رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة، تيريزا ماي

سيطرت مفارقات التشكيل الوزاري لحكومة رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة، تيريزا ماي على المشهد الأوروبي، خاصة بعد مفاجأة تعيينها بوريس جونسون المثير للجدل وزيرًا للخارجية، وتولي أنصار "البريكست"مناصب مفصلية في الحكومة الجديدة، وسط ضغوط مكثفة لبدء آلية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، استحدثت ماي حقيبة للملف، فيما طالبت ألمانيا والولايات المتحـدة، الخميــس بالإسراع في بدء محادثات تؤدي إلى خروج منظم وســـريع لتقليـل المخاطر الناجمة عنه.

وأوكلـــت مـاي حقيبـة الخروج إلى وزير الدولة السابق للشؤون الأوروبية ديفيد ديفيس، بعد أن كلفت وزيـر الخارجيـة، فيليب هاموند حقيبة المالية، لكن ما أثار الاهتمام هو اختيارها متصدر حملة الخروج جونسون وزيرًا للخارجية، وهو المعروف بزلاته الدبلوماسية، بعد أن ظنّ كثيرون أنه تم تحييده بعد عزوفه عن الترشح لمنصب رئيس الوزراء.

وقالت ماي "إنها أبلغت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند الأربعاء بأن حكومتها بحاجة إلى وقت قبل بدء المحادثات الخاصة بالخروج من الاتحاد الأوروبي"، وتحدثت ماي أيضًا مع رئيس وزراء إيرلندا بعد ساعات من توليها المنصب، وقالت متحدثة باسم ماي "أكدت رئيسة الوزراء في كل الاتصالات الهاتفية تعهدها بتنفيذ رغبة الشعب البريطاني للخروج من الاتحاد الأوروبي".

ومن جهتها، أوضحت المستشارة الألمانية أنها دعت رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة لمحادثات في برلين وأنها تتطلع للعمل معها، وذكرت ميركل خلال مؤتمر صحافي بعد محادثات في مدينة بشكك في قيرغيزستان "إن مهمتنا أن نعمل عن كثب مع حكومات البلدان الحليفة"، مضيفة أن وجود مشكلات كثيرة في العالم يجعل من التعـاون الوثيق ضرورة، وامتنعت ميركل عن التعليق على قرار ماي المفاجئ باختيار وزيرًا للخارجية.

وقال الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند "كلما أسرعت رئيسة الوزراء في بدء آلية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، تحسنت العلاقة المستقبلية بينهما، وتحسن وضعنا نحن".وأكد جونسون في كلمته الأولى بعد تعيينه وزيرًا للخارجية، الخميس، "هناك فرق هائل بين الخروج من الاتحاد الأوروبي وعلاقاتنا مع أوروبا التي ستتكثف"، موضحًا "بالطبع سننفذ إرادة الشعب التي بدت في الاستفتاء لكن هذا لا يعني إطلاقًا مغادرة أوروبا".

وعلّق وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك آيرولت بالقول، "إن تكليف جونسون حقيبة الخارجية دليل على الأزمة السياسية التي تمر بها بريطانيا بعد الاستفتاء". وأضاف أن جونسون "كذب كثيرًا على البريطانيين في أثناء حملة الخروج من الاتحاد، متابعًا "علينا ألا نتوقف عند هذه النقطة"، بل "العمــل ليتـم خروج بريطانيا من الاتحــاد الأوروبـــي وفـــق شروط جيدة".

ومن جهته، دعا المفوض البريطاني للشؤون الأوروبية المستقيل، جوناثان هيل بلاده والاتحاد الأوروبي إلى التأني في تنظيم الخروج "بهدوء وتعقل، ومنح الجميع الوقت لتحديد مواقفهم"، في مؤتمره الصحافي الأخير في بروكسل في منصب المفوض، وتخلصت ماي من شخصيتين من العيار الثقيل في حكومة كاميرون هما، وزيري المالية جورج أوزبورن الذي أعلنت إقالته مساء الأربعاء والعدل مايكل غوف أحد أبرز أصوات حملة المغادرة الذي كلفت حقيبته إلى ليز تراس سابقًا وزيرة دولة لشؤون البيئة والغذاء والشؤون الريفية، واستبدل أوزبورن بفيليب هاموند الذي يبدو أن تجربته طمأنت الأسواق.

كما أُعلن صباح الخميس تعيين غاستين غريننغ في وزارة التربية، وتعتبر وزيرة الدولة السابقة لشؤون التنمية الدولية من المقربين إلى ماي ودافعت عن بقاء بلدها في الاتحاد الأوروبي في حملة الاستفتاء، واحتفظ جيريمي هانت بحقيبة الصحة.

ويأتي هذا فيما، اتفق وزيرا المالية الألماني فولفغانغ شويبله والأميركي جاك لو، خلال محادثات أجرياهـا في برليـــــن على ضـــرورة جدولة هذه المباحثات من أجّــل إزالة الغمــوض حول مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، كما عينت ماي جريج كلارك لرئاسة وزارة تشكلت حديثًا للأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية، وكذلك آندريا ليدسوم الناشطة البارزة في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وزيرة البيئة والغذاء والشؤون الريفية في مجلس وزرائها الجديد