اشتباكات عنيفة اندلعت في أثينا احتجاجًا على زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما

اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة اليونانية أثينا، الثلاثاء، وخرج ثلاثة ألاف من الطلاب واليساريين إلى الشوارع، في مسيرة، احتجاجًا على زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وحاولوا كسر الحصار الذي فرضته عليهم الشرطة، مما اضطر رجال الأمن إلى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع لصدهم.

ومن المقرر أن تبدأ احتجاجات أخرى في وقت لاحق، من قبّل أنصار الحزب الشيوعي في اليونان، لأن القوى اليسارية لديهم تقليدًا يبدو مناهضًا للولايات المتحدة، يرجع إلى شعورهم بالاستياء من جراء الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة للديكتاتورية العسكرية في اليونان، في الفترة بين عامي 1967 و1974. وحظّرت السلطات الأمنية في اليونان، التظاهرات في مناطق واسعة في العاصمة أثينا، شملت الأماكن التي سيمر من خلالها موكب الرئيس الأميركي، والمناطق التي تتواجد فيها السيارات المرتبطة به وبالوفد المرافق له، وشهدت تلك المناطق كردونات أمنية وعمليات تشديد أمني مكثف لتأمينها.

ونشرت السلطات اليونانية 5000 شرطي لتأمين الزيارة، التي يقوم بها الرئيس الأميركي لليونان في مستهل جولته الأوروبية، إضافة إلى فرقة لمكافحة الشغب تبقى في حالة تأهب قصوى للتعامل مع أي حالات عنف، وذلك على أثر الدعوات التي تبنتها الجماعات الأناركية المسلحة لشن "هجمات واشتباكات" لعرقلة الزيارة. وتأتي زيارة أوباما قبل يومين فقط من المظاهرات السنوية الرئيسية التي تشهدها البلاد، والتي تتسم بطبيعتها المعادية للولايات المتحدة، لإحياء ذكرى القمع الدموي، الذي ارتكبته السلطات العسكرية في أثينا عام 1973، ضد انتفاضة طلابية مؤيدة للديمقراطية.

وتعتبر آخر زيارة لليونان من قبّل أي رئيس للولايات المتحدة، في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون، ويرجع تاريخها إلى عام 1999، وتزامن معها حالة قتال واسعة في الشوارع بين الأناركيين اليساريين وشرطة مكافحة الشغب. ولم تقتصر المشاعر السلبية على التيارات السياسية المتواجدة في الشارع اليوناني، ولكنها امتدت إلى عناصر الحرس اليوناني، وبدأ عدد من أفراد حرس الشرف أثناء قيام الرئيس الأميركي ونظيره اليوناني باستعراضه، ينظرون بعدائية شديدة إلى الضيف الأميركي، وذلك خارج القصر الرئاسي في أثينا، بينما بدت ملامح الفزع على ملامح الرئيس الأميركي من جراء الاستقبال.

وبدأ الرئيس أوباما رحلته بكلمات مطمئنة بشأن التزام الولايات المتحدة بتعهداتها تجاه حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وعقد محادثات مع رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس، موضحًا أن الإدارات الديمقراطية والجمهورية تعترف على حد سواء بأهمية التحالف في دعم العلاقات بين ضفتي الأطلنطي. أما الرئيس اليوناني، فأكد أن الناتو القوي يعدّ بمثابة ضرورة قصوى لتوفير الأمن والحماية المشتركة ضد العديد من التهديدات، التي تواجه المجتمعات الغربية في المرحلة الراهنة، معربًا عن تقديره للدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للشعب اليوناني، مبديًا ثقته بأن ترامب سيسير على نفس النهج.

وأدت الانتخابات الأميركية الأخيرة، إلى حالة من القلق بين قطاع كبير من الأوروبيين، لا سيما بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، والذي أكد أن بلاده لن تستمر في التحالف مع الدول التي لم تلتزم بتعهداتها تجاه التحالف. وتزايدت المخاوف الأسبوع الماضي من جراء هجوم محتمل، عندما ألقى متطرفون قنبلة يدوية على السفارة الفرنسية في وقت متأخر من الليل، ويرى الخبراء أن هذا الحادث ربما يأتي في إطار الإعداد لعملية أكبر وأكثر خطورة في المرحلة المقبلة، وهو الأمر الذي دفع منظمو الزيارة من المسؤولين الأمريكيين إلى إلغاء خطاب كان من المقرر أن يلقيه الرئيس الأميركي من سفح الأكروبول، الأربعاء، وتم نقله إلى مبنى أكثر حماية.

ومن المقرر أن يغادر الرئيس الأميركي العاصمة اليونانية أثينا، الأربعاء، متجهًا إلى برلين، ليلتقي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وعددًا من زعماء أوروبا، من بينهم رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي، إضافة إلى رؤساء فرنسا وإسبانيا، موضحة أن الهدف من اللقاء هو طمأنة القادة الأوروبيين لنوايا الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة ترامب، والذي أثارت تصريحاته جدلًا متزايدًا في الأيام الماضية.

ويغادر الرئيس الأميركي، العاصمة الألمانية برلين، الجمعة، متجهًا إلى بيرو، لحضور قمة اقتصادية في العاصمة ليما، وسيلتقي هناك بالرئيس الصيني شي جين بينج، ورئيس الوزراء الأسترالي ماكلوم تورنبول.