وزارة الصحة الفلسطينية

وزارة الصحة الفلسطينية منح تغطيات مالية لتحويلات طبية لنحو 1600 مريض لا يتوافر لهم العلاج اللازم داخل مستشفيات قطاع غزة. وقالت إن أعداد المرضى الذين ينبغي علاجهم في مستشفيات إسرائيلية أو فلسطينية في الضفة الغربية والقدس، في ازدياد مستمر. وأضافت أن هناك قراراً غير معلن اتخذته وزارة الصحة قبل ثلاثة أسابيع يقضي بعدم منح تحويلات طبية وتغطيات مالية لمرضى القطاع في اطار الاجراءات غير المسبوقة التي يتخذها الرئيس محمود عباس ضد حركة "حماس" التي تسيطر على مقاليد الحكم منفردة في القطاع، وتؤثر في شكل سلبي على حياة مليوني غزي.

وأشارت المصادر ذاتها لصحيفة "الحياة" الى أن نحو 40 مريضاً فقط حصلوا على تحويلات طبية مرفقة مع تغطية مالية من الوزارة لتلقي علاج في مستشفيات فلسطينية وإسرائيلية غير متوافر في القطاع. وقال مسؤول في منظمة الصحة العالمية التي تساهم في ايجاد حلول للأوضاع الصحية الكارثية الناجمة عن الحصار الإسرائيلي المحكم والانقسام الفلسطيني، إن عدد التحويلات الطبية المغطاة مالياً تراجع من أكثر من ألفي تحويلة في المتوسط شهرياً خلال الأشهر الأخيرة، الى نحو 1400 خلال أيار/مايو الماضي. وأضاف لـ «الحياة» أن نسبة التصاريح التي أصدرتها إسرائيل تراجعت من 92 في المئة عام 2012 الى 55 في المئة خلال العام الحالي.

وتوقعت مصادر فلسطينية ودولية أن لا يتجاوز عدد التحويلات بضع مئات قليلة خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة، ما يعني وفاة عشرات المرضى وتعريض حياة مئات آخرين الى خطر الموت. وأشارت الى أن جهات محلية، من بينها المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، وأخرى دولية، تسعى الى إيجاد حلول لأزمة التحويلات الطبية وأزمة الدواء الذي قلّصت وزارة الصحة في رام الله الكميات المرسلة منه الى القطاع.

وقدم المركز حلاً مقترحاً الى وزير الصحة في حكومة التوافق جواد عواد يقضي بإصدار تحويلات طبية مغطاة مالياً لمرضى السرطان والقلب والأطفال الى حين ايجاد حلول لبقية المرضى والوضع الصحي عموماً. وتوفي أربعة أطفال ورضع خلال الأيام القليلة الماضية، ما رفع العدد الى 11 منذ بداية العام. واتهمت وزارة الصحة التي تديرها "حماس" في القطاع نظيرتها في الضفة الغربية بعدم توفير التحويلات الطبية اللازمة لتلقي العلاج خارج القطاع. لكن وزارة الصحة في رام الله نفت ذلك تماماً.

وقال المسؤول في الوزارة عن تحويلات مرضى القطاع الطبيب بسام البدري إن الأطفال توفوا بينما كانوا ينتظرون حصولهم، أو مرافقيهم، على تصاريح من سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمكنهم من مغادرة القطاع المحاصر عبر حاجز بيت حانون "ايرز" الإسرائيلي شمال القطاع الى مستشفيات فلسطينية في الضفة أو إسرائيلية. وفند اتهامات "حماس" ووزارتها في القطاع، لكنه لم يشر من قريب أو بعيد الى وقف التحويلات الطبية، ولم ينفِ وقفها من جانب الوزارة في رام الله.

من جهتها، حمّلت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وحركة "الجهاد الاسلامي" السلطة الفلسطينية وحكومة التوافق المسؤولية عن وقف التحويلات الطبية. وقالت في بيان أمس إنها تحمل الحكومة المسؤولية عن وقف التحويلات الطبية ونتائجها الخطيرة على أبناء شعبنا، والتي أدت في الأيام الأخيرة إلى استشهاد عدد من الأطفال المرضى، في ظل وجود مئات المرضى يعانون من حالات صحية خطيرة لا تتوافر الإمكانات لعلاجها في القطاع وبحاجة عاجلة للعلاج في الخارج.

كما حملت المؤسسات الدولية "المسؤولية في ظل صمتها وتواطئها على استمرار الاحتلال في حصاره وإغلاقه القطاع منذ أكثر من عشر سنوات". وقالت إن "غزة لن تبقى رهينة جماعات المصالح"، داعية إلى "حراك وطني وشعبي وتضافر كل الجهود الوطنية لتجنيب وتحييد كل القطاعات الحيوية تجاذبات الانقسام بما يساهم في التخفيف من معاناة شعبنا المتفاقمة". وطالبت بـ"ضرورة وقف سياسات العقاب الجماعي في حق أهلنا في قطاع غزة، والتي تمثلت في رزمة الإجراءات المتخذة التي أصابت قطاعات حيوية في غزة، في مقدمها القطاع الصحي، ومن بينها وقف التحويلات في الخارج، ووقف توريد الأدوية والمعدات الطبية لمستشفيات غزة، بالإضافة إلى ما يترتب على استمرار أزمة الكهرباء، وتفاقم المشكلات الاجتماعية التي سببها الحصار، وقرارات السلطة الأخيرة".

بدوره، حمّل القيادي في "الجهاد" أحمد المدلل السلطة والحكومة في رام الله المسؤولية الكاملة عن منع التحويلات الطبية، كما حمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن منع التصاريح لمرافقي المرضى والمرضى أنفسهم للعلاج في مستشفيات الضفة المحتلة والأراضي المحتلة عام 1948. وشدد المدلل خلال وقفة تضامنية نظمتها الحركة مع المرضى المحرومين من الحصول على تحويلات طبية، على أن الانفجار آتٍ لا محالة في وجه الاحتلال الإسرائيلي في ظل استمرار هذه الممارسات، مطالباً الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس بأن يهبّ في وجه هذه الإجراءات القمعية. ودعا السلطة والحكومة في رام الله الى العمل على تحويل المرضى المهددين بالموت للعلاج في الخارج. كما طالب مصر بفتح معبر رفح باعتباره المنفذ الوحيد لقطاع غزة لتحويل المرضى وعلاجهم، منتقداً المؤسسات الإنسانية التي لا تتدخل لحماية مرضى القطاع.