مظاهرات حاشدة في رام الله

تظاهر فلسطينيون وسط مدينة رام الله في الضفة الغربية، ضد العقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة، مطالبين بوقفها فورا وصرف رواتب الموظفين في القطاع بشكل كامل، في أول تحرك شعبي ضاغط من نوعه في الضفة الغربية، وهتف مئات من المتظاهرين، ليس بعيدا عن مقر الرئاسة في رام الله، ضد العقوبات على غزة، وحمّلوا الرئيس الفلسطيني المسؤولية عن تدهور الأوضاع في القطاع، كما صاح المئات من الشبان والشابات وهم يرفعون الإعلام الفلسطينية "اسمع اسمع يا عباس غزتنا هي الأساس"، و"بالطول بالعرض غزتنا تهز الأرض".

وشوهد نشطاء وأكاديميون ورجال أمن متقاعدون ومحامون وأسرى ضمن المتظاهرين، الذين لبوا نداء لحراك "ارفعوا العقوبات"، وهم يرفعون لافتات من بينها "مطالبنا واضحة.. عقوباتكم فاضحة..أرفعوا العقوبات"، وصورا للمسعفة رزان النجار، التي قتلها الجيش الإسرائيلي على حدود غزة، وكتب تحتها: "رزان توصيكم بأهلها".

وكانت حملة قادها سياسيون ونشطاء فلسطينيون ومن لبنان والأردن، دعت إلى أكبر وجود في المسيرة "لرفع الظلم" عن القطاع، فيما انطلقت المظاهرة من دوار المنارة وسط رام الله، وجابت شوارع المدينة، بدون أي تدخل يذكر للأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تلقت تعليمات بذلك. لكن احتكاكات جانبية كادت تتطور إلى اشتباكات حدثت مع معارضين للمسيرة، قالوا إن حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، هي المسؤولة عن كوارث القطاع وليس السلطة الفلسطينية، وعلّق شبان يُعتقد أنهم من حركة فتح، لافتة ضخمة على دوار المنارة كتب عليها "الانقلاب الحمساوي هو سبب كل المصائب".

وشكّلت المظاهرة الكبيرة مزيدا من الضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الحكومة رامي الحمد الله، من أجل دفعهما للتراجع عن قرارات سابقة اتخذت ضد غزة، شملت إحالة آلاف الموظفين في القطاعين المدني والعسكري إلى التقاعد الإجباري، وحسم نصف الراتب على الموظفين للشهر الثاني على التوالي، علمًا أن هذه الإجراءات بدأت بعد تعثر إتمام المصالحة قبل حوالي عام، وزادت وتيرتها بعد تفجير استهدف موكب رئيس الوزراء في غزة قبل أشهر.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مرارا، إن إجراءاته تهدف إلى إنهاء حالة الانقسام، لكن المتظاهرين وصفوها بـ"الظالمة"، بينما قال العميد المتقاعد يوسف الشرقاوي، الذي شارك في المسيرة، إن كل حر يجب أن يقف مع غزة المظلومة، وأكد المحامي فريد الأطرش، الذي وجد كذلك، يجب رفع العقوبات لأنها غير قانونية وتساعد في استمرار الانقسام.

وتأكيدا على وجود حراك أكبر، دعت المنظمات الأهلية أمس، الاثنين "للمشاركة في اعتصام احتجاجي للمطالبة برفع الإجراءات العقابية التي يفرضها الرئيس محمود عباس وحكومة الوفاق على قطاع غزة، وقالت المنظمات إنها ستنظم اعتصاما أمام مقر منظمة التحرير الفلسطينية.

وجاء الحراك في ظل تهديدات متصاعدة من كوادر في حركة فتح في قطاع غزة بالاستقالة احتجاجا على الإجراءات ضد غزة، وفي ظل دعوات لأعضاء المجلس الوطني والمركزي، وأعضاء اللجنة التنفيذية، للاستقالة احتجاجا على الأوضاع في غزة.

والأسبوع الماضي قدّم مسؤول من الحركة في شمال قطاع غزة، استقالته من منصبه احتجاجا على حسومات الرواتب. ودعا عبد الرحيم الهندي قيادات الحركة الأخرى في القطاع، إلى اتخاذ قرارات جريئة مماثلة والوقوف عند مسؤولياتهم، لأن استهداف الرواتب جعل الموظفين والمناضلين من الحركة "يقفون في طوابير المساعدات"، بينما رحّبت أقاليم في حركة فتح (غزة) التي يتزعمها عباس، بمسيرة رام الله، ووصف إقليم شرق غزة إجراءات الحكومة ضد غزة بالظالمة.

ووصف عضو المكتب السياسي في حركة حماس ومسؤول ملف العلاقات الوطنية فيها، حسام بدران، مسيرة رام الله، بخطوة في الاتجاه الصحيح نحو إنهاء تلك العقوبات، مطالبا السلطة بضرورة الاستجابة لمطالب الشارع الفلسطيني ووقف تلك العقوبات فورا وإلى الأبد، وأشاد "بالجماهير الفلسطينية الحاشدة التي عبرت عن حبها وانتمائها لوطنها، والشخصيات الوطنية والاعتبارية والفصائلية التي أعلت صوتها ونادت بالوحدة وإنهاء العقوبات، ووجهت رسالة قوية لمن يريد أن يستفرد بالقرار الفلسطيني ويعاقب شعبه المحاصر"، فقال "إنه قد آن الأوان لقول كلمة كفى لتلك العقوبات الظالمة، التي تفرضها السلطة الفلسطينية على مليوني فلسطيني في غزة"، داعيا للمشاركة في حملة رفع العقوبات عن غزة حتى تحقق تلك الحملة مطالبها، كما دعا إلى أكبر حراك في الشارع، ليشكّل ذلك "ضغطا حقيقيا على صانعي القرار في السلطة الفلسطينية".

ولم تعقّب السلطة الفلسطينية على المسيرة، لكن ينتظر أن تجتمع اللجنة الوطنية العليا اليوم من أجل مناقشة الوضع في غزة.

وكان صالح رأفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أكد أن اللجنة رفعّت توصيات للرئيس محمود عباس، من أجل إصدار تعليماته لوزارة المالية، باستكمال الراتب الذي صُرف بنسبة 50 في المائة لموظفي السلطة في غزة، بـ50 في المائة أخرى قبل أيام العيد.

وجاءت تصريحات رأفت لاحقة لتصريحات لمحمود العالول، نائب رئيس حركة فتح، كشف فيها النقاب عن اجتماع ستعقده اللجنة المركزية للحركة وحكومة الوفاق، لبحث الأزمة المتعلقة برواتب موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، كما قال إن اللجنة المركزية اتخذت مجموعة من التوجهات، من بينها استكمال دفع رواتب الموظفين في القطاع.