قوات الاحتلال الإسرائيلي

شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أخيرًا، في خطوات لتكريس دورها في مقاسمة السلطة الفلسطينية إدارة شؤون الفلسطينيين في الضفة الغربية، وآخرها فتح علاقة مباشرة مع العمال الراغبين في العمل في إسرائيل، مدعية أن هناك حالات "فساد"، وأن هناك من يبيع هذه التصاريح للعمال الفقراء.

وجاء في الإعلان، الذي نشرته سلطات الاحتلال على موقع الإدارة المدنية الإسرائيلية، وهو الاسم الذي يطلق على فرع في الجيش الإسرائيلي المسؤول عن العلاقة اليومية مع الفلسطينيين: "تنفيذًا لوعد قطعه منسق أعمال الحكومة في اتخاذ الإجراءات المناسبة، يتم العمل حاليًا على خطة جديدة لتغيير مسار العمالة في إسرائيل، من شأنها الحد من ظاهرة السمسرة وحماية العمال من تجارة التصاريح"، الأمر الذي اعتبره كثير من الفلسطينيين محاولة لترويج الدور الإسرائيلي المقبل في إدارة شؤون الفلسطينيين.

ولإظهار مزايا هذا الدور، جاء في الإعلان: "تعد دولة إسرائيل مصدرًا اقتصاديًا مهمًا للعديد من السكان الفلسطينيين، اذ يقصدها الآلاف منهم بحثًا عن لقمة العيش وفرص عمل جديدة، من أجل حياة أفضل، لذلك تتخذ وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإجراءات المدنية المناسبة". لكن أعدادًا متزايدة من الفلسطينيين ترفض العمل في إسرائيل، بسبب إجراءات الفحص الأمني التي تجعل العمال يقضون ساعات طويلة على الحواجز العسكرية، وبسبب التمييز العنصري الذي يلاقونه من أرباب العمل، ومن سائقي الحافلات العامة، الذين يرفضون أن يقلوهم في كثير من الأحيان، من أجل الحفاظ على راحة الركاب اليهود، الذين يزعجهم وجود الفلسطيني في الحافلة نفسها. وأشارت مصادر رسمية إسرائيلية، في وقت سابق، إلى أن السلطات وفرت 10 آلاف تصريح عمل جديد لعمال فلسطينيين، العام الماضي، لكن أحدًا لم يتقدم للحصول عليها.

ويذكر ان سلطات الاحتلال الإسرائيلية أعلنت، أخيرًا، عن تأسيس موقع إلكتروني للتعامل المباشر مع الجمهور الفلسطيني، الأمر الذي اعتبره مراقبون استعدادًا لمرحلة جديدة تتقاسم فيها السلطات الإسرائيلية إدارة شؤون الفلسطينيين مع السلطة الفلسطينية. وتضمن الموقع تعليمات لكيفية تقديم طلبات مباشرة للإدارة المدنية الإسرائيلية، للاستيراد والتصدير أو الحصول على تصاريح دخول إلى إسرائيل، بغرض التجارة أو العمل أو العلاج، أو كيفية الدخول إلى الأراضي الزراعية، الواقعة خلف الجدار الفاصل.

وتمثل الإدارة المدنية الإسرائيلية حكومة محلية كبيرة، موازية للسلطة الفلسطينية، إذ تضم 22 مفوضية للوزارات الحكومية، وثماني مديريات تنسيق وارتباط، موزعة في أنحاء الضفة، وفق ما جاء في الموقع. ويرى الكثير من الفلسطينيين في هذه الخطوات محاولة حثيثة من الحكومة الإسرائيلية لتكريس دورها المتنامي في إدارة شؤون الفلسطينيين، بموازاة السلطة الفلسطينية، في مرحلة ما بعد العملية السياسية.

ولا تخفي الحكومة الإسرائيلية مساعيها الرامية إلى تكريس الحكم الذاتي للسلطة الفلسطينية على التجمعات السكانية التي تديرها حاليًا، والتي تشكل 40 % من مساحة الضفة، فيما تتولى الإدارة المدنية في الجيش الإسرائيلي إدارة شؤون الفلسطينيين في المساحة الأكبر، وهي 60 % من الضفة، والتي تخصص السلطات جزءًا كبيرًا منها لمشاريع التوسع الاستيطاني والضم والتهويد.

ونشر موقع الإدارة المدنية، قبل أيام، مقابلة مع وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، موجهة إلى الفلسطينيين، جاء فيها أن اسرائيل مستعدة للموافقة على بناء ميناء ومطار ومناطق صناعية، وتوفير 40 ألف فرصة عمل في قطاع غزة، إذا وافقت حركة "حماس" على تسليمها جثث الجنديين أرون شاؤول وهدار غولدين، وإطلاق المدنيين الإسرائيليين الثلاثة الذين تحتجزهم في قطاع غزة، وتجريد غزة من السلاح.

وأضاف "ليبرمان"، في رسالته الموجهة إلى أهالي قطاع غزة: "لا يوجد أي سبب كي يعيش المدنيون والمواطنون في قطاع غزة في القرن الـ21 بشروط وظروف حياتية تقل كثيرًا عن مستوى مثيلاتها في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) والعالم العربي"، مضيفًا: "في اللحظة التي تتنازل فيها حماس عن الأنفاق والصواريخ، سنكون أول من يستثمر في غزة".

أما بالنسبة إلى الضفة، فاعتبر "ليبرمان" أن المشكلة ليست في الاستيطان والاحتلال، وإنما في عدم وجود ثقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وأن الحل السياسي في الضفة يتمثل في تسهيلات إسرائيلية وخطوات تهدف إلى بناء الثقة في المجال الاقتصادي, وقال إن سياسه حكومته تجاه الفلسطينيين تقوم على تقديم الفائدة للفلسطينيين المستعدين للتعايش مع إسرائيل، مضيفًا: "يجب أن نتقدم نحوهم ونساعدهم في مجال العمل، ومنحهم التصاريح، والقدرة على الحركة بحرية، إذ شاء القدر ان نعيش هنا على هذه الأرض الصغيرة معًا، لذلك هناك حاجة لإدراك ضرورة البحث عن طرق للتعاون، بدلاً من العداء والخصومة".