ميناء الصيادين في غزة

يهرب العشرات من مواطني فلسطين من زحام الحياة في المدن والمخيمات، أو من أطفال يلحون عليهم بطلبات كثيرة وهم عاجزون عن تلبيتها.ويلقون بأنفسهم على مقاعد حجرية يحدقون في البحر ويسرحون بعيدًا عن المكان ،لا يقطع هدوء المكان إلا أصوات الباعة المتجولين وهم يعرضون حاجاتهم أمام المشترين.

وتوافد الأحد،  العشرات في جنبات ميناء الصيادين كل واحد منهم يحمل همه الخاص على أمل أن يعود إلى بيته بنفسية مختلفة ,قال المواطن نبيل جابر 44 عامًا الذي جاء بصحبه ولديه  " جئت إلى هنا هربًا من ضجيج المخيم" .

وأضاف " في الغالب آتي إلى هنا عندما أشعر بالملل والضجر وأحاول تغيير روتين الحياة ، آتي إلى الميناء طلبًا للراحة والهدوء فأغلب الناس يأتون إلى هنا لأنه المتنفس الوحيد الذي يمكن أن تمضي فيه وقتًا طويلًا من دون أن يكلفك ذلك كثيرًا من المال خاصة عندما تحضر حاجياتك معك من البيت.

ويأتي المواطن جابر مثله مثل غالبية الناس مع عائلته ويجلس هناك هربًا من رتابة الأمكنة ومحدوديتها في القطاع وان وجدت تكون مكلفة ترهق جيوبهم.

و يمكنك سماع عشرات القصص المشابهة لقصة " جابر" وإذا تجولت أكثر تصادف الكثير من طالبات الجامعات اللواتي يحضرن في أوقات الفراغ الجامعي يجلسن هناك ويتناولن الأطعمة الخفيفة ويدردشن كثيرًا ومن ثم يعدن إلى أجواء الجامعة.

تقول الطالبتان أبرار، جيهان في العشرينات من أعمارهن أنهن يأتين كل شهر طلبًا للراحة والتغير والخروج من الجو الجامعي معربات عن رضاهن من الأسعار المقبولة داخل الميناء لكنهن يعترضن على نظافة المكان والكراسي التي تنتشر أمامها وبينها شباك الصيادين.

 ويأتي أحمد المناصرة رب أسرة مكونة من 6 أفراد إلى الميناء من حي الشجاعية شرق المدنية مع عربته المتواضعة عارضًا أمام الناس المشروبات الساخنة، منذ ساعات الصباح الأولى حتى ساعات الليل المتأخرة بعد أن فقد عمله الأساسي في البناء بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة في قطاع غزة.

و يطلق تنهيدة صغيرة ثم  يقول " الوضع هنا سيء للغاية وأعود إلى عائلتي كل يوم بقليل من الشواكل التي لا تكفي لإعالة أسرتي .

وتابع" آمل ان يتحسن الوضع خلال شهور الصيف المقبلة، وأن تتوقف وزارة النقل والمواصلات عن مطاردتنا وإجبارنا على تغيير اماكننا والوقوف بعيدًا عن المكان الذي يرتاده الناس.

وتساءل " إذا ابتعدنا عن هذا المكان فكيف سيأتي المشترون؟

ويتفق زميله نائل الدريملي  من حي الصبرة الذي يعيل 6 افراد مع ما ذهب إليه زميله المناصرة مؤكدا أن إقبال الناس على الشراء ضعيف جدًا قياسا بالحركة الشرائية العام الماضي.

وتابع" الخصومات التي جرت على رواتب الموظفين والوضع لاقتصادي المتدهور أثرت على البيع والشراء في الميناء حيث غالبا ما يأتي المصطافون ويعودون إلى بيوتهم من دون أن يشتروا شيئًا.

و قال بشيء من السخرية "انظر إلى دفتر الديون، لقد تكدست الأسماء التي تستدين مني على أمل السداد في وقت لاحق لكنهم لا يأتون".

ويجلس الدريملي الذي يبيع المشروبات الساخنة من العاشرة صباحًا حتى العاشرة ليلًا كما يقول ليعود ببعض شواكل إلى عائلته مؤكدًا أنها لا تكفي لحياة كريمة.


 لم يفقد المواطنون والباعة والصيادون الأمل بغد أفضل، في ميناء الصيادين  وعلى وقع أمنياتهم تبدو غزة في الخلف قوية شامخة قادرة على مواجهة البحر كما فعلت منذ آلاف السنين.