رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل خلال خطاب له في تركيا

ذكر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، أنّ الشعب الفلسطيني أبدع في العمل المقاوم والنضال في مختلف الظروف المواتية وغير المواتية، بوجود حليف إقليمي أو دولي أو بعدم وجوده.

وحذّر مشعل في كلمة له خلال مؤتمر "قضية فلسطين تقييم استراتيجي 2016 وتقدير استراتيجي 2017" الذي يقيمه مركز الزيتونة، في تركيا الأربعاء، الاحتلال الإسرائيلي من شنّ أي حرب جديدة على قطاع غزة. وقال: "العدو يتوعدنا بحرب جديدة ونحن نُحذره أن خيارنا الوحيد هو الصمود والقتال الضاري بلا هوادة"(..) مشيرًا إلى أنّ تنويع وسائل المقاومة الفلسطينية شكّل رافعة للتجربة النضالية الفلسطينية.

وأضاف مشعل: "يحسب لحماس أنّها أسهمت إسهامًا كبيرًا في إعادة مشروع المقاومة إلى واجهة الصراع بزخم كبير، وتطوير أداوته وبناء جيش محترف وكتائب القسام نموذج لذلك"..وتابع: "كما يحسب لحماس دورها الكبير في حشد جماهير الأمة لصالح القضية والقدس ودعم صمود شعبنا في الداخل وكسر الحصار عن غزة، كما يحسب لها ترسيخ الديمقراطية والشورى في بنيتها الداخلية".

وأكّد أنّ حماس وبعد ثلاثة عقود على انطلاقتها ما تزال محافظة على الثوابت ولم تتغير الرؤية ولا المشروع، منبهًا إلى أن حماس لو قبلت شروط الرباعية لفتحت لها العواصم الدولية كافة. وأشار مشعل إلى أن حركته تجنبت أخطاء الآخرين، ولم يذب تنظيمها في السلطة.

ودعا مشعل في إطار حديثه، إلى إعادة ترتيب أوراق البيت الداخلي الفلسطيني بما يشمل إنهاء الانقسام، وتجديد المؤسسات الوطنية وضخ دماء جديدة فيها وإعادة تفعيل الخارج الفلسطيني. وطالب القيادي الفلسطيني، بإعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني، وإعادة الاعتبار له واستعادة روحه وجوهره بالتوافق بين جميع القوى، و"ضرورة الخروج من التفاصيل التي يريد أن يغرقنا فيها العدو".

وشدد مشعل، على ضرورة التوافق الوطني الفلسطيني على تبني استراتيجية وطنية مشتركة قادرة على مواجهة الاحتلال وحشد عوامل القوة، وقال: "يجب أن نتفق على كيفية إدارة استراتيجية المقاومة بكل وسائلها وتكتيكاتها، وحماس جاهزة لأي استراتيجية تزاوج بين المقاومة والسياسة". وأضاف: "ليس صعبًا أن يكون لدينا هدفنا خلال السنوات المقبلة، بطرد الاحتلال من القدس والضفة وأن نفكك المستوطنات". كما دعا إلى إدارة القرار الوطني إدارة وطنية مشتركة متوافقة مع الأهداف والوسائل، وضبطها مع الفعل الميداني والمقاوم على الأرض، "بحيث يجعلنا أقدر على التعامل مع البيئة الإقليمية المضطربة، والدولية التي تزداد فيها التغيرات".

ونبّه القيادي في حماس، أنّه يحسب للتجربة الوطنية الفلسطينية، أنّ المقاومة ظلت ثابتًا أصيلًا من ثوابت العمل الوطني الفلسطيني، "حتى لو اهتزت وأصابها الخلل في برنامج البعض، ولكنها حالات طارئة، والمقاومة ثبت بالواقع الفلسطيني أنّها عميقة الجذور في الوجدان والثقافة والبرامج لدى مختلف قطاعات شعبنا، بدون المقاومة موت وانكسار".

وأضاف أنّ الشعب الفلسطيني، صمد وقاوم وخاض حروبًا في جميع الظروف وفي أصعب حالات الحصار والخذلان والتآمر.  وقال: "رغم كل التحديات اكتسب شعبنا قدرات ومهارات مميزة تحسب للتجربة الوطنية الفلسطينية ساعده على الصمود والاستمرارية في مقاومة الاحتلال".

وأوضح، أنّه يحسب للتجربة الوطنية أيضًا، القدرة على العمل المؤسسي، حيث استطاعت استيعاب ألوان الطيف والتنوع الفكري والسياسي ومزجه ضمن برامج متقاربة وإشراكه في مرجعيات القرار، وكان منظمة التحرير ظاهرة مهمة لذلك. وتابع: "الشعب الفلسطيني لديه خبرة في العمل الحزبي والسياسي، وساعده على ذلك على أنه لا يعاني من انقسامات عرقية وطائفية، حتى التنوع الديني يعطي زخمًا والمسيحيون هم إخواننا في فلسطين نكن لهم الاحترام".

كما يحسب للتجربة الوطنية – يقول مشعل - نجاحها في بلورة الهوية الوطنية الفلسطينية، حيث جعلت القضية حاضرة لدى الإنسان الفلسطيني في كل أماكن وجوده وأعطاه فرصة للدفاع عن قضيته، ونجحت في تصدير القضية للعالم كله وتحقيق نجاحات كثيرة، ورفض الاستيطان. واختتم في حديثه عن التجربة الوطنية، نجاحها في تحرير جزء من أرض الوطن وهي غزة، وإجبار العدو على الرحيل عنها وتفتيت وهدم مستوطناته "وهو مقدمة لاستكمال مشروع التحرير، وقد نجحت بنقل المعركة إلى عمق الكيان، كما قال. وفي ملاحظاته النقدية على التجربة الوطنية، أشار مشعل إلى أنّ خللاً واضطراباً أصاب استراتيجية التعامل مع الظروف ومواجهة التحديات القاسية، "بحيث جاءت كثيرة من الاجتهادات على حساب الاستراتيجية، مما أصاب المشروع الوطني والحقوق بضرر كبير ودفعنا أثمانا باهظة مقابل مصالح أو تقديرات خاطئة في كثير من الأحيان" كما قال.

وبيّن أنّ فصل ميدان المقاومة عن السياسة أمر مستهجن في تاريخ الشعوب التي تعرضت للاحتلال، مؤكّدًا أنّ الخلل الذي أصاب التجربة الوطنية مرده لسببين أساسيين، وهما غياب أو تغييب المؤسسية والمرجعيات الوطنية عند أخذ القرار السياسي، وأوسلو كانت مثالًا على ذلك، وكذلك خوض الاجتهادات والتكتيكات بالشأن الوطني العام لمصالح شخصيات هنا وهناك، وضرورات القائد أو الفصيل. وأشار إلى أنّ أداء القيادة الفلسطينية كان أقل من تطلعات الشعب وقدرته على الصبر والعطاء.. وفيما يتعلق بالعامل الداخلي، أكّد مشعل أنّ الانقسام وإفشال كل محاولات إنهائه، إذ لم تعد القيادة الفلسطينية تستوعب الشركاء من خلال نظام سياسي، حيث لا تعرف إلا أن يكون النظام السياسي عمودًا فقريًا والآخرون شركاء من خلال كوتات وأدوار محسومة ومحسوبة بدقة.