجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة الذي سيلقي فيه الرئيس محمود عباس كلمة يتوقع الفلسطينيون أن تتضمن مطالبة الهيئة الدولية بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة، وسط استئنافهم نغمة التهديد بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي واعتماد المعاهدات الدولية في شأن الممارسات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية المحتلتين.

وأشار الكاتب إلى الوضع المأزوم داخل قطاع غزة واحتدام الصراع بين "حماس" والسلطة الفلسطينية والتلكؤ في فتح معبر رفح، محذراً أيضاً من أن الوضع العام في الضفة الغربية، خصوصاً بين جيل الشباب الذي فقد ثقته في قيادته، فضلاً عن الإحباط السياسي والاقتصادي يهيّء، لأرضية غير مستقرة تذكّر بالوضع في عدد من الدول العربية مع بداية العقد الحالي.