الرئيس الإيراني حسن روحاني

أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني انفتاح بلاده في البقاء ضمن الاتفاق النووي إذا ما ضمنت الدول الأخرى تحقق الأهداف الإيرانية بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق، وذلك في مؤشر على اكتمال السيناريو الإيراني الأوروبي للإبقاء على الاتفاق النووي من دون الولايات المتحدة.

 و قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن الدول الأوروبية الثلاثة (ألمانيا، فرنسا، بريطانيا) ستحافظ على الاتفاق النووي.

وأبدى روحاني ,الإثنين, مرونة، وذلك في تراجع ملحوظ عن تهديدات سابقة بخروج إيران من الاتفاق النووي في حال انسحاب الولايات المتحدة والعودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، فضلًا عن الخروج من اتفاقية حظر الانتشار.

وسيحسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستقبل بلاده في الاتفاق النووي مع إيران عندما يحن موعد تمديد تعليق العقوبات على إيران بالتزامن مع انتهاء المهلة الأخيرة منحها ترامب لحلفاء واشنطن بإصلاح ثغرات الاتفاق النووي، خاصة فيما يتعلق بدور طهران الإقليمي وبرنامج الصواريخ الباليستية.

وقال روحاني ,الإثنين, على هامش زيارته إلى محافظة خراسان إنه "إذا ما تحققت أهدافنا من الاتفاق النووي من دون الولايات المتحدة سنبقى في الاتفاق"، والرئيس الإيراني يضع الخيار أمام الدول الأوروبية، موضحًا  أنه "إما يتحقق ما نريد في الاتفاق عبر دول غير الولايات المتحدة، أو إذا رأينا أن ما نريده في الاتفاق النووي لم يتحقق سنواصل طريقنا ومخططنا" وفقاً لوكالات أنباء إيرانية.

وأشار روحاني إلى سيناريوهات متعددة وردت على لسان كبار المسؤولين خلال الأسابيع الماضية أبرزها خروج إيران من اتفاقية حظر الانتشار النووي، والتي انضمت إليها في زمن النظام السابق عام 1970، وذلك في تهديد ضمني إلى التوجه لبرامج التسلح النووي. وكان نائب قائد "الحرس الثوري" حسين سلامي قال قبل نحو أسبوع إن قواته طالبت المسؤولين الإيرانيين برفع اللهجة والانسحاب من الاتفاق النووي واتفاقية حظر الانتشار.

وارتفعت نبرة المسؤولين الإيرانيين على بعد أسابيع من قرار ترامب، ويرى محللون أن التغيير في اللهجة الإيرانية هدفه ممارسة الضغوط على الدول الأوروبية وفي سياق المطالب الإيرانية لتلك الدول في القيام بدور أكبر والضغط على الإدارة الأميركية.

وزعم روحاني أن أهداف حكومته من الاتفاق النووي "رفع مظالم مثل العقوبات"، وفي المقابل قال إن أهداف الإدارة الأميركية "تقييد استقلال وقوة ونفوذ إيران الإقليمي".

وفي إشارة إلى الدول الأوروبية الثلاثة (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) قال روحاني إنه "من الأفضل أن تتحقق أهدافنا من دون الولايات المتحدة، وخلاف ذلك سنتخذ القرار".

و هدد روحاني الإدارة الأميركية بردود إيرانية متوقعة وغير متوقعة في 22 من أبريل /نيسان. وفي 24 من أبريل/نيسان الماضي، قال أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، إن بلاده ستخرج من اتفاقية حظر الانتشار النووي في حال انسحاب الإدارة الأميركية. 

وتكررت تصريحات شمخاني على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي أعلن أن رد بلاده سيكون الخروج من اتفاقية حظر الانتشار النووي. وفي خطوة مماثلة قال علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني في الشؤون الدولية، إن بلاده ستخرج من الاتفاقية التي تلتزم فيها الدول الأعضاء بالابتعاد عن أي مشروع للتسلح النووي.

وانتقل النقاش بشأن بدائل الاتفاق النووي وحماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأميركية، بعدما أكدت دول أوروبية أن ترمب مصمم على الانسحاب من الاتفاق النووي.
وكانت المؤشرات على رغبة طهران بالبقاء في الاتفاق تداولت منذ أشهر على لسان وزير الخارجية الإيرانية، ولكن عادت إلى الواجهة بقوة مع تأكيد نائب رئيس البرلمان الإيراني علي مطهري بإمكانية بقاء إيران في الاتفاق النووي في حال انسحاب الولايات المتحدة.

وقال مطهري في حوار مع صحيفة "اعتماد" الإصلاحية إنه "حتى في حال خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بإمكان إيران البقاء في الاتفاق ما دامت الدول الأوروبية ملتزمة به". لافتًا إلى أن التزام بلاده بالاتفاق النووي مرتبط بسلوك الدول الأوروبية. وقال "إذا تعهد الأوروبيون بمقاومة الغرامات الأميركية المحتملة ضدهم وتمسكوا بالاتفاق بصورة جدية، فمن الطبيعي أن يكون بقاء إيران في الاتفاق واردا".

وزعم مطهري أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق "لا يعني هزيمة إيران"، وقال: "القضية أن واشنطن لم يعد بإمكانها التوصل لإجماع عالمي ضدنا. في الواقع إن عادت العقوبات لن تكون مؤثرة، ناهيك عن أن الدول الأوروبية لا ترافق واشنطن مثل السابق في العقوبات النووية".

و قال رئيس مكتبه محمود واعظي في تصريح للتلفزيون الإيراني، إنه في حال انسحاب واشنطن، والخروج من الاتفاق، فهو ليس السيناريو الوحيد أمام إيران ,موضحًا أن طهران "لديها سيناريو آخر للبقاء في الاتفاق النووي من دون الولايات المتحدة". وأشار واعظي إلى أنه وفق السيناريو الذي تفكر به الحكومة الإيرانية، إضافة إلى الدول الأوروبية ستلعب الصين دورا أكبر في الاتفاق النووي لملأ فراغ الولايات المتحدة.

و كشف وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، في تصريح لموقع البرلمان الإيراني "خانه ملت"، أنه خلال زيارته الأخيرة إلى نيويورك أجرى لقاءات مع شخصيات أميركية مختلفة من بينها شخصيات مؤثرة في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إضافة إلى وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث. وأعرب ظريف عن أمله بأن يأتي تحركه ثماره في التأثير على قرار ترمب.

وقال ظريف إن "كل الأشخاص المتنفذين في الولايات المتحدة بإمكانهم أن يتركوا تأثيرا على مسار صناعة القرار. كيري والآخرون في الحزب الديمقراطي ليسوا مؤثرين على حكومة ترمب، لكن الولايات المتحدة ليست الحكومة المستقرة في البيت الأبيض فقط. الولايات المتحدة مجموعة من الأفكار العامة واللوبيات وجماعات الضغط ومراكز الأبحاث، ومجموع ذلك يتقدم بالسياسات".

وتزامنت خطوة الحكومة الإيرانية مع تأكيد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس على تمسك الدول الأوروبية الثلاثة (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بالاتفاق النووي بغض النظر عن قرار الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، لأن هذا هو السبيل الوحيد لحظر الانتشار النووي، وفق ما نقلت عنه وكالة "رويترز".

وأضاف الوزير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني هايكو ماس في برلين: "نحن عازمون على إنقاذ هذا الاتفاق، لأنه يحمي من الانتشار النووي، وهو السبيل الصحيح لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي".

 وأكد الوزيران الفرنسي والألماني رغبتهما بأي ثمن في الحفاظ على الإطار القائم الذي تم التفاوض بشأنه مع طهران. وقال لودريان: "نحن نرى أن هذا الاتفاق يتم احترامه، وبالتالي ننوي الاستمرار في الالتزام به مهما كان القرار الأميركي".

وقال ماس إن بلاده لا ترى أي داع لإلغاء الاتفاق بين إيران والقوى الست، مضيفا: "لا نزال نعتقد أن هذا الاتفاق يجعل العالم أكثر أمنا، ومن دونه سيصبح العالم أقل أمنا".
وكانت وكالة "رويترز" نقلت الخميس عن مصادر أوروبية مطلعة أن تفاوض الإدارة الأميركية بشأن خطة "بديلة" لإنقاذ الاتفاق بهدف حماية العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإيران، إذا نفذ ترمب تهديده وانسحب من الاتفاق.

وكان فلاديمير يرماكوف، مدير منظمة حظر انتشار الأسلحة النووية الروسية، قد تحدث الجمعة الماضي عن توجه روسي لتعزيز العلاقات التجارية مع طهران، وقال إن "الانسحاب الأميركي لا يعني بالضرورة انهيار الاتفاق النووي مع إيران"، مضيفًا أن "على الولايات المتحدة الأميركية مواجهة التبعات وليس روسيا والصين والدول الأوروبية".