غارات جوية على قطاع غزة

ارتفعت حالة التوتر على حدود قطاع غزة في الأيام القليلة الماضية، بعد أن زاد الجيش الإسرائيلي من وتيرة استهدافه لمواقع تابعة للمقاومة في مناطق متفرقة في القطاع، حيث شن الجيش الإسرائيلي الأسبوع الحالي عدة غارات جوية على قطاع غزة أسفرت عن إصابة4 فلسطينيين بجراح طفيفة وذلك ردًا على سقوط صاروخ أطلق من القطاع في منطقة مفتوحة جنوب إسرائيل كما قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية.

وحمّلت الفصائل الفلسطينية الاحتلال مسؤولية تصعيده، مشددةً على أنه لا يمكن القبول بفرض أي معادلات جديدة على المقاومة. وأكد وزير الأمن الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أن إسرائيل ليست معنية بالقيام بعملية عسكرية جديدة في غزة، إلا أنها لن تقبل بمواصلة إطلاق الصواريخ باتجاهها، قبل أن تُحذر كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس على لسان المتحدث باسمها أبو عبيدة، من أن أي عدوان إسرائيلي قادم على غرار ما حدث الاثنين، سيكون للمقاومة وعلى رأسها القسام كلمتها فيه.

وعُقب تصريحات القسام بساعاتٍ قليلة، أعلنت مصادر إعلامية إسرائيلية عن دوي صفارات الإنذار جراء سقوط صاروخ من غزة على المناطق المحاذية للقطاع جنوباً، لكن سرعان ما بادر الجيش الإسرائيلي لنفي هذه الأنباء، قائلاً إن "الإنذارات دوت بالخطأ". وأكد محللون أن حماس وإسرائيل مازالتا لا تريدان خيار الحرب حالياً، محذرين في الوقت ذاته من إمكانية اندلاعها في أي لحظةٍ ولأسبابٍ عدّة.

ويرى المُحلل هاني حبيب، أنّ كلا الطرفين غير مهيئين حاليًا لحربٍ قادمةٍ، مستدركاً بقوله : "لكن من الممكن أن تنجر المقاومة لها؛ نتيجة لإطلاق صاروخٍ من أطراف لها مصلحة بوضع القطاع في حالة فوضى". ويعتقد حبيب أنه من الضروري على المقاومة ألا تنساق لحربٍ جديدة يُحدد الاحتلال مكانها وزمانها، وأنه يجب الأخذ بالاعتبار ميزان القوى من ناحية وما تجره أي حرب من ويلات على الشعب من جهة أخرى "بغض النظر عن الانتصار أو الهزيمة فيها". وأشار إلى أنه يجب على المقاومة الأخذ بالاعتبار ضرورة الرد المناسب على كل عدوانٍ بحجمه وبإمكانياته المتوفرة، "لكن دون أن تنجر إلى ما تريده إسرائيل من فرض حرب وفقا لحساباته". وأضاف : "أي حرب قادمة يحب أن تأخذ المقاومة في الاعتبار استعداداتها الكاملة، لتوفير كل ما يلزم من أجل صمود المواطنين، وتوفير عناصر الأمن والسلام لهم، كما هو الحال فيما يتعلق بالاستعدادات الأمنية والعسكرية".

وأفاد المُحلل ناجي شراب بأن غزة وإسرائيل تحكمهما علاقة حرب لا تحكمها ضمانات ولا اتفاقات مكتوبة، موضحاً أن خيار الحرب يحكمه مدركات سياسية يُمكن أن تؤدي لشكلٍ من أشكال الهدوء الأمني على الحدود. ويرى شراب أن الحرب يُمكن أن تندلع  بسرعة تحت أي سببٍ كإطلاق صارخ أو اغتيال شخصية قيادية، مشيراً إلى أن البيئات العربية والإقليمية المُنشغلة بقضاياها الداخلية، والدولية والإدارة الأمريكية التي من المُمكِن أن تعطي إسرائيل حماية دولية ضد أي قرار ضدها في مجلس الأمن، وكذلك الأزمة السياسية داخل إسرائيل الناتجة عن نشر تقرير مراقب الدولة حول حرب غزة عام 2014، بالإضافة إلى تهم الفساد الموجهة لبنيامين نتنياهو، عوامل قد تُشجع إسرائيل في التسريع بشن حرب على غزة. 

ويعتقد أن تصريحات القسام الأخيرة، قد تكون بمثابة قرار حرب بصيغةٍ أو بأخرى، وأن ما تفعله إسرائيل يضع المقاومة في موقفٍ صعب وبموضع تشكيك في أنها غير قادرة على الرد، ما قد يُحدث فجوة بينها والشعب في غزة. ولفت شراب إلى وجود "إرهاصات" لحرب قادمة على غزة، يمكن أن يكون هدفها سياسي، بأن يترتب عليها واقعاً سياسياً جديداً تسعى إليه إسرائيل والمنطقة بأن تكون غزة نواة لدولة فلسطينية في المستقبل، وأهداف أخرى تتمثل برفع الحصار وإقامة ميناء واتفاق مكتوب أو ربما هدنة طويلة الأجل. واتفق المحلل شراب مع سابقه في أن حماس لا تريد حرباً؛ كونها تُدرك أن الحرب تعني دماراً خاصةً أن البنية الاقتصادية والاجتماعية بغزة مُدمرة، كما أنها تُدرك أن البيئة الإقليمية لن تكون حاضنةً للقطاع؛ لأن الوضع الفلسطيني سيء في ظل الانقسام.

ويرى ناجي شراب أنه في حال قررت حماس الحرب، فسيكون قرارها مُتسماً بالجنون السياسي؛ خاصة وأن قطاع غزة يفتقد لمقومات الحرب في الوقت الراهن، مستبعداً اتجاهها لها. أما إسرائيل –وفقا لشُراب- فهي تؤكد عدم رغبتها في الحرب؛ لأنها تدرك أن الحرب لن تحقق أي انتصار، مستدركاً : "لكن يُمكن أن تندلع لأسبابٍ وافية وسريعة". واعتبر شُراب أن "وجود يحيى السنوار على رأس قيادة حماس بغزة، لا يُعجل بالحرب لأنه شخصية تُدرك تداعياتها"، مرجحاً أن تكون شرارة اندلاعها بيد إسرائيل وليس حماس.