تشييع جثمان الأسير المحرر مازن فقها

أعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، توجيه ضربة أمنية كبيرة لأجهزة مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، في أعقاب جريمة اغتيال الأسير المحرر مازن فقها في الرابع والعشرين من مارس/أذار الماضي. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته الوزارة، صباح، الثلاثاء، لكشف تفاصيل جريمة اغتيال الشهيد "فقها"، بحضور كلّ من اللواء توفيق أبو نعيم وكيل وزارة الداخلية واللواء ركن حسين أبو عاذرة قائد قوات الأمن العام واللواء تيسير البطش مدير عام الشرطة، بالإضافة إلى المتحدث باسم الوزارة إياد البزم.

وكشف اللواء توفيق أبو نعيم، النقاب عن اعتقال 45 عميلًا للاحتلال منذ جريمة الاغتيال، وذلك ضمن عملية أمنية واسعة النطاق حملت اسم "فك الشيفرة"، والتي أُطلقت منذ اللحظات الأولى للجريمة وأُعلن على إثرها الاستنفار الكامل في الأذرع الأمنية كافة، واتُّخذت الإجراءات والتدابير اللازمة لملاحقة الجناة> وأعلن أبو نعيم أن "الأجهزة الأمنية تمكنت من اعتقال المُنفذ المباشر لعملية اغتيال الشهيد مازن فقها، وهو القاتل (أ. ل) 38 عامًا، والذي اعترف بارتكاب الجريمة وارتباطه بأجهزة مخابرات الاحتلال، كما تم اعتقال اثنين من عملاء الاحتلال اعترفا بدورٍ أساسي في عملية الاغتيال من خلال الرصد والمتابعة والتصوير لمسرح الجريمة، وهما (هـ. ع) 44 عامًا، و (ع. ن) 38 عامًا.

وأشار إلى أن الإجراءات التي تم اتخاذها عقب جريمة الاغتيال شملت فرض الإغلاق على المناطق الحدودية البرية والبحرية، ونشر الحواجز الأمنية، إضافة إلى إجراءات أمنية أخرى، وهو ما تُوّج بتوجيه ضربات أمنية كبيرة لأجهزة مخابرات الاحتلال. وقال: "واكب عملية التحقيق في جريمة الاغتيال، عمليةٌ أمنيةٌ واسعةٌ ضد عملاء الاحتلال أثمرت باعتقال 45 عميلًا، في ضربة قاسية لأجهزة مخابرات الاحتلال".

وتم خلال المؤتمر الصحافي عرضٌ مرئي لتفاصيل جريمة اغتيال الشهيد "فقها"، تضمن – بالصوت والصورة – اعترافات العملاء الثلاثة المشاركين في الجريمة وكيفية تجنيدهم من قبل ضُباط مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، والمهام التي كُلفوا بها من تصوير ورصد ومراقبة وتنفيذ، كما اشتمل العرض على مشاهد حقيقية لتحركات العملاء المنفذ المباشر للجريمة أثناء تواجدهم في مسرح الجريمة قبل وبعد تنفيذها.

وحمّل وكيل وزارة الداخلية، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن جريمة اغتيال الشهيد مازن فقها وتبعاتها كافة، وقال: "كشفت التحقيقات أن أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي هي من خططت لجريمة الاغتيال ونفذتها من بدايتها حتى نهايتها"، مضيفًا أن "العملاء اعترفوا بتلقّيهم تعليماتٍ مباشرة من ضباط الاحتلال لتنفيذ هذه الجريمة، التي باتت تفاصيلها وملابساتها كافة مكشوفة أمام أجهزتنا الأمنية".

وكشف أبو نعيم أن التخطيط لعملية الاغتيال استغرق ما يزيد عن ثمانية أشهر، مُشيرًا إلى أن التحقيقات أظهرت "استخدام الاحتلال عملاءَه على الأرض مدعومين بطائرات استطلاع من الجو، ومتابعة مباشرة ولحظية من ضباط المخابرات". كما اتهم أبو نعيم الاحتلال بمحاولة التنصل من مسؤولية التخطيط لجريمة الاغتيال وتدبيرها وتنفيذها، لذلك تم اختيار العميل القاتل (أ. ل) بدقّة مُتناهية في محاولة للتهرب من المسؤولية عن الجريمة، مؤكدًا أن التحقيقات واعترافات العملاء أسقطت هذه المحاولة الفاشلة.

ولفت إلى أن العملاء الثلاثة المشاركين في جريمة الاغتيال، متورطون في جرائم أخرى منها اغتيال عدد من قادة المقاومة وعناصرها، وقصف وتدمير الكثير من المباني والمقار والمؤسسات الحكومية والمدنية، خلال الاعتداءات التي شنها الاحتلال على قطاع غزة في الأعوام 2012،2008، و2014. وأكد اللواء أبو نعيم أن عملية اغتيال الشهيد مازن فقها "تُعتبر علامةً فارقةً في منظومة العمل الأمني في قطاع غزة، وبداية لمرحلةٍ جديدةٍ عنوانها الحسم والمبادرة، وأن العملية الأمنية (فك الشيفرة) لا تزال متواصلةً ضمن سياسة تعميق الجهد لاجتثاث عملاء الاحتلال وحماية جبهتِنا الداخلية".

وتابع القول: "إننا ملتزمون بشعارنا الذي رفعناه منذ إعادة بناء وزارة الداخلية عام 2007، بحفظ الجبهة الداخلية وحماية ظهر المقاومة، وسنبقى الأوفياء لدماء شهداء شعبنا وتضحياته". ووجه أبو نعيم رسالة لعملاء الاحتلال - واصفًا إياهم بـ"الشرذمة الشاذة" عن أصالة شعبنا - قائلًا: "إنكم لن تُفلتوا من يد العدالة، وإن الأجهزةَ الأمنية ستطالُكم حيثما كنتم كما طالت مَن قبلكم، ولن ينفعكم الاحتلال ولا وعوده الزائفة، فإما أن تُسلّموا أنفسَكم وتعودوا لحضنِ شعبكم، أو فلتُواجِهوا مصيرَكم المحتوم".

وتوجه وكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني برسالة شكر إلى جماهير الشعب الفلسطيني، وقال: "نقفُ بكل شموخ وإباء لشعبنا المجاهد الذي تحمّل مشقةَ الإجراءاتِ الأمنية خلال فترة التحقيقات، وكان مُتفهّمًا ومُساندًا للأجهزة الأمنية كما عهدناه دائمًا". كما وجّه تحيةَ الإجلال والتقدير للأجهزة الأمنية كافّة، والتي "تحملت المسؤولية وكانت على قدر الثقة وعظم الأمانة برغم كل العوائق والتحديات، واستطاعت أن تُنجز مهمة تفكيك هذه الجريمة في زمنٍ قياسي، بعدما ظنّ العدوُ أنه أفلت بجريمته".