رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

على الرغم من أن «تكتل الحصانة» اليميني هو الذي منع تشكيل حكومة في إسرائيل، مرتين، بعد انتخابات أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، عادت أحزاب اليمين لتقيم تكتلاً مشابهاً، تعهد من خلاله رؤساء أربعة أحزاب بألا يساهموا في تشكيل أي حكومة بعد الانتخابات القريبة، إلا إذا كانت برئاسة بنيامين نتنياهو.

وقد بادر إلى هذه الخطوة، رئيس حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، وزير الداخلية، أريه درعي، وبالإضافة إليه، وقع عليها رؤساء «الليكود» وتكتل أحزاب «يمينا» وحزب «اليهود الأشكناز» المتدينين «يهدوت هتوراة». وقد تعمد صياغتها وتوقيعها قبل أسبوعين من الانتخابات البرلمانية، التي ستجري يوم 2 مارس (آذار) المقبل، حتى لا يتوهم اليمينيون الليبراليون بأن رئيس «حزب الجنرالات» (كحول لفان)، بيني غانتس، سيتمكن من تشكيل حكومة وحدة مع قوى في اليمين.

وجاء في الوثيقة: «نشهد في الأيام الأخيرة تردد أنباء في وسائل الإعلام، بأنه بعد انتخابات الكنيست الـ23 سيتم دفع تشكيل حكومة بقيادة (كحول لفان)، وبمشاركة أو تأييد أحزاب من (كتلة اليمين)، وهذه أنباء غير صحيحة أبداً. وبودنا التوضيح إثر ذلك، أننا لن ندعم، ولن ننضم إلى أي حكومة باستثناء حكومة يشكلها (الليكود)، ويرأسها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ونشدد على أننا لن نُجري أي مفاوضات منفصلة من أجل تشكيل حكومة أخرى». وتابع رؤساء أحزاب كتلة اليمين: «إننا على قناعة بأن كتلة اليمين ستنجح في الانتخابات القريبة بالوصول إلى 61 مقعداً، وأكثر في الكنيست، وتشكيل حكومة قومية وقوية».

وقد شكر نتنياهو بحرارة رؤساء أحزاب اليمين على «هذه المبادرة المؤثرة»، وقال: «بات واضحاً أكثر من قبل أنه لا توجد إمكانية أمام غانتس، لتشكيل حكومة من دون دعم أو امتناع (القائمة المشتركة) في الكنيست. وحكومة متعلقة بـ(القائمة المشتركة) ستكون خطراً على أمن إسرائيل». وردت «كحول لفان» على هذه الوثيقة، بالقول إن «كتلة اليمين ستقود إلى انتخابات أخرى (رابعة للكنيست)»، وإنه «لن تكون لنتنياهو حكومة، مثلما لم يتمكن من تشكيلها بعد جولتي الانتخابات الأخيرة التي دهور إسرائيل إليها بتكلفة 8 مليارات شيقل من أجل التهرب من المحاكمة بتهم الفساد الخطيرة».

كان هذا التكتل قد اتخذ موقفاً شبيهاً في أعقاب الانتخابات الماضية مرتين، مرة في اتفاق شفهي في أبريل ومرة في اتفاق خطي في سبتمبر. وفشل غانتس في كل محاولاته لجلب أحد هذه الأحزاب اليمينية إلى ائتلافه، وشق صفوف هذا التكتل، الذي تألف من 55 مقعداً (من مجموع 120 مقعداً)، مثلما فشل نتنياهو في شق صفوف معسكر الوسط واليسار. وكان بإمكان غانتس تشكيل حكومة مع معسكره، سوية مع حزب «اليهود الروس» بقيادة أفيغدور ليبرمان، مدعوماً من الخارج من القائمة المشتركة للأحزاب العربية. فمثل هذا الائتلاف يجمع 65 نائباً، هم: 33 نائباً من «كحول لفان»، و13 من «المشتركة»، و6 من «العمل - جيشر»، و5 من «ميرتس» و8 من ليبرمان. إلا أن ليبرمان رفض أن يكون شريكاً في حكومة مدعومة من العرب. فتعقدت الأزمة وفشل نتنياهو وغانتس؛ كل من جهته في تشكيل حكومة.

وكان البديل أن يتفق نتنياهو وغانتس على تشكيل حكومة وحدة بينهما. لكن غانتس تعهد بألا يخدم في حكومة برئاسة نتنياهو المتهم بقضايا فساد خطيرة. واقترح وحدة قومية مع «الليكود» من دون نتنياهو، أو على الأقل بوجود نتنياهو وزيراً عادياً. فرفض «الليكود». وطلب أن يبقى نتنياهو رئيس وزراء لمدة معينة. وكان شرطه أن يحظى بحصانة برلمانية تمنع محاكمته بتهمة الفساد. وبعد هذا الفشل، توجهوا لانتخابات جديدة، ستكون الثالثة في غضون أقل من سنة.

وتشير نتائج استطلاعات الرأي إلى أن نتائج الانتخابات المقبلة لن تغير هذه الصورة، بشكل متطرف، وستأتي بنتائج شبيهة هذه المرة أيضاً. لكن كلاً من نتنياهو وغانتس سيبذلان جهداً لتغييرها، كل لصالحه، بحيث يحصل معسكره على 61 مقعداً. وقال ليبرمان، أمس، إن تكتل اليمين هذا ليس جاداً، وأكد أنه هو الذي سيحسم، وشدد على أنه سيمنع هذه المرة التوجه لانتخابات رابعة. وعندما سُئل إن كان يلمح بأنه سيغير رأيه ويوافق على حكومة بدعم «المشتركة»، قال: «لدينا بدائل أخرى». وألمح إلى أن حزب «الليكود» ليس منسجماً في كتلة واحدة، وبالإمكان شق صفوفه. وربما لهذا سارع مقربون من نتنياهو إلى العمل على وضع رسالة يتعهد بموجبها جميع نواب «الليكود» بالالتزام بالبقاء في الحزب وراء نتنياهو.

قد يهمك ايضاً :

عبد الفتاح البرهان يكشف السبب الرئيسي للاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي

حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" يؤكدان أن الاحتلال هو الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي