رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو

أجمع قادة المعارضة على ضرورة أن يستقيل من منصبه أو يعلق وظيفته بصفته رئيس حكومة، في اليوم التالي بعد نشر الشرطة الإسرائيلية توصياتها بتقديم رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، إلى المحاكمة بتهم تلقي رشى ثقيلة، وفي المقابل، واصل نتانياهو وقادة حزبه الليكود الدفاع ومهاجمة محققي الشرطة وقادة المعارضة، واتهامهم بالتآمر عليه وتنظيم "انقلاب" على حكمه.

ووصفوا رئيس حزب "يوجد مستقبل"، يائير لبيد، بأنه "واشٍ" بسبب إفادته في الشرطة التي قال فيها إن نتانياهو طلب منه أن يسعى لسنّ قانون لصالح رجل الأعمال أرنون ميلتشين، ورد لبيد قائلاً إن نتانياهو وزمرته يتصرفون مثل آخر الجناة وقادة العصابات وكانت الشرطة قد أوصت رسمياً، النيابة والمستشار القضائي للحكومة بأن تقدم لائحة اتهام ضد نتنياهو ومن أقدموا على رشوته، رجلي الأعمال ميلتشين

وجيمس باكر. وتم وضع الاتهامات تحت بند خطير يتضمن الرشوة وخيانة الأمانة، وحسب رجال قانون كبار، فإن إدانة نتنياهو في المحكمة وفقاً لهذه البنود، ستؤدي إلى صدور حكم بسجن لسنوات عدة؛ إذ إن التهم عليه أخطر بكثير من التهم التي أدين فيها رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، الذي حكم عليه بالسجن 18 شهراً.
وقد أكد خبراء في التحقيق، أن قادة الشرطة نصبوا كميناً إعلامياً ومعنوياً لنتنياهو ومحاميه طيلة فترة التحقيق. فقد أوهموه بأن الموضوعين المركزيين اللذين يركزون عليهما في الملف رقم 1000، هما: تلقي الرشى المادية بواسطة السيجار لنتنياهو نفسه والشمبانيا الفاخرة والجواهر لزوجته، بما قيمته مليون شيقل. وحاولت الشرطة بث الإشاعات بأنها محتارة ما بين اتهامه بالرشوة أو بخيانة الأمانة. فالرشوة تعتبر تهمة خطيرة ويجب البرهنة على أن نتنياهو حصل على هذه الرشى مقابل خدمة يقدمها للراشين. والحكم عليها يكون بالسجن الفعلي. بينما خيانة الأمانة تهمة بسيطة نسبياً ويمكن أن تمر بلا سجن، وعندها يستطيع البقاء في منصبه رئيساً للحكومة.

لكن تبين عند النشر، أن الشرطة تملك أدلة دامغة على أن نتنياهو تلقى هذه الرشى مقابل خدمات كثيرة وخطيرة يقدمها للراشين بحكم منصبه رئيس حكومة. وأخطر ما قدمه لرجل الأعمال ميلتشين، هو تمرير قانون يدر عليه عشرات وربما مئات ملايين الدولارات. وميلتشين هو ملياردير إسرائيلي سابق، هاجر إلى الخارج منذ 25 سنة. وفي إسرائيل يوجد قانون لصالح الإسرائيليين الذين يهجرون البلاد ويقررون استرجاع جنسيتها والعودة إليها، إذ يتم إعفاؤهم من الضرائب والجمارك لمدة 10 سنوات، بل يعفيهم حتى من تقديم كشف حساب للضريبة عن أملاكهم في الخارج. وقد طلب ميلتشين من نتنياهو أن يعمل على تعديل هذا القانون بحيث تصبح مدة الإعفاء 20 – 25 سنة.
ولم ينف نتانياهو أنه سعى لتعديل هذا القانون، قائلاً: إن الأمر يشكل خدمة للاقتصاد الإسرائيلي، وإن من بدأ بهذه الجهود هو سابقه إيهود أولمرت، إلا أن الشرطة احتفظت بشكل سري بإفادة من وزير المالية السابق، يائير لبيد، كشف فيها أن نتانياهو طلب منه بشكل شخصي ملح، أن يبادر إلى تعديل القانون، وطلب منه أن يجتمع مع ميلتشين ويستمع إليه حول الاقتراح، وقد اجتمع لبيد مع رجل الأعمال ولم يقتنع، لكن نتانياهو راح يمارس عليه الضغوط، ثم حل الائتلاف الحاكم وتوجه إلى انتخابات جديدة.

وقالت الخبيرة القانونية، والمحاضرة في القضاء الدستوري، البروفسور سوزي نابوت، عن الخطوات المقبلة في قضية نتنياهو: إن "الطريق نحو تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو ما زالت طويلة وقد تستغرق أشهر عدة"، وقرار الشرطة هذا، مع أهميته، لا يمثل نهاية المطاف. إن القرار بمحاكمة رئيس الحكومة من عدمه لا يتم اتخاذه في جهاز الشرطة، بل في النيابة العامة، ثم في مكتب المستشار القضائي للحكومة. إن (توصيات) الشرطة ليست ملزمة بالنسبة للمستشار القضائي للحكومة، وهو من سيقرر في نهاية المطاف إن كان هناك حاجة إلى محاكمة نتنياهو، وحول أي جنايات ينبغي محاكمته. حصلت في الماضي حالات قررت فيها الشرطة أن لديها ما يكفي من أدلة لمحاكمة رؤساء حكومات، إلا أن المستشار القضائي للحكومة كان لديه رأي آخر، ولكن في حال اقتناع المستشار بتقديمه إلى المحاكمة بالبنود التي طرحتها الشرطة، فإن احتمال سجن نتنياهو يصبح مؤكدًا".